سقطة تابعة سقطة وشكون يحد الباس.. هذا ما ينطلق بالضبط على الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حيث قال على هامش زيارته إلى تونس التي انطلقت أمس الأربعاء ولازالت مستمرة اليوم الخميس، إن "الجزائر تتأهب لاحتضان القمة العربية المقبلة"، مشيرا إلى أن هذه القمة "نريدها جامعة وشاملة، والجزائر لن تكرس التفرقة العربية" وفق ما جاء في وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية. وحسب ذات المصدر، فإن تبون وفق "الصحيفة"، "لدى تطرقه إلى بعض النزاعات بين الدول الشقيقة، أعرب عن أمله في أن تسهم قمة الجزائر في تحقيق الوئام والتقريب بين هذه الدول مشيرا إلى أن معرفته بما يجري في العالم العربي تجعله يتفاءل على اعتبار أنه لا توجد خلافات كبيرة بين الدول العربية، إلا ما يتعلق بعدم قبول سياسة داخلية لدولة ما من طرف دولة أخرى وهو ما تعتبره الجزائر تدخلا في الشؤون الداخلية للدول". وتقول الوكالة الرسمية للجزائر ، إن تبون أوضح في هذا الصدد بأنه "لا يحق لأي دولة أن تتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى داعيا الدول العربية إلى أن تبني علاقاتها على هذا الأساس"، ويضيف ذات المصدر أن تبون أعرب عن أسفه لأن "دولا عربية أقامت أفراحا حين انقسمت دول عربية أخرى" وتساءل إن كان هذا مقبولا، مضيفا بالقول "على كل العرب أن يعتبروا بمقولة 'أكلت يوم أكل الثور الأبيض' لأن أغلب الدول مبرمجة للتقسيم وينبغي التكاثف والتآزر لمواجهة ذلك". ويرى متتبعون وفق "الصحيفة"، دائما أن هذا التصريح من الرئيس الجزائري في العاصمة التونسية، يتعارض تماما مع السياسة الجزائرية في علاقاتها مع بعض القضايا العربية، ومن أبرزها قضية الصحراء المغربية، حيث لا يُخفي النظام الجزائري الذي يقوده تبون مساندته للجبهة الانفصالية "البوليساريو"، وهو ما يعني مساندة طرح يهدف إلى تقسيم المغرب عن أراضيه الصحراوية، وبالتالي تقسيم بلد عربي. كما أن هذا التصريح، وفق ذات المتتبعين، يتعارض مع المبادئ العربية التي تدعو إلى الوحدة والانصهار في مشروع عربي موحد، وتفادي المزيد من التفرقة والانفصال، وفي حالة إذا تم تطبيق هذه المبادئ، فإن ذلك يفترض أن يدفع الجزائر إلى دعم طرح الوحدة المغربي مع الصحراء ودفع جبهة "البوليساريو" للاندماج في المغرب، إلا أن ما تقوم به الجزائر يخالف ذلك كليا. ومما يؤكد تناقض تصريح تبون هو عندما اتجه للحديث عن الشأن الليبي حيث قال وفق الوكالة الرسمية للجزائر إننا "نتفق مع تونس على أن الحل في ليبيا لا يكون إلا بيد الليبيين أنفسهم"، وأعرب عن أمله في أن "تتخلص ليبيا من المرتزقة ومن القوات الأجنبية وأن يعود الوئام بين الفرقاء الليبيين"، وهي نفس المطالب التي دعا إليها المغرب واحتضن العديد من اللقاءات المهمة والمؤثرة جمع فيها الأطراف الليبية لحل مشاكلهم بأنفسهم، إلا أن تبون تجاهل مجهودات المغرب في هذا السياق بقصد واضح وجاء على ذكر تونس فقط. ويبدو واضحا، وفق المتتبعين، أن تجاهل المغرب بقصد من طرف الرئيس الجزائري، هو جزء من السياسة الجزائرية، وبالتالي فإن هذا يتناقض مع تصريح "الوحدة العربية" الذي يدعو إليه عبد المجيد تبون. كما أن دعوة تبون البلدان العربية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية الأخرى، تتناقض أيضا مع المواقف الجزائرية من قضية الصحراء، التي تُعتبر "مشكلة" مغربية مع الجبهة الانفصالية "البوليساريو"، وليست شأنا جزائريا باعتراف النظام الجزائري نفسه، إلا أنه مع ذلك لا يتخذ الحياد الإيجابي مثلما تفعل موريتانيا على سبيل المثال، بل تحولت الجزائر إلى منصة لدعم الانفصاليين الصحراويين ضد الصحراويين المغاربة في الصحراء المغربية، وبالتالي كل هذه تناقضات صارخة في تصريح تبون.