ارتفع عجز ميزان التجارة الخارجية في المغرب إلى 197 بليون درهم (نحو 23.4 بليون دولار) العام الماضي، بزيادة ثمانية في المئة، نتيجة ارتفاع الواردات من الطاقة والمواد الأولية والغذائية، واستقرار الصادرات بسبب الأزمة الاقتصادية داخل أسواق الاتحاد الأوروبي. وأظهر تقرير أصدره مكتب الصرف المشرف على التجارة الخارجية والنقد الأجنبي أن مجموع المبادلات السلعية مع الخارج بلغ 564 بليون درهم، منها 380 بليوناً للواردات، بينما قُدرت واردات الطاقة فقط ب 104 بلايين درهم، ومشتريات القمح من السوق الدولية ب 11،6 بليون درهم، وهي المرة الأولى التي يفوق عجز التجارة الخارجية مجموع الصادرات السلعية التي بلغت 183 بليون درهم. وعزا «تنامي عجز المدفوعات الخارجية إلى ارتفاع الأسعار في السوق الدولية، إذ اشترت الرباط النفط ب 111 دولاراً للبرميل، بينما كانت توقعات الموازنة السابقة حددته ب 100 دولار، ما انعكس سلباً على احتياط البلد من العملات الصعبة الذي انخفض من 200 بليون درهم نهاية عام 2010 إلى 132 بليوناً نهاية العام الماضي». وأشار إلى أن «الحكومة أنفقت نحو 48 بليون درهم لدعم أسعار المحروقات في السوق المحلية، وفرضت زيادة على المستهلكين قدرت بخمسة بلايين درهم خلال ستة أشهر». وكان عجز التجارة الخارجية لا يتجاوز 44 بليون درهم عام 2002، وارتفع إلى 170 بليوناً عام 2008 حين بدأت الأزمة العالمية التي حدت من نمو الصادرات المغربية نحو الأسواق الأوروبية. ولفت محللون إلى أن «وتيرة الواردات بقيت تنمو بمعدل الضعف مقارنة بالصادرات التي لم ترتفع إلا 4.7 في المئة، ما حد من استفادة الرباط من تحرير تجارتها الخارجية وتوقيع اتفاقات مناطق حرة مع بعض الأسواق في شمال القارة الأميركية والدول الأوروبية وتركيا وبعض الدول العربية واللاتينية. في المقابل تضرّرت الصناعات المغربية من منافسة غريماتها الأسيوية المنخفضة الكلفة، ما أغرق السوق المحلية بسلع استهلاكية قليلة الجودة، وأوجدت عادات من التسوق فاقت موازنات الأسر التي اقترضت من المصارف لشراء تلك السلع التجهيزية والإلكترونية التي تدفع إلى مورديها بالعملات الصعبة التي يشكو المغرب من ندرتها. ويمثل عجز التجارة مع الخارج قلقاً لواضعي الموازنة في وقت تراجعت عائدات السياحة 2،5 في المئة إلى 58 بليون درهم، وتحويلات المغتربين أربعة في المئة إلى 56 بليوناً، واستقرت الاستثمارات الخارجية عند 30 بليوناً، بينما جرت العادة أن تتحمل هذه الإيرادات فارق حساب المدفوعات الخارجية إذ يقدر العجز حالياً بنحو 23 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وسجلت مبيعات المغرب من الفوسفات تحسناً ملحوظاً مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الأولية وبلغت عائداته 49 بليون درهم، بينما تراهن البلاد على مضاعفة صادراتها من مشتقات الفوسفات في السنوات المقبلة لمواجهة كلفة واردات الطاقة.