هذا سيناريو كان متوقعا في مصر المحروسة، ويبدو هاجسا حقيقيا لدى بعض الفاعلين الاقتصاديين المغاربة، بالرغم من مناورات العدالة والتنمية في أداء حكومتها الملتحية، يسهل التحكم فيها وضبطها، مع وجود حزبي الاستقلال والحركة الشعبية، من جهة، وبقاء المؤسسة الملكية قوية أمام تصاعد اللوبي الإسلامي والسلفي بالمغرب. وأصل الحكاية المصرية، أن الصحافة البريطانية حذرت أهل البلاد الراغبين في الهرب من الشتاء الأوروبي إلى شمس المنتجعات المصرية على شواطئ البحر الأحمر من أن الأشياء تبدلت في عهد ما بعد مبارك وتوجه الإسلاميين نحو الإمساك بدفة الحكم في البلاد. وقالت إن هؤلاء بصدد منع مظاهر «غير إسلامية» يصنّفونها في خانة «الرذيلة» مثل ارتداء النساء حمام البحر «البكيني» وتناول الخمر والاختلاط بين الجنسين في تلك المنتجعات وأشهرها في الغرب في شرم الشيخ. وأضافت أن هذا الأمر، بالنسبة إلى الإسلاميين، يعلو على حقائق مثل الضرر الهائل الذي سيلحق بأحد أهم موارد الدولة الاقتصادية وهو السياحة. ويذكر أن مصر تستقبل نحو 15 مليون سائح سنويا، منهم 1.4 مليون بريطاني. ويتوجه نحو 70 في المائة من هؤلاء لقضاء عطلاتهم في منتجعات البلاد البحرية. لكن «ربيع العرب»، الذي انتقل إلى البلاد من تونس، تسبب حتى الآن بخفض موارد السياحة بنسبة الثلث. ومن المحتم لهذا التوجه أن يتعاظم مع منع مظاهر الحياة الغربية التي تعتبر محرمة في الإسلام. وبالطبع فإن هذا يضاف إلى تدهور عافية الاقتصاد المصري ككل خلال الثورة وبعدها ثم شبه تبدد ثقة المستثمرين الأجانب في ما يتعلق بمستقبل أعمالهم فيها. وقالت الصحف إن فوز الإسلاميين بأغلبية الأصوات في انتخابات 28 و29 من الشهر الماضي أذّن لمرحلة جديدة في تاريخ مصر لا تخلو من شد وجذب حتى داخل هذا المعسكر نفسه. فبينما وعد الإخوان المسلمون (أصحاب الأغلبية) بعدم فرض إرادتهم على أسلوب حياة المصريين المعتاد، أعلن حزب «النور» السلفي (في المرتبة الثانية) إنه سينتهج تطبيقا كاملا وصارما لأحكام الشريعة. والواقع أن حالة المصري بلغت مستوى حدا برئيس الوزراء الجديد كمال الجنزوري للبكاء خلال مؤتمر صحافي من الأمر الواقع قائلا إن الحال «أسوأ مما يستطيع أي شخص تصوره». (حادثة البكاء هذه أتت وهو يذكر مطلب مواطن توفير الأمن لأبنائه قبل رغيف الخبز). ولو كان لمصر أن توقف التدهور المريع في حالتها الاقتصادية فعليها أن تتنبّه الى أن هذا يمر بالضرورة من بوابة السياحة التي توفر العمل المنتظم لأكثر من 3 ملايين شخص وتشكل ما يقدّر بنحو 10 في المائة من إجمالي الناتج القومي. على أن إنقاذها في هذا العهد الجديد أمر مشكوك فيه كما يقول المراقبون. ذلك أن السياحة الحديثة تتصادم بشكل مباشر مع تفكير السلفيين إذ انها تتصل أيضا بتناول المشروبات الكحولية وارتداء المرأة ما يُعتبر خادشا للحياء العام ومخلا بالشرع. وتبعا للصحافة البريطانية فإن السلفيين يعترضون ايضا على مجرد وجود التماثيل الفرعونية وزيارة الناس لها باعتبارها أصناما. ورغم ان الإسلاميين عموما لا يستطيعون إغفال أهمية السياحة لاقتصاد البلاد، فسيحاولون إمساك العصا من النصف ولكن حيث لا تنفع أنصاف الحلول. وعلى سبيل المثال فقد دعا الواعظ ياسر برهامي، عبر قناة «دريم» التلفزيونية، الى سياحة «حلال». وتحدث وجواز وجود فنادق ذات خمسة نجوم ولكن من دون مشروبات كحولية، وعن شواطئ يمنع فيها الاختلاط فتكون مخصصة لجنس دون الآخر.. وهكذا يستطيع السائح التمتع بأسابيع من عطلة من دون معصية، وتستطيع المرأة استبعاد البكيني والسباحة محتشمة فلا تؤذي أنوثتها. ونقلت الصحافة أيضا قول عزة الجرف، مرشحة الإخوان المسلمين لمقعد المرأة في محافظة 6 أكتوبر، إن السياح يأتون الى مصر من أجل زيارة معالم الحضارة الفرعونية القديمة وليس من أجل تناول الخمر لأنهم يملكون ما يكفي منها في ديارهم.