الرغبة في محاربة الشيخوخة التي يعاني منها المجتمع الإسباني، وتعافي الاقتصاد، وتحسن العلاقات الثنائية مع المغرب بشكل كبير في السنتين الأخيرتين؛ كلها عوامل جعلت الحكومة الإسبانية تتراجع عن سياسة تقليص عدد المجنسين المغاربة كما حدث سنة 2015، وتقرر، بذلك، خلال 2016 تجنيس أكبر عدد ممكن من المهاجرين المغاربة بفارق شاسع عن المجنسين من بلدان أخرى. هذا ما يتضح من خلال تقرير أصدره "مكتب الإحصاء الوطني الإسباني"، يوم أول أمس الثلاثاء، وتتوفر "أخبار اليوم" على نسخة منه، إلى جانب نسخ من تقارير سابقة، سمحت لنا بتقديم صورة شاملة عن تجنيس المغاربة في إسبانيا منذ بدية القرن الحالي. التقرير أبرز أن النتائج النهائية لعدد المجنسين الأجانب لسنة 2016، تبين أن المغاربة يحتلون المرتبة الأولى ب37 ألف مجنس، وبفارق شاسع عن المهاجرين البوليفيين الذين احتلوا المرتبة الثانية ب15.8 ألف مجنس، متبوعين بالإكوادوريين ب15.2 ألف مجنس، والكولومبيين ب14.2 ألف مجنس، والدومينكانيين ب9.1 ألف مجنس، والبيروفيين ب6.9 ألف مجنس، والكوبيين ب4.3 ألف مجنس، والأرجنتينيين ب3.7 ألف مجنس، والبرازيليين ب3.4 ألف مجنس، والبارغوايانيين ب3.3 ألف مجنس. وأضاف التقرير أنه خلال 2016 بلغ مجموع المجنسين الأجانب في إسبانيا 150944 مجنسا، بارتفاع نسبته 32 في المائة مقارنة مع سنة 2015، أي أن المغاربة يمثلون تقريبا ثلث المجنسين الأجانب بإسبانيا. معطى آخر تضمنه التقرير يؤكد التوجه الإسباني إلى تجنيس المغاربة، يتمثل في كون المهاجرين المولودين في المغرب يمثلون أكثر من نصف المجنسين المغاربة خلال سنة 2016 بإسبانيا، إذ أن 22.8 ألفا من أصل 37 مجنسا رأوا النور في المغرب قبل الانتقال للعيش في إسبانيا. كما أن المغاربة احتلوا، كذلك، المرتبة الأولى من حيث المجنسين الأجانب الذين ولدوا خارج التراب الإسباني، ب22.8 ألف مجنس، متبوعين بالكولومبيين ب14.1 ألف مجنس، والبوليفيين ب14.1 ألف مجنس. في المقابل، يعتبر المغرب البلد الإفريقي الوحيد الذي ظهر رعاياه ضمن المجنسين بإسبانيا سنة 2016. التقرير كشف أن منح الجنسية للمهاجرين المغاربة يرجع، أولا، إلى الإقامة في إسبانيا، علما أن كل مغربي يريد الحصول على الجنسية الإسبانية يتوجب عليه العيش بشكل دائم في الجارة الشمالية 10 سنوات على الأقل؛ ثانيا، الارتباط "التاريخي" بإسبانيا، مثلا بعض الصحراويين، إلى جانب عوامل أخرى. في المقابل، كشفت مصادر إسبانية ومغربية بالجارة الشمالية، أن العوامل الثلاثة تعتمد في الواجهة، لكن الرفع أو الخفض من نسبة التجنس تبقى محكومة باعتبارات سياسية وديموغرافية واقتصادية وأمنية واجتماعية، مبرزة أن إسبانيا تحاول محاربة ارتفاع معدل الشيخوخة الذي سيتجاوز لديها 30% في أفق 2050، بتجنيس أكبر عدد من المهاجرين المغاربة، لكن من خلال البحث عن بروفايلات مهاجرين أكثر اندماجا ولديهم معرفة ولو بسيطة بالثقافة واللغة الإسبانيتين؛ خاصة وأن المغاربة يوجدون على رأس الجاليات الأجنبية التي تعيش في إسبانيا بأكثر من مليون مهاجر. وتوضح تقارير معهد الإحصاء ووزارة العدل الإسبانية وبعض وسائل الإعلام التي اطلعت عليها "أخبار اليوم"، أن عدد المغاربة الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية في السنوات ال16 الأخيرة بلغ 220204 مجنس. وتبين الأرقام، كذلك، كيف أن إسبانيا انتقلت من منح الجنسية ل1928 مغربيا فقط سنة 2000 إلى منحها ل37009 مغربي سنة 2016، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ للمجنسين المغاربة سنة 2013 ب45754 جنسية، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المجنسين الأجانب في الجارة الشمالية. أرقام موازية سبق ونشرتها وكالة الأنباء "أوربا بريس"، تكشف أنه فعلا منذ سنة 2005 بدأت إسبانيا تركز على تجنيس المغاربة، إذ حصل 5555 مغربيا على الجنسية الإسبانية سنة 2005، و5690 مغربيا سنة 2006، و7864 سنة 2007، و8615 سنة 2008، و6683 سنة 2009، و10703 سنة 2010، و14427 سنة 2011، و16163 سنة 2012، و46547 سنة 2013، علاوة على الأرقام الأخيرة التي أشارت إلى حصول 35000 مغربي عليها سنة 2014، و19.904 في 2015، و37009 سنة 2016. وهكذا تم تجنيس في ال11 سنة الأخيرة فقط 214151 مغربيا.