دعا الملك محمد السادس، في رسالة موجهة للمشاركين في المؤتمر الإسلامي الخامس للوزراء المكلفين بالطفولة، المجتمع الدولي، بشكل عام، والقوى الكبرى الفاعلة فيه، على الخصوص، لتحمل مسؤوليتها التاريخية، تجاه ما يتعرض له مستقبل البشرية، المتمثل في أطفالها، من عنف واستغلال وإهمال. واستحضر الملك محمد السادس في هذه الرسالة، التي تلاها وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد، الأوضاع المأساوية التي تعانيها الطفولة في شت ى أرجاء العالم، داعيا جلالته، المجتمع الدولي، إلى “المبادرة باتخاذ ما يلزم من إجراءات، لإنقاذ هؤلاء الأطفال، قبل فوات الأوان، من ويلات الحروب والصراعات، ومن م خالب الأوبئة والمجاعات، والجماعات المتطرفة والإرهابية، ومما يتعرضون له من مآس بسبب الهجرة غير الشرعية”. وذكر الملك محمد السادس في هذا الإطار، بأن المغرب كان رائدا في الانضمام، منذ 1993، لاتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل، ثم المصادقة بعد ذلك على البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية بشأن إجراء تقديم البلاغات. ولم يقتصر عملنا، يوضح الملك محمد السادس، على حماية الطفل المغربي فقط، بل حرصنا على أن يشمل أيضا المهاجرين، من خلال اعتماد استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء، تقوم على مقاربة إنسانية، تعطي الأولوية في عملية تسوية أوضاع المهاجرين، للفئات الهشة والتجمع العائلي والأطفال. وشددت الرسالة الملكية على أن دول العالم الإسلامي، التي تتقاسم نفس المبادئ والقيم، التي يحث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، في توفير الرعاية الواجبة للأطفال، وصيانة حقوقهم، تتقاسم أيضا نفس التحديات. وأكد صاحب الجلالة أن ذلك “يقتضي تعزيز التضامن والتعاون في ما بينها، وتضافر الجهود، وتقاسم التجارب التي راكمتها في مجال حماية الطفولة، والتوجه لإقامة شراكات بناءة ومبتكرة، تأخذ بعين الاعتبارات خصوصيات بلداننا، مع الحرص على إشراك الفاعلين المعنيين، بما في ذلك هيآت المجتمع المدني”. وأضاف في هذا الصدد، أن مختلف أشكال العنف والاستغلال والإهمال، التي يتعرض لها الأطفال، ولاسيما منها الأشكال الحديثة للعنف، وتشغيل الأطفال القاصرين، تستوجب إحداث منظومة للتبليغ عن الخروقات، ينخرط فيها كل الفاعلين، بمن فيهم الأسرة والمدرسة والمجتمع. كما أكد الملك محمد السادس أنه، أمام ما يتعرض له الأطفال من عنف مادي ومعنوي، ومن تجاوزات بشتى أنواعها، من طرف بعض أقاربهم الموثوق بهم، الذين يتعاملون معهم بشكل يومي، فإنه يتعين العمل على وضع آليات لتوثيق هذا النوع من العنف، وإنتاج مؤشرات وبيانات كفيلة بوضع برامج للوقاية منه. وذكر الملك محمد السادس بأن ضمان حقوق الأطفال يمر قبل كل شيء، عبر تمكينهم من حقوقهم الأساسية، في الصحة والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية، والتي تنص عليها أيضا أهداف التنمية المستدامة، التي تتضمن دعوة صريحة لمحاربة العنف ضد الأطفال، داعيا دول العالم الإسلامي إلى الاستثمار في قضايا الطفولة، بكل أبعادها وتحدياتها، من خلال العمل على مكافحة الفقر، ومواجهة تداعيات التغيرات المناخية، وتوفير الأمن الغذائي، ومواكبة الثورة الرقمية، واستتباب الأمن والاستقرار. وقد افتتح المؤتمر الإسلامي للوزارء المكلفين بالطفولة، صباح الأربعاء 21 فبراير بالرباط، أشغال دورته الخامسة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إسيسكو)، بتعاون مع وزارة الاسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، وبتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي.