يبدو أن المغرب يتجه لاتخاذ موقف جذري من صراع الإخوة الأعداء الليبيين، وذلك أسابيع فقط على إقصائه من مؤتمر برلين الذي كان قد انعقد في 19 يناير المنصرم، الذي دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ودعت 11 دولة على مستوى الرُؤساء لحضورهِ من بينها مصر والجزائر والكونغو". فبعد أيام فقط من المؤتمر المذكور، زار عبد الهادي الحويج، وزير خارجيّة الحكومة اللّيبيّة المؤقّتة، المؤيّدة لقوّات الجنرال خليفة حفتر، المغرب وأدلى بتصريحات غير مسبوقة بشأن الدّور المغربي في إنهاء النزاع المُسلّح مع حكومة الوِفاق التي يقودها فايز السراج، ليقوم بعدها المغرب على إحداث مجموعة من الإجراءات الجديدة بمقر القنصلية الليبية بحي أكدال بالرباط، تشير إلى إغلاقها وتوقيف عملها. فحسب ما عاينته "آشكاين"، فقد اختفت السيارات الدبلوماسية التابعة للقنصلية المذكورة من أمام مبناها مند أسبوع تقريبا، ولم يلاحظ ولوج موظفي القنصلية إلى المبنى الموجودة به خلال نفس الفترة، كما تم تعزيز الإجراءات الأمنية بها وخاصة ببابها، حيت وضع عدد من عناصر الأمن، أكثر مما جرت عليه العادة، مما يوحي ب"منع الدخول إليها"، وهو الأمر (المنع) الذي لم يتسنى ل"آشكاين" التأكد منه بعد من جهة رسمية، حيت رفض عدد من المسؤولين الذين تواصلت معهم نفي أو تأكيد ذلك. في ذات السياق كشف مصدر جيد الاطلاع أن لقاءات سرية تجري خلال هذا الأسبوع بين ممثلين عن حكومة اللواء خليفة حفتر وممثلين عن الخارجية المغربية، وذلك لتدارس عدد من الملفات قبل الإعلان الرسمي للمغرب عن دعمه لحكومة حفتر وتخليه عن وقوفه العلني في صف حكومة الوفاق، التي تُعتبر واحدة من نتائج اِتّفاق الصخيرات، المُعترف بها دوليًّا، وذلك بعد ارتماء رئيسها، فايز السراج، كليا في أحضان تركيا وموافقته على استبعاد المغرب من لقاء برلين، رغم أن المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية واضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، والتي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد -الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين-من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق. يذكر أن الحويج كان قد قال في تصريح صحفي على هامش لقائه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، (قال) "إن الأزمة في ليبيا لا يمكن حلّها دون إشراك المملكة المغربيّة ودول المنطقة، معبّرًا عن أسفِهِ لعدم دعوة الأممالمتحدةالرباط لحضور أشغال مؤتمر برلين، وتوجيه دعوة متأخرة لتونس وعدم دعوة دول إفريقيّة فاعلة في المنطقة مثل التشاد". وأضاف ذات الدّبلوماسي المُنتمي لمُعسكر اللواء حفتر، أن "الحكومة الليبيّة والشّعب اللّيبي يُقيِّمان عالياً جهود المملكة المغربية على صعيد مواجهة الإرهاب، ومساهمتها في التّسوية السلميّة في ليبيا، مرحبًا بجميع الجهود والمساعي التي يبذلها العاهل المغربي الملك محمد السادس إقليميًّا ودوليًّا بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة في ليبيا، وهي أزمة أمنيّة قبل أن تكون أزمة سياسية"، على حدِّ تعبيره.