ما زالت الجارة الشمالية للمغرب تمضي "وحيدة" في معاكسة مصالح المملكة الحيوية داخل القارّة الأوروبية، بعدما قرّر الألمان تجاوز الخلافات مع الرباط وفتح صفحة جديدة من التعاون وتعزيز الشراكات. بدأ خيار "الاندفاع والهجوم" الذي طبع تحركات الدبلوماسية المغربية خلال الفترة الأخيرة، يعطي أكله، حيث دعا الألمان إلى تجاوز الأزمة الدبلوماسية مع الرباط، مع دعوة ملك البلاد إلى زيارة برلين. ومن جهة اخرى، تستمر مدريد في التشبت بموقفها "الصلب" تجاه الرباط، في الوقت الذي يتوفر فيه المغرب على أوراق ضغط عدة يمكن استخدامها لإقناع الجار الشمالي بأحقية قراره، المتمثل في مقترح الحكم الذاتي في الصحراء وأن تدعمه، الذي لا يتعارض مبدئيا مع مقررات القانون الدولي. هذا، وتساهم الأزمة الديبلوماسية الإسبانية المغربية في تعطيل الحوار حول عدد من القضايا الاستراتيجية؛ إذ تأخر عقد القمة الاستثنائية ولم يتم الحسم في ملفات "عالقة"، من قبيل تجديد الأسطول البحري وترسم الحدود الإقليمية. وما زالت الأوساط الرسمية في مدريد تنظر إلى المغرب بنوع من "التوجس"، بالنظر إلى طموحات الرباط في الصحراء وشمال إفريقيا. وتعتبر مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الرباطومدريد قضية شائكة، خاصة في ما يتعلق بترسيم الجزر الصغيرة والمناطق التي تحتلها إسبانيا في البحر الأبيض المتوسط ومسألة المنطقة الاقتصادية الخالصة في شمال الأطلسي والتداخل مع جزر الكناري. ويمثل جبل تروبيك، وهو بركان قديم تحت الماء، يبلغ عمقه حوالي 4000 متر ويحتوي على احتياطي كبير من التيلوريوم والكوبالت والأتربة النادرة ومعادن أخرى، ويقع على بعد حوالي 269 ميلا جنوب إل هييرو، أحد النقاط الخلافية بين الرباطومدريد. فوكانت إسبانيا قد طلبت سنة 2014 من الأممالمتحدة تمديد جرفها القاري إلى 350 ميلا بحريا، وهو الحد الأقصى المسموح به، لكن هذا الطلب ما يزال قيد الدراسة. في حين قام المغرب، من جانب واحد، بتوسيع نطاقه-بما في ذلك المياه المقابلة للصحراء المغربية-بضمّ جزء من المياه التي تطالب بها إسبانيا وتشمل المنطقة الاستوائية.