لا يتحدث المسؤولون المغاربة والبريطانيون حاليا عن إمكانية اعتراف المملكة المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء وافتتاح قنصلية هناك، فالرباط كانت مشغولة خلال الأيام الماضية بتنزيل المرسوم الرئاسي الأمريكي المتعلق بالقضية نفسها، بينما كانت لندن مركزة على المراحل النهائية لمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن بالنسبة للإسبان الأمر مختلف، إذ في اعتقادهم أن تلك الخطوة ليست إلا مسألة وقت فقط. ففي اليوم نفسه الذي كان فيه وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أول أمس الأحد، يعلن من مدينة الداخلة عن قرب افتتاح 10 قنصليات جديدة في مدن الأقاليم الصحراوية، ويؤكد أنه لولا ظروف جائحة كورونا لوصل عدد التمثيليات الدبلوماسية هناك إلى 30، كانت صحيفة "إلباييس" تنشر تقريرا سياسيا مطولا تؤكد فيه المملكة المتحدة ستعلن قريبا عن افتتاح قنصليتها في الصحراء بعد إتمام خروجها من الاتحاد الأوروبي. وترى الجريدة أن لندن تبحث عن حلفاء جدد بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وانطلاقا من ذلك تستعد لبناء تحالف استراتيجي مبني على المصالح المشتركة مع الرباط، يتضمن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء والاعتراف بالرؤية الملكية للملك محمد السادس في إفريقيا ما يجعل من المغرب دولة مرجعية في القارة السمراء وبوابة بريطانيا إلى هناك. وأبرز التقرير أن الرباطولندن ترغبان معا في تعميق علاقاتهما على المستويين السياسي والاقتصادي بعد "البريكست"، وهو ما سيجعل المغرب بديلا مناسبا لإمداد المملكة المتحدة بالمنتجات الفلاحية وخاصة الخضر والفواكه عوض إسبانيا، بالإضافة إلى تصديره المنتجات السمكية والفوسفاط، بالإضافة إلى أن اليد العاملة المغربية ستعوض نظيرتها الأوروبية بعد تنزيل القوانين التي يفرضها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، كل ذلك سيُمكن المغرب من حليف مهم يتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن لدعم مصالحه. لكن "إلباييس"، وهي الجريدة الأكثر انتشارا في إسبانيا، لم تكن الأولى التي توقعت اعتراف البريطانيين بالسيادة المغربية على الصحراء، فصحيفة "إلإسبانيول" بدورها رأت أن لندن ستَعقُب واشنطن في القيام بهذه الخطوة في تقرير نشرته في 12 دجنبر الماضي بعد يوم فقط من إعلان ترامب، مبرزة أن الرباط ترى في المملكة المتحدة القوة العظمى التالية التي تفتح قنصلية لها في الصحراء، وأشارت إلى أن التمهيد لذلك بدأ توقيع البلدين لمجموعة من الاتفاقات في المجالات السياسية والتجارية والعسكرية. وعمليا، بدأت بريطانيا الاستثمار في الصحراء عبر مشروع الطاقة البديلة العملاق XLinks، لكنها أيضا وقعت مع المغرب 3 آليات قانونية، في أكتوبر 2019 تشكل اتفاق شراكة شاملة بين البلدين تمهيدا لما بعد "البريكست"، والتي بدأ تفعيلها المؤقت في فاتح يناير 2021، وسيشمل التعاون بين البلدين بناء على ذلك كل التراب المغربي بما في ذلك الصحراء، حيث ستكون لندن في حل من أي موقف سياسي موحد للاتحاد الأوروبي أو عرقلة من طرف إحدى المحاكم الأوروبية.