أكدت صحيفة “لوموند” الفرنسية مؤخرا أن واحة أسرير “جوهرة من الخضرة تنبعث وسط الصحراء الشاحبة”, مستعرضة مواطن جمالها وما يتهددها من زحف للرمال. وأعربت الصحافية الفرنسية غاييل دوبون, في مقال بعنوان “عندما تستعيد الواحة خضرتها”, عن إعجابها بجمال هذه الواحة, التي وصفتها ب”جوهرة خضراء تتوج الفستان الذهبي للرمال الصحراوية”, كاشفة في نفس الوقت عن تخوفات إزاء ما يتهدد وجود هذه الخضرة النوعية من زحف للرمال. وهو نفس ما أكده, للمبعوثة الخاصة لليومية الفرنسية إلى أسرير, المكلف ببرنامج الحفاظ على واحات الجنوب التابعة لوكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية السيد محمد حميميد حين أثار مسألة الاستغلال المفرط للفرشات المائية الباطنية, وقابلية هذا الوضع لمزيد من التدهور بالنظر لارتفاع سخونة المناخ. وفي سياق مواز, استعرض المقال بعض الأنشطة التي انخرطت فيها الوكالة من أجل الحفاظ والتنمية المستدامة للواحات, مستحضرا ما جاء في تصريح للمدير العام لوكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية السيد أحمد حجي, حين اعتبر الواحات “آخر حصن في مواجهة الصحراء”, و”جزءا من تراث يختزن غنى ثقافيا وتاريخيا وفلاحيا ومشهديا كبيرا”. وأضافت اليومية أن السلطات العمومية تراهن, للتصدي لزحف الصحراء, على برنامج الحفاظ على واحات الجنوب الذي يستند إلى دور المنتخبين المحليين, مذكرة بأن البرنامج انطلق في 2006 بغلاف مالي يصل إلى 18 مليون دولار (حوالي 153 مليون درهم) لمدة خمس سنوات بتمويل من الدولة وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي والجماعات المحلية. وأوضحت أن البرنامج يستغل جميع السبل للحفاظ على الواحات وتطويرها واقتراح حلول من قبيل السياحة الإيكولوجية وتربية أصناف الماشية المحلية وتجهيز أراض بنظام السقي بالقطرات. كما يهتم البرنامج بإعادة تهيئة أنظمة الري القائمة وبناء مطاحن جماعية وإحداث تعاونيات لتعبئة التمور, فضلا عن إعادة التهيئة المعمارية ودعم الصناعة التقليدية. وأشارت إلى أن مخزون مياه سد فم الحصن, الذي شيد سنة 2008 على بعد 100 كلم من أسرير في إطار هذا البرنامج, مكن من إعادة تغذية الفرشة المائية الباطنية وتدفق المياه في قنوات الواحات, مضيفة أن الفلاحين مستعدون, بفضل هذا السد, للانتقال قريبا إلى السقي بالقطرات, الذي يخول توفير 50 في المائة من المياه مقارنة مع النظام التقليدي. وحسب الشهادات التي استقتها الصحفية الفرنسية من فلاحي المنطقة والمتدخلين في البرنامج, أدى السد بالفعل إلى الحد من الهجرة المكثفة للسكان بالموازاة مع إحداث تعاونيات فلاحية, خاصة في مجال تحويل الصبار إلى مربى أو زيت أو علف للماشية. كما غرست أشجار النخيل لمواجهة زحف الرمال. ونقلت الصحفية عن المكلف ببرنامج الحفاظ على واحات الجنوب التابعة لوكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية قوله إنه واجه صعوبات جمة قبل أن يتمكن من إقناع السكان بضرورة الانخراط في مشاريع النهوض بواحة أسرير, وكذا قابلية هذه التجربة للتعميم في حالة إذا ما تمت تعبئة الناس في وقت قياسي, في ظل قناعته الراسخة بإمكانية إنقاذ هذه الواحات.