حينما قرر أسامة بن لادن أن يتزوج للمرة الخامسة طلب من مستشاريه الأكثر قربا منه البحث عن عروس يمنية، وأخبرهم أن هذا الزواج سيدعم علاقته باليمن. حدد لهم مواصفاتها بأن تكون متدينة، كريمة، أمينة، ذات تربية جيدة، هادئة وصغيرة بما يكفي لعدم شعورها بالغيرة من زوجاته الأخريات بحسب ما كتبته الزميلة هالة جابر من مدينة اب اليمنية في صحيفة “صنداي تايمز” اللندنية الأحد 24 -1-2010. زوجات بن لادن الأخريات كن يعملن على لفت نظره من منطلق الغيرة، ولم يكن يريد لزوجته الجديدة أن تفعل ذلك. حياة الكهوف أحد مساعديه المقربين ويدعى “أبو الفدا” كان يعرف فتاة من مدينته “اب” في جنوب غرب اليمن، وكان متيقنا أن هذه الفتاة واسمها أمال السعدة – 18 عاما – ابنة أحد الموظفين، ستكون الزوجة المناسبة لزعيم القاعدة الذي كان حينها في الثالثة والأربعين. ويصف فدا في مقابلة صحفية عكست للمرة الأولى أضواءا مثيرة على الحياة الخاصة لبن لادن، وساطته لاتمام ذلك الزواج مؤكدا أن أمال كانت مناسبة في كل شيء. ويقول: بالرغم من صغر سنها، كانت متدينة وملتزمة ومقتنعة بالأشياء نفسها التي كان يؤمن بها بن لادن. ولأنها قادمة من أسرة متوسطة، كان بمقدورها التكيف مع طبيعة حياته الخشنة في الكهوف الجبلية والتكيف معه، ولن تمانع في الزواج من رجل في سن والدها، وتؤمن بأن طاعتها واخلاصها لزوجها يقربها من الله. قابل فدا أسرة أمال قبل عام من هجمات 11 سبتمبر ليخطبها لبن لادن وعن تفاصيل ذلك اللقاء يقول “أخبرتهم بأن أسامة بن لادن يبحث عن زوجة، وأخبرتهم بأنه شخصية متدينة جدا ومهمة، وسيكون زوجا جيدا لابنتهم”. كان فدا حائزا على احترام وثقة تلك الأسرة كمجاهد سابق وداعية سافر إلى أفغانستان عندما كان عمره 15 عاما، ووصل إلى الصف الأول من المقربين لبن لادن. بعد موافقتهم قابل “أمال” ليتأكد من موافقتها أيضا على الزواج من زعيم القاعدة. قال لها “أنت تعرفين بن لادن، الذي تخلى عن قصورة وثروته من أجل الجهاد نيابة عن المسلمين، إنه يعيش في أفغانستان، وأحيانا هناك مخاوف على حياته. ومن أجل تأمينه قد يعيش أحيانا في منزله، وأحيانا أخرى في الجبال أو في الكهف”. يضيف “أردت أن تكون على علم بكل شيء”. عندما وافقت أمال، وافق والدها على سفرها إلى أفغانستان. استغرقت الترتيبات أسبوعين، وتمت وفق تعليمات بن لادن الذي أرسل مع فدا 5 آلاف دولار، وهو مبلغ كبير جدا في اليمن، لتشتري به مجوهراتها الذهبية وملابسها. حفل الزواج بعد حفل شارك فيه والداها وأشقاؤها، ثلاث إناث وأربعة ذكور، أصبحت الزوجة الجديدة لبن لادن مستعدة للسفر إلى أفغانستان حيث طارت من مطار صنعاء إلى كراتشيبباكستان بصحبة زوجة فدا “نبيلة” وأطفالهما الثلاثة. بعد أيام قليلة قضوها هناك، ذهبوا إلى “كويتا” الباكستانية على الحدود مع أفغانستان، ورتب لهم أسامة بن لادن بنفسه رحلتهم إلى قندهار التي كان يقيم فيها حيث كان في انتظارهم. أقيم حفل الزواج داخل “كامبوند” باشراف مصطفى أبو اليزيد القائد العسكري حاليا للقاعدة في أفغانستان، وكان حينها مسؤولا ماليا ويدعى الشيخ سعيد المصري. حضر الحفل الرجال فقط، ولم تكن العروس موجودة. أنشدت أشعار وأغانٍ دينية تحت أضواء مبهرة أمام أطباق كبيرة من الرز. بينما نظمت النساء حفلهن وبينهن “أمال” في بيت قريب. اعتقال فدا أقام “فدا” في أفغانستان إلى ما قبل أسبوع واحد من هجمات أيلول/ سبتمبر. وعن ذلك يقول “كنا نعلم أنه ستتم مهاجمة أهداف معينة، لكن لم نكن نعرفها، ولا نعرف متى وأين”. بعد وصولي لليمن – يقول فدا – علمت أن أمال وضعت بنتا بعد أيام من تلك الهجمات، سميت “صفية” وحضرت شقيقتي التي كانت لا تزال في أفغانستان الولادة. كان فدا قد التقى بن لادن لأول مرة في زيارة الأخير لأحد معسكرات المقاتلين العرب، ثم اقتربا في ما بعد إلى أن عين رئيسا لمكتب زعيم القاعدة في كابل، وظل رفيقه في الطعام والسفر والإقامة من عام 2000 إلى 2001. بعد هجمات أيلول/سبتمبر تم اعتقال فدا في اليمن وسجن لمدة عامين، فيما قبض على شقيقه صادق – 25 عاما – في باكستان وأرسل إلى معتقل غوانتانامو. ويحمل فشل الحكومة اليمنية في مساعدة المقاتلين اليمنيين السابقين في أفغانستان بعد عودتهم إلى وطنهم مسؤولية تشكيل تنظيم القاعدة في اليمن، بعد أن أصيب بعضهم بالاحباط فلجأوا إلى الجبال وأعادوا تنظيم أنفسهم. ويؤكد أن قاعدة اليمن وراء محاولة عمر فاروق عبدالمطلب تفجير الطائرة الأمريكية في عيد الميلاد الماضي فوق ديترويت بعد أن تلقى تدريبه في اليمن، على حد قوله. صحة بن لادن فدا الذي يعمل حاليا مستشارا للحكومة اليمنية، يضغط عليها لتوفير وظائف وأموال للمتطرفين التائبين، ويعرض القيام بالوساطة بينها وبين تنظيم “القاعدة في الجزيرة العربية”. ويرى أن مؤتمر لندن الذي سيعقد هذا الأسبوع بشأن اليمن يجب أن يركز على تقديم المساعدات الاقتصادية بدلا من الجوانب الأمنية. ويصر على أن بن لادن ما زال على قيد الحياة. وبصحة جيدة “يعتمد في علاجه على الأعشاب وليس الأدوية الكيميائية، ويتناول الطعام الصحي ويعتني جيدا بصحته”. ورغم كل التقارير المتضاربة التي تؤكد عودة زوجته الأخيرة والمحببة “أمال” إلى وطنها في اليمن، يؤكد فدا أنها لم تعد قائلا “أنا الحارس الروحي لعائلتها وأعرف كل تفاصيلهم. أستطيع أن أؤكد لك أنها لم تعد”. فدا مقتنع بأنها ما زالت تعيش مع أسامة بن لادن، أو أنه يزورها في مكان ما، وربما يكون لديهما الآن المزيد من الأطفال. بعد هجمات سبتمبر كانت “أمال” قادرة على اجراء بعض الاتصالات بعائلتها ووالدتها، لكن ذلك توقف منذ 2003، معتقدا أنها ربما نصحت بعدم استخدام الهاتف حتى لا يتم الإيقاع بها. وأخيرا، يقول فدا إن أمها – حماة أسامة بن لادن – تفتقدها بشدة “كل أسبوع عندما أزور الأسرة، وبرغم المرح الذي يغلب على الوقت الذي أقضيه معهم، أبذل مجهودا لتهدئتها، فالدموع تنهمر على خديها عندما يأتي ذكر أمال”.