الحب والقبل ليست من الامور المستجدة على عالم الشباب وحتى في المجتمعات المحافظة والمتزمتة، لكنها كانت وستبقى من الامور الحميمة والخاصة، بغض النظر ما اذا كنا نوافق عليها ام لا. إلا ان هذا الامر لم يعد كذلك بالنسبة لمراهقين مغربيين من مدينة الناضور، بعد ان وصلت صورهما الى الفيسبوك وهما يتبادلان القبل. فتحولت المسألة الى قضية آداب عامة بالنسبة للشرطة التي استدعتهما للتحقيق، والى قضية مس بالحرية الفردية بالنسبة لعدد من الناشطين المغاربة الذين سارعوا للتضامن مع المراهقين مطلقين حملة القبل. مليون بوسة انتشرت مؤخرا صور لمراهقين يقبلان بعضهما البعض في مدينة الناضور ويبدو ان احدهم قد التقط صورا لهما ونشرها على الفيسبوك، حيث تم تداولها بكثرة واثارت ضجة كبيرة. مما ادى الى استدعاء الشرطة لهما اول من امس للتحقيق معهما على خلفية هذه الصور "المخلة بالآداب العامة". فور انتشار خبر اعتقال القاصرين سارعت الناشطة في حركة مالي ابتسام لشكر الى اطلاق عملية مليون بوسة من الفم الى الفم، وذلك في إطار حملة دعم لهما. ونشرت صورة قبلة لها مع الناشط في حركة مالي سفيان فارس. ومثلها فعلت الصحافية زينب لغزيوي وكتبت "هذه قبلتي تضامنا مع التلميذين المعتقلين فأن تقبل معناه ان تعيش بكل بساطة". الامر الذي اثار الكثير من ردود الفعل الساخطة والمرحبة والتي غصت بها الصفحات المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي. وانتشرت صور القبل والاحتجاجات عليها، وانقسمت الآراء حول ما فعله القاصرين، بين مؤكد ان القبلة هي "خدش للحياء العام"، وشاجب لاعتقال مراهقين قاصرين بسبب قبلة لان هذا "اختراق صارخ لحقوق الانسان". همروجة فيسبوكية لكن ما يحصل يطرح السؤال حول ما اذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تحولت الى لعنة على مستخدميها، حيث يمكن بسهولة لحاقد او مستهتر ان يحول ما هو خاص وحميم الى عام ومثير للجدل عبر وضعه في منبر عام ومتاح مثل الفيسبوك. فتتحول صورة خاصة حميمة الى قضية عامة تثير الخلاف والجدل. كما يطرح السؤال ايضا حول دور "نشطاء الفيسبوك" وحملاتهم التي تدخل بعد عدة ايام في طي النسيان من دون فائدة ترجى، وقد تتسبب باضرار كثيرة للضحايا انفسهم. إذ ان مثل هذه الهمروجة الفيسبوكية حول قبلة قد لا تفيد هذين المراهقين، على عكس ما يظنه البعض، ولن تغير بكبسة زر العادات والتقاليد في المجتمع، وخاصة بهذا الاسلوب الجريء والذي قد يعتبره البعض استفزازيا. مما يجعل ردة الفعل المضادة اعنف واقسى على مثل هذين المراهقين، خاصة بعد هذا التشهير الذي لحق بهما. في المقابل، وجهة نظر ثانية تؤكد على ان هذه الضجة المثارة ليست حول القبلة تحديدا، بل ردا على تصرف الشرطة واعتقالها لهذين المراهقين والتحقيق معهما كما لو اقترفا جرما ما، في وقت إن تصرفهما هذا يدخل في إطار الحرية الفردية التي يجب احترامها. وما قاما به ليس فريدا من نوعه ويحصل غالبا وحتى في الشوارع العامة. ومن هنا إستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للاضاءة على الموضوع وليس للتشهير بهما واستغلالهما لمحاربة التقاليد والعادات من على منابر الفيسبوك. بل للتوعية حول قضية اساسية وهي الحرية الفردية التي يجب ان تصان. التغيير من الداخل تنوعت التعليقات حول قبلة المراهقين وبين الإدانة والدفاع عنهما ارتفعت اصوات مغايرة تدين الغاضبين والمدافعين، إذ ان الحل ليس بمعاقبة قاصرين على قبلة، ولا بالدعوة الى إطلاق حملات عقيمة تشجع المراهقين على تبادل القبل في الشوارع. وفي هذا الاطار كتب صحفي مغربي على صفحته على الفيسبوك التالي: " قضية قبلات مراهقين في الناضور واعتقالهم الهمت اشباه الحداثيين ليطفو على السطح من جديد. يغيبون عن المعارك الحقيقية كاستقلال القضاء وحرية التعبير ويظهرون في مثل هذه المواقف... بدل المطالبة باطلاق الشابين اللذان تنتفي حالة التلبس في قضيتهما ومتابعة من نشر صورهما على مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت اصوات تدعوا للقبل على قارعة الطريق. اقول لهؤلاء ابدا باقتاع ابويك بالقيام بذلك. التعالي على المجتمع بدعوة انه منافق او متخلف يعبر عن وهن وضعف. اذا لم تستطع تغيير المجتمع فربما العيب فيك. يكفي ما حصل من ضرر للشابين على المستوى النفسي و الجسدي ومعاناة الاهل التي ستبقى وشما يتابعهم .ادعوا الى اطلاق سراحهم ومن كان منا لم يقبل فليرميهم بحجر".