خيمت الأزمة التي نشبت، مؤخرا، بين روسيا والمملكة المتحدة، على إثر مقتل الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية وعميل الاستخبارات البريطاني السابق سيرغي سكريبال وابنته في لندن، على العلاقات بين البلدين والتي دخلت منعطفا جديدا وصعبا أثر بشكل جلي على العلاقات السياسية والاقتصادية. وتفجرت هذه الأزمة الدبلوماسية بين روسياولندن في هذا الوقت الحرج بالنسبة لروسيا حيث أنها بصدد إجراء انتخابات رئاسية واحتضان تظاهرة كروية عالمية تحظى بمتابعة جماهيرية عالمية. وتتهم موسكو الغرب باستغلال حادث الضابط الروسي السابق لتأجيج الحملة الإعلامية ضد الكرملين الذي يرفض توجيه الاتهامات والإنذارات إليه على خلفية تسميم سكريبال، مؤكدة أن أي تهديدات بفرض عقوبات على روسيا لن تبقى بدون رد. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الروسية فيودور ليديغين أن أجهزة الاستخبارات الروسية لم تمارس بتاتا مثل هذه “الحماقات” التي تحاول بريطانيا إلصاقها بروسيا. ونقلت صحيفة “كراسنايا زفيزدا” عن ليديغين قوله أن أجهزة الاستخبارات الروسية لم تمارس على الإطلاق مثل هذه الحماقات التي تحاول الآن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلصاقها بروسيا التي اتهمت في كلمة أمام البرلمان في 14 مارس روسيا، بالتورط في قضية تسميم ضابط الاستخبارات العسكرية الروسية السابق، سيرغي سكريبال وابنته يوليا. كما نفت وزارة الخارجية الروسية هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وطالبت بإشراك الجانب الروسي في التحقيقات ناهيك عن تقديم أدلة ملموسة على الاتهامات المزعومة. من جانبها، أشارت بعض وسائل الإعلام الروسية الى أن لندن تجاهلت عمليا الدعوة الروسية لإشراكها في التحقيقات، حيث أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية عن حزمة تدابير ضد روسيا، وقررت طرد 23 دبلوماسيا روسيا، أمهلتهم أسبوعا لمغادرة الأراضي البريطانية وهو الإجراء الذي ردت عليه موسكو بالمثل اليوم السبت مقررة طرد 23 ديبلوماسيا بريطانيا ورفض فتح قنصلية بريطانية في سانبطرسبرغ وتعليق أنشطة المجلس الثقافي البريطاني. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه ليس لبلاده أي دافع لاستهداف سكريبال، مضيفا بأن آخرين يمكن أن يستخدموا التسميم “لتعقيد” منافسات كأس العالم لكرة القدم التي يستضيفها البلد صيف السنة الجارية . وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في وقت سابق إن فلاديمير بوتين سيتخذ القرار “الافضل لمصالح روسيا” ، مضيفا أن موقف لندن لا يقوم على وقائع، وأنه غير مسؤول وينتهك القانون الدولي، كما يؤكد عدم تورط موسكو في عملية التسميم. وفي بيان مشترك أدانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الهجوم على سكريبال وابنته يوليا واعتبرته يمس “بسيادة المملكة المتحدة”. من جانبها، اتهمت الصحف الروسية الأكثر انتشارا رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ب”تسميم” العلاقات مع موسكو بعد إعلان لندن عن سلسلة عقوبات على روسيا ردا على تسميم عميل مزدوج سابق في انكلترا. وأشارت صحيفة “كومرسانت” الى أن “أزمة العلاقات بين موسكوولندن بلغت ذروة جديد”، متهمة السلطات البريطانية ب” البحث عن ردود سامة” على تسميم العميل الروسي السابق. ويرى مراقبون أن كلا الطرفين يحاول الاستفادة من هذه الأزمة لصالحه، فالمملكة المتحدة باعتبارها عضوا في الاتحاد الأوروبي، تحاول أن تستعمل هذه الأزمة كحجة للضغط على روسيا، في إشارة إلى إمكانية الإساءة إلى العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. ومن طرف آخر، فإن روسيا كذلك تشير إلى أن الخطوات البريطانية هي التي أثارت هذه الأزمة التي ستستمر فترة طويلة، حيث أن هناك مصالح مشتركة بين روسياوبريطانيا بشكل خاص، وبين الاتحاد الأوروبي بصورة عامة، فضلا عن المصالح الاستراتيجة والاقتصادية التي تأتي قبل كل شيء. ويعتبر المراقبون أنه آجلا أم عاجلا ستسود هذه المصالح الاقتصادية المشتركة على هذه الأزمة ، موضحين أنه في الوقت الراهن ربما لم يحن الوقت لإزالة هذه الشبهات ونقص الثقة في العلاقات بين الدوليتن.