ما زالت ردود الفعل مستمرة في المغرب، بعد واقعة محاولة اغتصاب الطفلة خولة، التي أثارت غضب الرأي العام طوال اليومين الماضيين؛ ففي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات وضْع يدها على مرتكبي الفعل “الشنيع”، أطلق نشطاء عريضة، مُوجّهة إلى رئاسة النيابة العامة، اختاروا لها عنوان “كرامة بناتنا رهينة بصرامة قضائنا”. وبالرغم من أنها تفتقد للنجاعة القانونية، حيث إن النيابة العامة غير معنية ولا ملزمة بتسلم العرائض، فإن المسؤولين عن العريضة اختاروا التّوجه بمطالبهم إلى محمد عبد النبوي، رئيس النيابة العامة، بالقول “نحن مواطنون مغاربة، لاحظنا في هذه الآونة الأخيرة انتشار جريمة وراء جريمة، الاغتصاب والتحرش ومحاولة الاغتصاب لي ولاو كايهددو بنات بلادنا كل يوم”. وأضاف نص العريضة، التي وقّع عليها المئات في وقت وجيز، أن “الجريمة ملي كاتوقع وكا تعود توقع كاتولي ظاهرة اجتماعية سلبية، والظواهر السلبية وحده القضاء من يمتلك صلاحية الزجر والردع لوضع نهاية لها”. وناشد النشطاء، عبر نص العريضة، رئيس النيابة العامة من أجل إعطاء تعليماته كل حسب تخصصه ومجال تدخله، “باش القضاء يحكم على هاد النوع من المجرمين بأقصى العقوبات المنصوص عليها قانونا، دون أن يدخل في اعتبارات وضغوطات بعض المحسوبين على الجمعيات الحقوقية”، متسائلين في المصدر ذاته: “علاش تولي البنت خدامة وكاتزرب باش ما تخرجش ف الظلمة حيت تخاف يتلقى ليها شي واحد”. وتابعت العريضة بالقول: “إلا الناس عرفو حدة العقوبة لي خداها المتحرش أو من حاول الاغتصاب، أكيد غادي يكون عبرة وتا واحد ما غادي يفكر يدير بحالو”، وتضيف: “أما إلا متعناه بظروف التخفيف أخدا بعين الاعتبار وضعيته أو حالته الاجتماعية فإن تلك الذئاب البشرية غادا تلقى فيها سبة باش تخبا وراها و دير ما بغات”. وطالبت العريضة النيابة العامة بتشديد العقوبة على كل من سولت له نفسه أنه يعتدي على بنات الناس، مبرزة في السياق “بناتنا وبناتكم، خواتاتنا وخواتاتكم، أمهاتنا وأمهاتكم، زوجاتنا وزوجاتكم، غذا يقدر يكون الدور عليهم إلا هاد الوحوش البشرية ما تردعوش و خداو العبرة”. عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال بخصوص هذه العريضة إنها “تبقى مبادرة مدنية محمودة؛ لكن من الناحية القانونية، ووفقا للمقتضيات القانونية المؤطرة لمبدأ تقدير العرائض، النيابة العامة غير معنية ولا ملزمة بتسلم العرائض، لأن العرائض تسلم للجهات المكلفة بالسياسات العمومية، بدءا برئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والمستشارين على المستوى الوطني وبالمجالس المنتخبة على المستوى الترابي”. وحول الانحلال الأخلاقي الذي بات يعرفه المغرب، أوضح الخضري، أن “هذه القضية أوسع بكثير من أن يتخذ رئيس النيابة العامة بشأنه أي قرار، ربما قد يُحفِّزه الأمر إلى إصدار قرار بعدم التهاون مع مثل هذه السلوكيات، وتفعيل المتابعات القضائية وتكييف الجنح قفي حق كل من يثبت اقترافه لجرائم اعتداء على الفتيات”. وأكمل: “المجتمع المغربي يعاني من انهيار وشيك لمنظومة القيم بصفة عامة، والمقاربة الامنية غير مجدية على الإطلاق، داعيا إلى “رد الاعتبار إلى دور المدرسة والأسرة في تربية الأطفال؛ لأن الترسانة القانونية ومقاربة الردع القانوني غير كافية أبدا، لأن الكثير من الممارسات لا يمكن التصدي لها فقط بالقانون، وإلا وجب الزج بنصف تلاميذ الإعداديات في السجون”. وأورد الخضري بنه “لا ينبغي أن تسيطر علينا المشاعر في معالجة مثل هذه القضايا؛ فالفتيات تبالغن في العلاقات الاجتماعية مع الفتيان، والكلام الساقط أصبح سلوكا مألوفا فيما بين الفتيان والفتيات؛ بل أصبحت الفتيات تتبجحن بعلاقات غرامية مع فتيان، وهو ما يدفع العديد منهن إلى المغامرة بتصوير تلك العلاقة الغرامية والجنسية، وهو ما حصل للعديد منهن، وأصبحن في وضع التشرد أو الانتحار”.