تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    دراسة تؤكد انقراض طائر الكروان رفيع المنقار، الذي تم رصده للمرة الأخيرة في المغرب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب وإشكالية تدبير الجوار الصعب مع الجزائر
نشر في الرأي المغربية يوم 05 - 07 - 2013

منذ انتصارات الاكتشافات الجغرافية، وإعادة اكتشاف العالم من جديد، استقرت مجموعة من الآليات التي تحدد الكثير من سلوك الدول في البيئتين القريبة والبعيدة منها. ولعل الجغرافيا السياسية التي ابتلعت التاريخ في القرن السادس عشر، وانتصرت لموجة الفلسفات الكبرى آنذاك -بمقولاتها التقليدية ويقينها المفرط بالوعي بقيمة المكان- هي أكثر من غيرها التي تحدد اليوم اتجاهات عقارب الساعة السياسية في يد الدول ومواقيت البدء والحسم، وهي التي تحدد -أكثر من غيرها أيضا- جدول مصالح الدول القومية. وهذه هي الحقيقة التي نحاول أحياناً التغافل عنها كلما داهمتنا الأحداث غير المتوقعة، في محاولة لإيجاد منطق جديد لتفسيرها.
لقد كان المستشار الألماني بسمارك، يقول إن «الجغرافيا هي الحقيقة الدائمة في السياسة الخارجية « . وهو نفس التوجه الذي يذهب إليه البعض الآخر عندما يعتبر أن الدول والأفراد إذا كان بإمكانها تغيير التاريخ فليس بإمكانهم تعديل الجغرافيا. ونلمس هذا التصور بوضوح عند العاهل الراحل في كتاب ذاكرة ملك، إذ يقول" ليس بإمكاني تغيير موقع كل من المغرب والجزائر ويجب أن يتذكر المغاربة والجزائريون دائما أنهم لن يقدروا على تغيير موقع بلديهم"، ويقول الدكتور الحسان بوقنطار في مؤلفه: السياسة الخارجية المغربية..الفاعلون والتفاعلات: إن الجغرافيا قد تكون عامل تواصل وتعايش، كما قد تكون عامل توتر ونزاع ولا يبدوا أن التحولات الكبرى التي شهدها النظام الدولي قد ألغت الأهمية الجيوسياسية لهذا العامل ويضيف وقد ظل هذا المعطى يضغط بكل ثقله منذ استقلال المغرب الذي مازال يسعى إلى ترتيب تفاعله مع جواره بشكل يستجيب لمصالحه ويبدو جليا لحد الآن، أن هذا الجوار هو مصدر توترات خصوصا مع الجارة الجزائر.
إن المغرب باستمرار قطب، قوة، وقلب وجسر مهما كانت أوضاعه الداخلية. فلم يكن المغرب يومًا على هامش المحيط الإقليمي؛ بفضل الجذور الجغرافية الأصيلة الكامنة في كيان المغرب. فلا شك أن موقع المغرب الجغرافي في وضع مثالي مع إتاحة للإمكانيات الطبيعية المثالية في توازن وتناسب، إذ إنه يجعله ملتقى الحضارات ، حيث إن حدوده الشمالية ممتدة على البحر المتوسط، وحدوده الشرقية على الجزائر، وحدوده الجنوبية على الفضاء الافريقي. بالإضافة إلى الثراء المتنوع القائم على الإمكانيات الطبيعية الممنوحة.
فإن المغرب من أجل ذلك يعيش دائمًا في خطر، ويكاد الخطر الخارجي المهدد للأمن القومي المغربي يتناسب طرديًّا مع خطورة الموقع وأهميته وثرائه وتنوعه، هذا الخطر ليس شرًّا مطلقًا، بل هو أحد وأهم الآليات – ويمكن اعتباره ظاهرة صحية وضرورية- التي شحذت الوعي القومي واليقظة الوطنية، وهي التي استبعدت احتمالات الانعزال والانغلاق على الذات بعيدًا عن العالم. هذا الخطر الدائم رغم فداحة تكلفة مواجهته والتصدي له، ورغم عظم التضحيات والثمن الذي يدفع، والذي أحيانًا ينتقص من حريته أو استقراره أو أمنه، إلا أنه أنضج الشخصية المغربية وأضاف لها مميزات وصفات وحيثيات تتمايز كثيرًا عن المحيط البشري. إن لدى المغرب دائمًا عدوًّا متربصًا، ولا شك أن مصدر وموطن الخطر والمواجهة هو ذاته مكمن القوة المغربية، فالمغرب دائمًا مركز قوة وانطلاق ومصدر إشعاع وتأثير وجذب.
