في الوقت الذي تحارب فيه إسبانيا، على غرار مجموعة من دول العالم، السراب متمثلا في «فيروس» كورونا، وتحاول فيه أن تدبر واحدة من أكبر أزماتها، وجد العاهل الإسباني فيليبي السادس نفسه مجبرا على تدبير أزمة من نوع آخر، تتمثل في فضيحة تورط والده في رشاوى وعمولات مصدرها المملكة العربية السعودية. يوم الأحد الماضي، وعندما لجأ ملايين الإسبان إلى الحجر على أنفسهم، أصدر القصر الملكي في إسبانيا بلاغا يؤكد فيه الملك فيليبي السادس التخلي عن ميراث أبيه الملك الأب خوان كارلوس، وحرمانه من الراتب الشهري، تزامنا مع حديث العديد من الصحف البريطانية عما أسمته «فضيحة» فيليبي السادس. فنقرأ مثلا في بلاغ القصر أن فيليبي السادس يتنازل عن حقه في أي ميراث من والده الملك الأب خوان كارلوس لا يتوافق والقانون. وفي فقرة أخرى نقرأ قرار الملك سحب الراتب الذي سيتوصل به الملك الأب من ميزانية القصر، وقدره قرابة 200 ألف يورو سنويا. فما الذي حدث بالضبط؟ البيان يحاول أن يجيب عن جزء من هذا السؤال، عندما يبرز أن اتخاذ هذه القرارات يأتي في أعقاب ظهور معلومات تفيد بأن الملك فيليبي السادس يستفيد من مؤسسات مسجلة في الخارج باسم أبيه خوان كارلوس. ويصر البيان الملكي على أن فيليبي السادس لم يكن يعلم أنه جرى تعيينه كمستفيد في مؤسسة «زاغاتا» ومؤسسة «لوكوم» في حال وفاة والده خوان كارلوس، وأنه توصل من قسم دولي للمحاماة بهذا الخبر السنة الماضية، ومباشرة قام بتحرير إشهاد أمام موثق يشهد فيه بعدم صلته بالمؤسستين وأبلغ السلطات بذلك. ويؤكد البيان اتخاذ هذا القرار حتى يكون الملك فيليبي السادس في مستوى التعهدات التي قطعها على نفسه خلال خطاب توليه العرش في يونيو 2014، حيث التزم بالشفافية أمام المواطنين. غير أن الذي لم يستسغه الإسبان أن الملك فيليبي السادس لم يصارح شعبه بهذا الأمر إلا بعدما نشرت جريدة «تلغراف» البريطانية، نهاية الأسبوع الماضي، خبرا يتعلق باستفادة العاهل الإسباني من أموال مؤسستين تابعتين لوالده، تديران 65 مليون دولار مصدرها عمولات ورشاوى من العربية السعودية، ويجري بشأنها القضاء السويسري والإسباني تحقيقات قضائية. ليضاف هذا الأمر إلى سلسلة أخرى من الفضائح المالية تورط فيها خوان كارلوس الثاني، عندما كان ملكا لإسبانيا وبعدها.