انقسم الحزب الحاكم في الجزائر إلى ثلاثة أجنحة، ترقباً لموعد الإنتخابات الرئاسية المقررة في أبريل 2014، بين ثلاثة أمناء عامين قادوا كلهم جبهة التحرير الوطني، ويتعلق الأمر بكل من علي بن فليس وعبدالعزيز بلخادم وعمار سعداني. وقبل 48 ساعة كان الحديث في حزب جبهة التحرير الوطني، يدور حول جناح يتزعمه الأمين العام للحزب عمار سعداني ويعمل لحساب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ،الذي يقود البلاد منذ عام 1999 ويرأس شرفيا جبهة التحرير. أما الجناح الثاني في الحزب الحاكم، فهو جناح علي بن فليس رئيس الوزراء الأسبق، في فترة (2000 و2003). لكن الظهور المفاجئ لعبدالعزيز بلخادم رجل ثقة الرئيس بوتفليقة السابق وممثله الشخصي لسنوات طويلة، أول أمس السبت في لقاء نظمه جناح سعداني، أعطى الانطباع لدى المراقبين بوجود نوايا لدى بلخادم بالترشح للرئاسيات المقبلة. وتسبب الطرح بوجود جناح يعمل في الخفاء لبلخادم، في انزعاج الأمين العام للحزب الحاكم، عمار سعداني، خلال مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة، الأحد، حيث قال فيه إن "جبهة التحرير ليست ظهراً يركب ولا ضرعا يحلب"، ومعيباً على الصحافة اشتغالها بحضور بلخادم وحده من بين 16 ألف شخص حضروا التجمع الموجه أساساً لدعوة الرئيس بوتفليقة، كي يقبل ترشيح الحزب الحاكم له لولاية رابعة. المراقبون يطلقون وصف "الحزب-الجهاز" للتعبير عما يجري في جبهة التحرير الوطني، وهو أقدم حزب سياسي في البلاد، وحاضنة أغلب رؤساء الجزائر منذ الاستقلال وحتى اليوم. وساد غموض وضبابية كبيران على موقف الرئيس بوتفليقة من الترشح لولاية رابعة، في ظل تراجع وضعه الصحي، وفي ظل إسقاط تعديل الدستور من أجندته السياسية، قبيل انتخابات الرئاسة. ويبدو أن هذه الضبابية هي التي حفّزت رجل ثقته السابق، عبدالعزيز بلخادم، للظهور إعلامياً، بداية الأسبوع، وهو الغائب منذ أشهر طويلة. وقال بلخادم للصحافة إنه "سيدرس فكرة الترشح للرئاسيات في حال تأكد عدم ترشح بوتفليقة". وأعلن قيادي يوجد في الظل، هو العياشي دعودوعة إنه يقف في "جناح بلخادم ومعه مجموعة كبيرة ترى فيه الشخص المناسب". بن فليس.. الرجل الثاني الأوفر حظاً أما في ما يخص جناح علي بن فليس، فتقول المعلومات المتوفرة إنه سيعلن ترشحه الرسمي يوم 19 يناير المقبل، بعد استدعاء الهيئة الناخبة بيومين. ويعمل لحساب بن فليس أسماء لها وزنها في جبهة التحرير (الحزب الحاكم)، يتقدمهم عبدالكريم عبادة، "القيادي المشاكس"، كما يوصف. وكان بن فليس قد أعلن لمقربيه أنه سيعلن موقفه قبل نهاية العام 2013، لكن أجل الإعلان أكثر من مرة، وربط مراقبون ذلك، برغبته في الحصول على دعم جبهة التحرير الوطني، إذا تأكد فعلا عدم ترشح بوتفليقة. ويرى بن فليس نفسه أقوى المرشحين المحتملين لخلافة بوتفليقة، والأقوى للفوز بثقة الحزب الحاكم في الجزائر، كما أنه قال لمقربيه، إنه "في كل الأحوال سيترشح للرئاسة حتى ولو ترشح بوتفليقة". وهذا يعني أن علي بن فليس جهز عدة خيارات لإعلان ترشحه لانتخابات أبريل 2014، دون تجاهل مآلات الحراك الشديد في جبهة التحرير الوطني. ومن التقاليد السياسية في الجزائر، خصوصا في الحزب الحاكم، هو "التئام" القيادة السياسية للحزب والقاعدة الشعبية، على مرشح واحد عندما تتضح "اتجاهات الريح"، كما يقال، في إشارة إلى رأي الجهات السيادية في البلد. لكن ما يثير الاستغراب لدى قطاع واسع من المراقبين، حجم النقد الشديد الذي يستمر في توجيهه عمار سعداني، لهذه الجهات السيادية، حيث جدد أمس الأحد تأكيده على أن "انتخابات الرئاسة المقبلة لن يكون فيها للمخابرات أي دور".