وحسن الجوار من أهم المبادئ الأساسية التي تنظم العلاقات السياسية بين الدول المتجاورة، وأي إخلال بهذا المبدأ ينعكس سلباً على استقرار المنطقة كلها، وليس على علاقات الدولتين المتجاورتين فقط، والكثير من الحروب التي تندلع بين الدول ترجع إلى عدم احترام هذا المبدأ أكدت عليه الفقرة الثانية من المادة الأولى لميثاق الأمم المتحدة على إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب, وبأن يكون لكل منها حق في تقرير مصيرها وكذالك اتخاذ التدابير الملائمة لتعزيز السلم في العالم، وقد تكرس هذا المبدأ في ميثاق الأمم المتحدة والذي يلزم الدول الأعضاء بعدم استخدام القوة المسلحة أو التهديد بها لدول أخرى, وان تعيش الدول معا في سلام وحسن جوار.
وقد اجمع فقهاء القانون الدولي المهتمين بمبدأ حسن الجوار بين الدول على انه لبناء علاقات حسن الجوار لابد من احترام مبدأ السيادة بشكل كلي لأنه جزء لا يتجزأ من مبدأ حسن الجوار, ولهذا فان الأصل في العلاقات الدولية هو إقامة علاقات طيبة وفقا لمبدأ حسن الجوار استنادا لمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية بين الدول والتي أعلنت عنها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1970 وأوضحت فيها إن على كل دولة واجب الامتناع في علاقاتها الدولية عن التهديد بالقوة أو استخدامها ضد الوحدة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أخرى.
يراعى المغرب مبدأ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية)، ويعني به تعايش الدولة المغربية وتعاملها بصورة سلمية مع المجتمع الدولي والالتزام بالقانون الدولي، إلا إننا نرى إن أكثر المشاكل وأكبرها تحدياً وخطورةً على المغرب مصدرها دول الجوار وخصوصا الجزائر.
فقد تأثرت ذاكرة العديد من المغاربة بالانزعاج الدائم والمستمر الذي كانت تثيره الطغمة الحاكمة في الجزائر تجاه المغرب بالدرجة جراء السياسات اللامسؤولة من قبل النظام الجزائري، الذي لم يدخر جهداً في التدخل السافر في الشأن المغربي للعمل على زعزعة أمنه واستقراره وعرقلة أي مشروع من شأنه تحقيق النهضة لهذا البلد.
فالتاريخ الأسود للجزائر في تعاملها مع المغرب لم ينمح بعد انطلاقا من حرب الرمال إلى تبني المعارضين ضد النظام المغربي وتسليحهم وإرسالهم عبر الحدود بين البلدين إلى تجنيد مرتزقة البوليساريو ودفعهم إلى معركة خاسرة في أقاليمه المسترجعة إلى الانتقام من الجالية المغربية المقيمة بالجزائر وطردها من التراب الجزائري ومصادرة أملاكها والهجوم على فندق "انسني بمراكش الذي انتهى بإغلاق الحدود بين البلدين والوقوف ضد المغرب في أزمة جزيرة ليي واستمرار معاكسة الوحدة الترابية للمغرب، والتورط الواضح للرجل المريض في أحداث العيون الأخيرة، وفضائح التزوير الإعلامي وشن حرب الدعاية الهدامة ضد المملكة المغربية حسب ما كشف عنه موقع ويكيلكس.
ودأب النظام الجزائري على استغلال ورقة الصحراء المغربية في التنفيس عن الاحتقانات السياسية والاقتصادية الداخلية، فالمغرب بالنسبة إلى الجزائر عدو احتياطي لتصريف الأزمة الداخلية التي تستفحل حاليا في ظل سياسة الوئام المدني والانتفاضات المتوالية لمنطقة القبائل.
