قال عبد العظيم الكروج٬ الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة٬ ورئيس مؤتمر الدول الاطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد٬ مساء أمس الاحد في بيروت، إن المغرب اعتبر محاربة الفساد خيارا حاسما ورهانا استراتيجيا لتكريس مبادئ التدبير الجدي للشأن العام وترسيخ الحكامة الجيدة. وأضاف الكروج٬ في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الرابع ل"الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد" على المستوى الوزاري٬ أن المملكة بذلت في السنوات القليلة الماضية مجهودات كبيرة لمواجهة آفة الفساد سواء على المستوى المؤسساتي كإحداث وحدة لمعالجة المعلومات المالية المرتبطة بغسل الاموال٬ والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة٬ أو على المستوى القانوني كمحاربة الاغتناء اللامشروع من خلال مراجعة وإصدار القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وضمان الحماية القانونية للمبلغين عن أفعال الارتشاء. الوزير الى أن هذه الاصلاحات الهيكلية٬ التي ترجمت بوضوح الارادة السياسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ توجت بالمراجعة الدستورية الإرادية لسنة 2011 ٬ والتي تضمنت عدة إصلاحات هامة لدعم الحكامة الجيدة بما فيها المنظومة الوطنية للنزاهة. وذكر في هذا الاطار بوضع إطار مؤسساتي جديد للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة التي تمت دسترتها٬ بحيث تم التنصيص في الدستور على استقلالية الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة٬ "وهو ما يعني أن صلاحياتها لن تكون تحت تأثير أي جهة مما سيمنحها إمكانيات أكبر للقيام بعملها بشكل فعال وناجع"٬ بالإضافة الى إعداد مشروع قانون يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات٬ ووضع منظومة قانونية تنظم التعيين في المناصب العليا. وأعرب الكروج عن اعتقاده بأن المرحلة الراهنة٬ في الوطن العربي٬ تقتضي التجديد والابتكار في معالجة إشكالية الفساد عبر تبني استراتيجية وطنية مندمجة لمواجهة هذه الظاهرة٬ ترتكز على التطبيق الصارم للقوانين والوقاية من الفساد٬ والتحسيس والتربية٬ وذلك عبر تكريس الالتقائية على مستوى البرامج أفقيا وقطاعيا وتفعيلها بإجراءات ملموسة وذات وقع مباشر على المواطن وعلى المقاولة٬ واعتماد الشراكة بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ومختلف فعاليات المجتمع المدني. ويرى الوزير أن الفساد لم يعد اليوم مجرد مشكلة داخلية مرتبطة بالخصوصيات الوطنية فحسب٬ بل أصبحت له أبعاد عالمية ساهمت العولمة والثورة المعلوماتية في تعقد أنماطه وأشكاله وتداخله مع عدة جرائم أخرى٬ مشيرا الى أنه لضمان شروط نجاح الوقاية من الفساد ومحاربته يجب تضافر جهود الحكومات والبرلمانات والهيئات السياسية والمنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والمجتمع المدني والمواطنين لتكريس وإشاعة ثقافة المسؤولية والشفافية في أفق تنمية مستدامة. من جهته٬ ذكر عبد السلام أبو درار رئيس (الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة)٬ ورئيس (الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد)٬ بأن الدستور الجديد للمملكة خصص مكانة هامة للمشاركة المجتمعية من خلال الفصل 13 منه الذي يحث السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها. وأضاف أن هذا الدستور اعتمد دسترة مبادئ ومؤسسات الحكامة والتخليق ومكافحة الفساد ليؤكد بذلك أن هذه المبادئ أضحت أمرا لا محيد عنه في أي سياسة وطنية لتدبير الشأن العام٬ مشيرا الى أن هذه المبادئ باتت خيارا حاسما للحيلولة دون تأثير الفساد على التوجهات الديمقراطية والاختيارات التنموية والانفتاح المتزايد للبلدان العربية. وأكد أبو درار أن (الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد) بادرت منذ اعتمادها لبرنامجها في أبريل عام 2009 بتنظيم مجموعة من اللقاءات العلمية وتقديم المساعدة التقنية للدول والمؤسسات المنضوية تحت لوائها٬ خاصة ما يتعلق بتوفير الخبرة في مجال التجاوب مع آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد وتعزيز التعاون بين الدول في مجال استرداد الموجودات والمساعدة القضائية المتبادلة. أما نجيب ميقاتي٬ رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية٬ فقد أشار٬ في كلمته٬ الى أن الحديث عن الفساد في المنطقة العربية ظل لعقود من المحرمات٬ مشددا على أنه حان الوقت لمزيد من الحكمة والشجاعة وإيجاد أفكار جديدة من أجل إطلاق عملية محاربة الفساد عبر إطلاق مؤسسات تعنى بالأمر. ويرى ميقاتي أنه "لا يمكن معالجة الفساد في مختلف القطاعات من دون إصلاح سياسي يفك الارتباط بين الدولة والقوى السياسية٬ ذلك أنه كلما فسد العمل السياسي انعكس ذلك على أداء الدولة".