حظي الشريط السينمائي الطويل “الجامع” للمخرج المغربي داوود أولاد السيد بإعجاب الجمهور والإعلاميين لدى عرضه مساء الإثنين 25-10-2010 في إطار المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية. وأسهمت البساطة في طرح موضوع الفيلم ولغته السينمائية وأداء الممثلين في خلق انطباع جيد لدى كل الحاضرين في العرض الأول للفيلم. ويروي “الجامع” بأسلوب ساخر مزج بين الجدية حيناً والهزل أحياناً قصة “موحا”، الفلاح البسيط الذي قام بتأجير قطعة الأرض التي يمتلكها ويقتات منها لفريق تصوير سينمائي أجبني بغرض بناء ديكور مسجد، لكنه يفاجأ بعد رحيل فريق التصوير بتحول هذا “الجامع الديكور” إلى ساحة حقيقية للصلاة والعبادة من قبل أهل قريته وشيوخها الذين تشبثوا بقدسية هذا الجامع ومنعوه من هدمه في محاولة يائسة لاسترجاع أرضه. نفاق اجتماعي القصة تأخذ أبعاداً درامية نقدية حين يستغل إمام هذا “الجامع الديكور” نفوذه الديني لأغراض شخصية وسياسية، وعندما يحاول “موحا” استرجاع أرضه بالقوة تتدخل السلطات ويتم ترحيله من قريته تاركاً زوجته وأبناءه لمصير مجهول. وأعرب مخرج العمل داوود أولاد السيد في حديثه ل”العربية.نت” عن ارتياحه لردة فعل الجمهور التونسي خلال العرض الأول للفيلم، وعن تفاؤله بردة فعل أكثر “إيجابية” حين يعرض قريباً في مسقط رأسه المغرب. وأوضح المخرج أنه استوحى أحداث الفيلم الحقيقية من قرية”ورزازات” (200 كم جنوب غرب مراكش) التي تستقطب العديد من السينمائيين العرب والأجانب لتصوير أفلامهم، نظراً لتضاريسها الطبيعية الساحرة حيث يعمد أغلبهم لتأجير أراض من مزارعي الجهة قصد تشييد ديكورات سينمائية عملاقة. وأشار إلى أن “الجامع” محل الجدل في الفيلم يعد ديكوراً حقيقياً لفيلمه السابق “في انتظار بازوليني”، غير أنه لم يتم هدمه بعد الإنتهاء من التصوير، مما أدى إلى اعتقاد سكان القرية أن الأمر يتعلق بجامع حقيقي أضحى بالنسبة لهم مكاناً للعبادة والصلاة، مما طرح مشكلة معقدة بالنسبة لمالك هذه الأرض. ولم ينف المخرج رغبته الشديدة في فضح “النفاق الإجتماعي” لبعض رجال الدين الذين يستغلون نفوذهم الديني لتمرير خطب “ظلامية”، وذلك عبر تأويل نصوص قرآنية ودينية مقدسة لخدمة مصالحهم الشخصية. الجميل في هذا الفيلم هو الأداء المتميز لعبد الهادي توهراش، الشخصية الرئيسية “موحا”، وهي أول بطولة مطلقة تمنح له، حيث سبق أن مثل كومبارس في الفيلم السابق للمخرج أولاد السيد “بازوليني”. “موحا” أو عبد الهادي هو موظف بسيط بوزراة الثقافة المغربية، دفعه شفغه بالمسرح والسينما منذ سنة 1968 إلى الدخول في هذا الميدان من خلال اقتناص أدوار صغيرة في أفلام مغربية وأجنبية تصور في قريته. وحصل فيلم “الجامع” في أيلول (سبتمبر) 2010 على جائزة “سينما في حركة” المنظمة في إطار مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي، الذي احتضنت فعالياته مدينة سان سيباستيان شمال إسبانيا. ويشارك الفيلم في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة بمهرجان قرطاج، والفيلم سيناريو وإخراج داوود أولاد السيد وبطولة عبد الهادي توهراش وبشرى هريش ومصطفى تحتاج وسالم دابيلا. العربية-نت