واتضح بعد وصول بوتفليقة إلى الحكم، إنه ليس الرجل المناسب الذي بإمكانه إنهاء الحرب الباردة القائمة بين البلدين منذ 1999، بل إنه دشن عهده بخاطب شديد اللهجة عندما اعتبر أن الجزائر ضحية جوارها الذي تكالب عليها وذلك منذ حرب التحرير جاعلا من الجرائر تلك البقرة الحلوب واتبع ذلك باتهامات وجهها للمغرب بإيواء وغض الطرف عن تسللات الجماعات المسلحة التي نتخذ الحدود المغربية قاعدة خلفية في تنفيذ عمليات إرهابية.
وتؤكد متابعة السلوكات الجزائرية على الصعيد الدبلوماسي منذ انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر، أن تغييرا جوهريا في السياسة الجزائرية إزاء المغرب عموما وبشأن قضية الصحراء على وجه الخصوص لا يزال بعيدا عن إمكانية التحقق العملي ففي مختلف التظاهرات والتجمعات الإقليمية والدولية، كان الهاجس الأساسي للدبلوماسية الجزائرية هو إضعاف الحضور المغربي في مختلف المحافل والمؤتمرات الدولية، وقطع جسور تواصله مع المحيط الخارجي،وعزله عن المجتمع الدولي.
صدرت في الأسابيع الأخيرة تصريحات عن مصادر جزائرية رسمية رهنت فيها تطبيع العلاقات الثنائية وإعادة فتح الحدود البرية بين البلدين بالعديد من "الشروط" التي لا أساس لها و غير المفهومة.
و قد وضح المتحدث بإسم وزارة خارجية الجزائر عمار بلاني ان " فتح الحدود البرية بين البلدين يستدعي مثل ما هو معروف عند المغربيين توفر شروط رئيسية، تتعلق بالوقف الفوري لحملة التشويه التي تقودها الدوائر المغربية الرسمية وغير الرسمية ضد الجزائر". وأكد المتحدث "أن الجزائر ترفض تدخل أي طرف ثالث بشأن ملف فتح الحدود بين الجزائر والمغرب". و في شأن تهريب المخدرات ترى الجزائر انه يجب ان يكون تعاون صادق و فعال و مثمر من قبل السلطات المغربية لوقف تدفقها وتهريبها بطرق سرية من المغرب الى الجزائر" بات أمرا ضروريا تجسيده قبل مناقشة فتح الحدود بين البلدين. وأضاف البيان أن الوزارة تشترط "احترام موقف الحكومة الجزائرية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية التي نعتبرها مسألة إنهاء الاستعمار، ويجب إيجاد تسوية وفقا للقانون الدولي في الأمم المتحدة". وتدافع الجزائر عن هذا الموقف انطلاقا من حق تقرير المصير للشعوب، وفيما يعترف المغرب بالجزائر كملاحظ في المفاوضات المباشرة التي يجريها مع جبهة البولزاريو تحت رعاية أممية، فإنه يكيل الاتهامات للجزائر –حسب ماتدعيه الجزائر-بسبب إيوائها للاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف ودعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.و في نفس السياق رفض المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني تصريحات نسبت الى الأمين العام لاتحاد المحامين العرب عمر زين، الذي طالب الجزائر بفتح حدودها البرية مع المغرب خلال وقفة نظمها محامون في مدينة السعيدية المغربية على الحدود مع الجزائر. واعتبر البيان أن " الجزائر لا تولي أهمية لهكذا تصريحات لأن مسألة إعادة فتح الحدود هي قضية سيادية تقع ضمن الاختصاص الحصري للحكومة الجزائرية فقط".
إن مجرد قراءة هذه الشروط توضح بجلاء وقوع الجزائر في مغالطات وتناقضات، فبالنسبة للشرط الأول، فالإعلام الجزائري المسموم بكل أنواعه، يمارس الدعاية الهدامة ضد النظام المغربي ويسخر كل إمكانياته المتاحة للنيل من استقرار المغرب ورموزه، ويكفي الدخول الى موقع الالكتروني لجريدة الشروق الجزائرية التي هي سهم مسموم موجه للمغرب، فهي لا تكتفي بالمعاكسة الدبلوماسية، بل تذهب بعيدا في ذلك متهجمة على جلالة الملك محمد السادس متهمة اياه بالمناورة وعدم الجدية والرغبة الصادقة في حل المشاكل العالقة منها قضية الصحراء.
