لاحظت قوى الأمن الإسبانية العاملة في مراقبة الحدود بين المغرب وإسبانيا في منطقة مضيق البوغاز طفرة نوعية في طرق المافيات التي تتاجر في نقل المرشحين للهجرة السرية إلى التراب الإسباني. فقد بدأت تلقن المهاجرين (كذا!) دروسا في قيادة القوارب المطاطية السريعة (الزودياك) لنقل أنفسهم بأنفسهم. فالأسلوب التقليدي، إن جاز التعبير، في هذه العمليات، كان يتمثل في نقل المهاجرين كان يتمثل في إركابهم زورقا مطاطيا يقوده عضو في المافيا أو أحد سائقي الزوارق، من المغاربة في أغلب الأحيان، وهو المشرف على إيصالهم إلى شواطئ إقليم الأندلس أو المناطق الشرقية الإسبانية، ليعود بعد ذلك إلى المغرب. أما الآن فيتم اختيار أحد المهاجرين لقيادة الزورق، ويتم تلقينه المبادئ الأساسية قبل أن يخوض عباب البحر، وتفضل هذه العصابات المنظمة أن يتم ذلك في الظروف الجوية السيئة لأن مراقبة الحدود تكون أخف. ويؤدي المرشحون للهجرة، وأكثر من ثلاثة أرباعهم من الأفارقة مادون الصحراء، ما معدله 2000 يورو عن الرحلة، في زوارق هشة لا تصمد أمام عواصف البوغاز، وتنتهي بكثير منها حطاما على شواطئ منطقة الأندلس والشرق الإسباني الفاتنة. وبيني وبينكم، ونحن نعرف بعضنا جيدا، أغلب الظن أن المشرفين على العمليات قد تنبهوا إلى أنهم يتحملون "تكاليف" لا داعي لها. فبالطريقة التقليدية، يجب الدفع للسائق، وكذا مساعدته مدعمه في حال اعتقاله، أما الطريقة الجديدة، فهي "اقتصادية" لأن المافيا لا تلتزم بوصول المهاجرين بسلام لأن الدفع مسبق، وإذا حصل مكروه لاقدر الله، ف"من تم لهيه"، مع كامل الأسف.