مازالت الخطوات التصعيدية التي يتخذها النظام الجزائري تجاه المغرب متسارعة في ظل التوتر القائم منذ قرار الجزائر بشكل أحادي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب. فبعد إغلاق الأجواء الجزائرية في وجه الطائرات المغربية وتلك التي تحمل ترقيما مغربيا، جاء الدور على تلميح آخر مشابه لذاك الذي يكون في حالة ما قبل الحروب بين دول الجوار، من خلال ما كشف عنه عضو لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالبرلمان الجزائري، يعقوبي عبد الوهاب، عن عزم بلاده إجلاء رعاياها من المغرب صوب الجزائر. نية النظام الجزائري في إجلاء رعاياه من المغرب يجعل مصير المغاربة المتواجدين فوق التراب الجزائري ضبابيا، ما يجعلنا نتساءل بناء على كل هذه المعطيات عن الخطوة القادمة التي تمهد لها الجزائر تجاه المغرب من خلال إبداء نيتها الصريحة في إجلاء رعاياها. وأوضح، أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية الحقوق بطنجة، محمد العمراني بوخبزة، أنه "نظريا فأي خطوة تقبى متوقعة من الطرف الجزائري، لأنه لا وجود لأي منطق الآن يحكم القرارات الجزائرية، وبالتالي فكل ما لا يمكن أن يخطر على بال إنسان يمكن أن يصدر عن النظام الجزائر". وتابع بوخبزة في وفق"آشكاين"، أن "إجلاء الرعايا أو قرارات أخرى قد تكون غريبة سيتم اللجوء إليها، لأن هَمّ الجزائر الآن هو إثارة الطرف المغربي وجره إلى اتخاذ قرار أو رد فعل معين"، موردا أن "كل ما يبحث عنه الطرف الجزائري هو دفع المغرب لاتخاذ إجراءات يمكن أن تتخذ كذريعة من النظام الجزائري للمزيد من التصعيد". وشدد على أن "مسألة الإجلاء ليست مرتبطة بإرادة النظام الجزائري، لأن الرعايا الجزائريين المقيمين أو اللذين يشتغلون في المغرب، لم تأتِ في إطار اتفاقية تبادل أو مرتبطة بتعاون في قطاع معين ، بقدر ما أنها مسألة إرادية فردية لمجموعة من الأفراد". ولفت محدثنا الانتباه إلى أن "المغرب لا يتعامل مع الأجانب بمنطق التميز، بقدر ما يتعامل معهم على أنه أرض للاستقبال والوفادة، وأرض لا تميز بين الرعايا، كما أن هذه الأمر مرتبط بتاريخ الجزائر، لأنها يمكن أن تتجه إلى طرد الرعايا المغاربة المقيمين فوق التراب الجزائري، في إعادة لسيناريو المسيرة الكحلة التي طرد فيها آلاف المغاربة من الجزائر، إذ أن هذا الحادث لم يكن الوحيد، وقد يكون طرد المغاربة هذه المرة كإجراء تحت ذريعة أن المغرب اتخذ قرارا من القرارات". "وهو الأمر الذي كان واضحا" يسترسل بوخبزة "من خلال ما وقع في أنبوب الغاز المغربي، حيث أن السلطات المغربية لم يصدر عنها أي إجراء بخصوص الأنبوب، بل على العكس من ذلك، فالمسؤولة المغربية اعتبرت أن الأنبوب في إطار اتفاقية تربط، ليس فقط المغرب، بل حتى الجزائر وإسبانيا، ورغم ذلك لاحظنا أن الطرف الجزائري اتجه نحو التصعيد وقطع الأنبوب وتغيير مساره نحو مسار آخر". وخلص أستاذ العلوم السياسية نفسه وفق الجريدة ذاتها، إلى أن "كل الإجراءات متوقعة من النظام الجزائري، وحتى تلك غير المتوقعة يمكن أن تصدر عن الطرف الجزائري، لأن الغاية هو استفزاز المغرب وجره إلى اتخاذ قرار معين ".