وبالنسبة لترويج المخدرات داخل التراب الجزائري فهذا الكلام مردود، فرغم ان تجارة المخدرات رائجة في المغرب، الا ان وجهتها تبقى اوربا وليس التراب الجزائري، ويكفي جولة بالمناطق الحدودية الشرقية ومنها وجدة للتأكد من تورط الجزائر في ترويج كل انواع المخدرات، فالباعة موجودون قرب الثانويات والمدارس وفي الاحياء المهمشة يروجون لهذه السموم .
كذلك فإن الجزائر المستفيد الأكبر من تجارة التهريب، البنزين ومايدور في فلكه،فهي تشغل يد عاملة قوية في الجزائر.
وبالنسبة للشرط الأخير، الذي أوقع الجزائر في مصيدة دبلوماسية، تدعي أن قضية الصحراء مكانها الأمم المتحدة ويجب فصلها عن النزاع بين الطرفين، تؤكدها عدة تصريحات ورسائل دبلوماسية منها رسالة من الرئيس الجزائري إلى المدعو عبد العزيز بتاريخ 20 ماي 2004 عبر فيها عن دعم بلاده لهذه القضية..." بهدف مساعدة الشعب الصحراوي وكذا باقي الشعوب من أجل استرداد حريتها واستقلالها". و رسالة من الرئيس الجزائري إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 17 غشت 2004 أشار فيها إلى أن "هذا النزاع يدور بين الشعب الصحراوي والقوة المحتلة، أي المغرب ". وأن " الجزائر لا تتصرف بهذا الشأن إلا من حيث هي عضو في منظمة الأمم المتحدة ".
وإذا كان موقع قضية الصحراء هو الأمم المتحدة, فلماذا تضعها الجزائر كشرط لفتح الحدود؟ ولماذا تنصب نفسها كطرف؟
بالرجوع الى المذكرة التوضيحية التي رفعها المغرب الى الامم المتحدة ابان فيها عن مسؤولية الجزائر في نزاع الصحراء بتاريخ 24 شتنبر 2004 أكد فيها المسؤولية الجزائرية عن فشل جهود تسوية المشكلة، بما يجعل أي حل حقيقي للنزاع رهينا بحل هذا التورط، وتأرجحها المنتظم بين الطرف المراقب والطرف الفاعل.
فالعودة للتذكير بالدور العسكري للجزائر في النزاع، وتجندها الديبلوماسي والسياسي لصالح البوليساريو ثم تحكمها في كيفية ومسار تسوية المشكلة في إطار الأمم المتحدة، وصولا إلى تقدمها باقتراح تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو في نونبر2001، يناقض كافة دعاويها حول تقرير المصير، كما يجعل من المراهنة على تسوية المشكلة بمجرد تفاوض مباشر بين المغرب والبوليساريو مراهنة حالمة إن لم نقل عبثية، مادامت الجزائر حاضرة في النزاع كطرف مباشر، أي أن أي تسوية لقضية الصحراء تبقى رهينة بدمجها ضمن منظور مغربي جزائري، ولعل في التوتر المتصاعد في العلاقات المغربية-الجزائرية في الآونة الأخيرة دليل إضافي على أن هذه القضية تمثل مفتاح الاستقرار والاندماج والأمن، ليس فقط في المنطقة المغاربية، بل في غرب المتوسط ككل، ويؤكد بالتالي صوابية الموقف المغربي، وأي اختزال للقضية في دائرتها الضيقة المرتبطة بالبولساريو لن يكون إلا عامل تغطية للمشكلة في
أبعادها الحقيقية.
إن الجزائر ما تزال تقف أمام استكمال المغرب لوحدته الترابية، إذ سخرت كل إمكانيتها الدبلوماسية والعسكرية واستغلت ظروف الحرب الباردة سابقا لخلق جو مناوئ للمغرب في بعض المحافل الدولية وهي بذلك تسعى إلى تمزيق وحدة المغرب الترابية الشيء الذي لا يمكن قبوله لا مغربيا هذا في الوقت الذي اقتنعت فيه الدول العظمة بأن الحل السياسي لقضية الصحراء هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع الطويل الأمد.
