موضوع التنمية مع جائحة كوفيد-19 أصبح اشكال حقيقي يحدد مسار مختلف للتوجه السياسي الدولي، كل المفاهيم تغيرت في النظرة والطرح والتحليل خصوصا الجانب الاقتصادي والاجتماعي للفرد. فمؤشر التنمية البشرية في العالم لا يبشر بالخير في ظل دراسات تقدم أرقام مخيفة عن الأوضاع الاقتصادية لهذا الفيروس في العالم وفتح النقاش السياسي الجاد حول الحلول التي تناسب الظرفية الراهنة. لنعد الى التحليل لوضعية المغرب في مجال التنمية فإدراك وضع المغرب الاقتصادي نتيجة التوجه الدائم نحو الأبناك الدولية المانحة، كل هذا يدفع الى التبعية العميقة. فالتقرير الأممالمتحدة النمائي لسنة 2019 احتل المغرب الرتبة 121 عالميا من بين 189 دولة، بالإضافة إلى أن هذا التقرير كشف نسبة 45% من المغاربة يعانون الفقر الشديد هذه النسبة تعتمد على تصنيف متعدد الأبعاد للفقر. إذا كان كل هذا يعاني منه المغرب قبل كورونا فما بالك بالوضعية بعد كورونا؟ هنا نعمق النقاش في السياسة التنموية للمغرب، التي تعاني الضعف حسب التقارير الدولية في الخدمات والمبادرات، رغم الشعارات التي جسدت التدبير التشاركي كمحدد أساسي للتنمية لكنها استمرت عاجزة عن تحقيق الأهداف التنموية. السؤال الذي يطرحه سياق النقاش في الموضوع ماذا قدمت الميزانيات السنوية لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه الفترة، التي اعتبرت اختبار حقيقي لأي مشروع تنموي كان يراهن على التنمية الفردية بمفهومها الشامل؟ الآن نحن أمام مرحلة القرارات الحكيمة في مجال التنمية والتدبير وبناء نسق مفاهيمي من قلب أزمة كورونا، باعتبار البنية الداخلية هي الحل الانسب لمواجهة وإعطاء مفهوم حقيقي للتنمية، في إطار دراسة موضوعية تشمل العديد من التخصصات، التي تتقاطع مع هذا المفهوم في الدراسة العلمية، واقتراح الحلول بناء على رؤية إستراتيجية محكمة وموضوعية، فإن غياب هذه المقاربة السوسيو-إقتصادية أدت في فترات السابقة إلى عدم تحقيق الأهداف واقعيا. كل هذا التحليل يجعلنا أمام التنمية كقطب متعدد المفاهيم، باعتباره يركز على العنصر البشري كمحور كل عمل تنموي، نتيجة رفع الوعي بذات الإنسان ومهاراته ومقومات الكرامة والحرية التي تمنح بيئة سليمة للتنمية الفردية. نحتاج اليوم للتساؤل أكثر من تقديم أجوبة حول التنمية في زمن كورونا، لأن قوة السؤال ترفع درجة الوعي بموضوع التساؤل، فالسؤال القوي يمكننا من ايجاد حلول وفق امكانيات المتاحة داخليا، فسياق الظرفية يسمح لنا بتساؤل حول ما قدمت مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه الفترة، التي اعتبرت حسب العديد من الخبراء التنمية حول العالم اختبار حقيقي لأي مشروع تنموي يراهن على التنمية الفردية بمفهومها الشامل؟