هي سابقة في إسبانيا وفي أوروبا تلك التي وقعها الادعاء العام لدى المحكمة العليا الإسبانية، الذي أعلن اليوم، الاثنين 8 يونيو 2020، عن فتح تحقيق قضائي مع ملك إسبانيا الأسبق خوان كارلوس للاشتباه في تلقيه رشاوي من العاهل السعودي الأسبق الملك عبد الله لتسهيل مشروع قطار مكة السريع لنقل الحجاج. وفي بيان له، أكد المدعي العام لدى المحكمة العليا أن هذا التحقيق يهدف إلى “تحديد ما إدا كانت الأفعال [المنسوبة إلى العاهل الإسباني الأسبق] ترقى إلى مستوى أفعال إجرامية أم لا” وأن التحقيق سيركز على الفترة الممتدة منذ يونيو 2014، وهو تاريخ تنازل الملك خوان كالوس عن الحكم لفائدة ابنه الملك الحالي فيليبي السادس. ففي مارس الماضي أوردت صحيفة “تريبيون دي جنيف” اليومية أنه في عام 2008 تلقى خوان كارلوس مبلغ 100 مليون دولار (88 مليون يورو) من الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز عبر حساب سويسري لكيان مسجل في بنما. وأضافت الصحيفة أنه في عام 2012 أعطى الملك عبد الله 65 مليون دولار من هذا المبلغ إلى عشيقة الملك الأسباني خوان كارلوس السابقة كورينا زو ساين ويتغنشتاين. ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من الملف قولها إن هذه التحويلات في قلب تحقيق فتحته السلطات في جنيف عام 2018 ل”الاشتباه بعملية غسل أموال واسعة”. وفقد خوان كارلوس البالغ من العمر 82 عاما حصانته بعد تنازله عن العرش لابنه فيليبي في يونيو 2014 بعد جلوسه قرابة 39 عاما على عرش اسبانيا. وكانت النيابة العامة قد أعلنت في الخامس من يونيو الجاري، تعيين المدعي العام المتخصص في الجرائم الاقتصادية، خوان إغناسيو كامبوس للتحقيق في هذه القضية “بالنظر إلى الأهمية المؤسسية لهذا التحقيق، يتم تعيين الشخص الذي يستوفي أعلى فئة من المهنة المالية، ولديه مؤهلات وخبرات استثنائية” للتحقيق في “قضية معقدة للغاية”. وفي شهر مارس الماضي، قرر البرلمان الإسباني عدم فتح تحقيق في قضية غسل أموال التي يشتبه أن الملك السابق خوان كارلوس تلقاها من قبل السعودية، حيث قال مصدر في البرلمان إن حزب بوديموس الإسباني اليساري طالب بفتح تحقيق في القضية، لكن هيئة برلمانية “رفضت طلبه تشكيل لجنة تحقيق”. فضيحة رشاوي قطار مكة تدفع الملك فيليبي للتخلي عن ميراثه وبسبب هذه الفضيحة، أصدر القصر الملكي الإسباني، في 15 مارس 2020، بيانا يؤكد فيه تخلي الملك فيلبي السادس عن ميراث أبيه الملك الأب خوان كارلوس وحرمانه من الراتب الشهري. وأكد بيان القصر الملكي أن فيلبي السادس يتنازل عن حقه في أي ميراث من والده الملك الأب خوان كارلوس لا يتوافق والقانون، مضيفا أن الملك فيليبي السادس قرر أيضا سحب الراتب الذي سيتوصل به الملك الأب من ميزانية القصر وقدره قرابة 200 ألف يورو سنويا. وشدد البيان على أن فيلبي السادس لم يكن يعلم أنه جرى تعيينه كمستفيد في مؤسسة زاغاتا ومؤسسة لوكوم، المشبه في تورطهما في هذه الفضيحة، في حال وفاة والده خوان كارلوس وأنه توصل من قسم دولي للمحاماة بهذا الخبر السنة الماضية، ومباشرة قام بتحرير إشهاد أمام موثق يشهد فيه بعدم صلته بالمؤسستين وأبلغ السلطات بذلك. وأوضح القصر الملكي في مدريد أن هذا القرار تم اتخاذه حتى يكون الملك فيلبي السادس في مستوى التعهدات التي قطعها على نفسه خلال خطاب توليه العرش في يونيو 2014، حيث التزم بالشفافية أمام المواطنين.