إن منطق الحرب البادرة و الدولة الثورية وما يسمى بفكرة المليون شهيد هي أفكار أكل عليها الدهر وشرب ما زالت تشكل أحد ثوابت السياسية الخارجية الجزائرية تجاه المغرب في الوقت الذي يتجه فيه العالم المعاصر نحو التكتلات رافضا كل أشكال المحاولات الانفصالية التي تمزق الدول.
ورغم أن الجزائر أعلنت أنها لا تملك أية مطالب أو أطماع ترابية وإن مساعدتها لجبهة البوليساريو هو موقف مبدئي فإن الأهداف الحقيقية للجزائر تتمثل في مايلي:تطويق المغرب جغرافيا وعزلة من محيطة الإفريقي.
- محاولة فرض الزعامة في شمال إفريقيا والاستفراد باتخاذ القرار الإقليمي المغاربي
- نهج سياسة المجال الحيوي تجاه المغرب
- حاجة الجزائر الملحة لممر عبر الصحراء إلى المحيط الأطلسي لتسويق مناجم جديد جنوب الجزائر
- تخوف الجزائر من إثارة المغرب لموضوع السيادة على تندوف ومناطق أخرى مجاورة
كل هذه السلوكات تجعل الجزائر شبيهة بكوريا الشمالية من حيث الطمع الجيوبوليتيكي والنزعة التوسعية.
كذلك ما يبعث على الاستغراب حقا هو موقف الجزائر تجاه مصير اللاجئين الصحراويين. فعلى خلاف ما يقع في سائر البلدان الأخرى التي تستقبل أعدادا مهمة من اللاجئين، والتي تسعى عادة إلى إقناع المجتمع الدولي بضرورة العمل على عودة اللاجئين إلى بلدانهم أو إعادة توطينهم إذا ما استحالت هذه العودة. الجزائر كانت، وإلى حدود سنة ,1996 قد منعت المفوضية السامية للاجئين من دخول مخيمات اللاجئين الموجودة فوق ترابها، وحالت بالتالي دون أداء مهمة المفوضية بالشكل المطلوب. وفضلا عن ذلك، تمادت الجزائر، وبشكل مباشر، في فرض رقابة صارمة على المخيمات، وخصوصا من خلال مراقبة تنقل السكان والحد منه. وهي بالتالي مسؤولة عن عدم تطبيق الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين - التي اعتمدها يوم 28 يوليوز 1951 في مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية ، الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى انعقاده بمقتضى قرارها 249 (د-5) المؤرخ في 14 دجنبر 1950 - والتي تنص على أنه تمنح كل من الدول المتعاقدة (وهي هنا حالة الجزائر) اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها حق اختيار محل إقامتهم والتنقل الحر ضمن أراضيها.
فإننا نجد الجزائر تعارض بشدة عودة سكان المخيمات إلى الأقاليم الصحراوية المغربية، ومن المتوقع أنها سوف ترفض أيضا التعاون مع المفوضية في حال ما إذا قررت هذه الأخيرة تطبيق برنامج لإعادة توطين اللاجئين الصحراويين في بلدان أخرى. وفي هذه الحالة، فإنها ستتنصل مرة أخرى من تحمل التزاماتها الدولية تجاه اللاجئين الصحراويين والمجتمع الدولي. فالجزائر تتحمل المسؤولية الكبرى فيما يرجع لمصير اللاجئين الصحراويين، باعتبارها البلد المستقبل وبلد اللجوء الأول، وأيضا بصفتها صاحبة السيادة الإقليمية وفقا للقانون الدولي.
نخلص إلى القول إن على الجزائر إن تكف عن التحرش بالمغرب ومعاكسة وحدته الترابية وأن تعترف بشرعية سيادته على أقاليمه الصحراوية وأن تنخرط في مفاوضات لإيجاد حل نهائي ومتوافق بشأنها لقضية الصحراء المغربية.
ونعتقد ان أي تغيير في الموقف الجزائري المتصلب لن يكون إلا بحدوث تغيير في نظام الحكم العسكري عبر حراك سياسي واجتماعي يؤسس لدولة ديمقراطية بالجزائر.
دكتور في العلاقات الدولية-جامعة محمد الخامس-الرباط*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.