ملك المغرب في قلب الجزيرة العربية في وقت وصل فيه بركانها السياسي إلى ذروة نشاطه. حفل تدشين متحف اللوفر الفرنسي بإمارة أبوظبي، الذي جرى أول أمس، تميّز بحضور الملك محمد السادس إلى جانب الرئيس الفرنسي المعني مباشرة بهذا المتحف، فيما تركّزت جلّ الأنظار على البلاغ الرسمي الذي صدر عن القصر الملكي بالرباط قبيل انطلاق الطائرة الملكية نحو أبوظبي، والذي جعل للزيارة وجهتين اثنتين؛ الإمارات العربية المتحدةوقطر. هذه الأخيرة تعيش تحت حصار جوي وبري وبحري شامل، تقوده إمارة أبوظبي منذ ما يقرب من ستة أشهر، ما جعل جلّ المراقبين يربطون بين الزيارة الملكية، المثيرة في توقيتها وشكلها، وبين وساطة يمكن أن تتأسس على رحلة جوية كبيرة الدلالة، والتي ستحمل ملك المغرب من أبوظبي إلى الدوحة. ملف شائك ومتفجّر، تتداخل فيه الأيدي الروسية والأمريكيةوالإيرانية والتركية، لكنّه لم يمنع العاهل العلوي من جمع دبلوماسيين، واحد إماراتي والثاني قطري، في مكان واحد، وذلك من خلال حضور سفيري البلدين إلى مطار الرباط-سلا للمشاركة في مراسيم توديعه الرسمية. مشاهد وخطوات لا تخلو من رمزية، وتؤكد أن العلاقات المغربية مع دول الخليج العربي تجاوز مداها موقف الحياد السلبي الذي يمكن أن تتخذه دولة حريصة على مصالحها مع إمارات النفط والبترودولار. ففي الوقت الذي تفسّر فيه المحطة الإماراتية من الجولة الملكية بحدث تدشين المتحف الفرنسي الشهير، تمثل المحطة القطرية من الزيارة الملكية خطوة مثيرة بالنظر إلى الحصار الذي يفرضه الجيران الخليجيون على هذه الإمارة. الزيارة تؤكد الخيار المتفرّد الذي قام به المغرب لحظة انفجار الأزمة الخليجية، حيث كان قد بعث طائرة محملة بالمواد الغذائية إلى الدوحة، وبعث وزير خارجيته، ناصر بوريطة، إلى المنطقة، في محاولة للعب دور الوساطة وتفسير الموقف المغربي القائم على الحياد. مصدر مطلع على تفاصيل العلاقات المغربية القطرية قال ل«أخبار اليوم» إنه، وإلى غاية يوم انطلاق الجولة الملكية، «لا يوجد أي جدول أعمال معيّن للزيارة الملكية لقطر، من قبيل لقاءات وزارية أو توقيع اتفاقيات». معطى يشير إلى أن الزيارة الملكية لقطر هي في حد ذاتها عمل دبلوماسي، ورسالة مفادها استمرار حياد المملكة إزاء أطراف الأزمة الخليجية. وضع جديد يختلف عن نمط العلاقات القائمة على روابط شخصية بين ملك المغرب وملوك الخليج، كما يؤكد ضمّ الرباط المحور القطري إلى شبكة علاقاتها الاستراتيجية مع هذه المنطقة الحساسة، عكس الروابط التقليدية مع السعودية والإمارات. جسر مغربي بين قطروأبوظبي «لدى المغرب ما يكفي من الإمكانات والمقومات لكي يدفع في اتجاه رأب الصدع بين الدول الخليجية، لذلك، فالزيارة الملكية لكل من الإماراتوقطر في الظرفية الراهنة، بقدر ما تؤشر على أن هناك مبادرة مغربية في الأفق من الممكن أن تؤدي إلى حدوث انفراج، لاسيما بعد فشل الوساطة الكويتية، فإنه من غير المستبعد، كذلك، أن يصطدم التحرك المغربي ببعض الصعوبات والتعقيدات الداخلية لدول الخليج، والمتغيرات الإقليمية والدولية التي أصبحت تفرض نفسها بقوة»، يقول الأستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد الزهراوي، الذي أوضح أن هذه الصعوبات تتمثل في هشاشة البيت الداخلي الخليجي بعد ظهور أزمة داخلية في الدولة الكبرى بالخليج، وهي السعودية، «ثم تباين واختلاف وجهات النظر بين طرفي الأزمة الخليجية، وبداية ظهور تصدعات في مواقف الطرف الذي تمثله كل من السعودية والإمارات… إضافة إلى تلاعب وتدخل عدة قوى إقليمية ودولية في الأزمة الخليجية. هنا يمكن الحديث عن أمريكا وروسيا وفرنسا وتركيا وإيران. فتدويل الأزمة أسهم في تعقيدها». من جانبه، قال إبراهيم اسعيدي، الأستاذ بجامعة الدوحة، ل«أخبار اليوم»، إن الكيفية التي جرى بها إعلان الزيارة الملكية «ربما تهدف إلى إعطاء قيمة دبلوماسية للزيارة، لأن كل الزيارات الخارجية تندرج في إطار دبلوماسية الملك وتدبير صورة المغرب وصورة الملك، وبالتالي، كان هناك حرص على إظهارها كزيارة عمل تدخل ربما في عملية وساطة». اسعيدي أوضح أن كسب الاستثمارات الخليجية في قطاعات الفلاحة والسياحة والخدمات والصناعة، والحفاظ عليها وعلى صورة البلد المحايد في الأزمة الخليجية، يقتضيان البقاء طرفا عربيا محايدا يمكنه إدارة عملية الوساطة. «السؤال الآن هو: هل ستكون للزيارة مخرجات تسهم في تخفيف التوتر، ونتائج ملموسة يمكن قياسها من خلال تخفيض حدة التراشق الإعلامي، أو رفع الحصار الجوي والاقتصادي؟ وهل ستسهم، على الأقل، في دفع كل من الإماراتوقطر إلى حل المشكلة داخل مجلس التعاون الخليجي، عبر المشاركة في القمة الخليجية التي يُعتبر انعقادها معضلة؟». توازن الرعب الموقف المحايد للمغرب برز منذ اندلاع الأزمة بين قطر وكل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر. الرباط بادرت حينها إلى بعث طائرة محملة بمواد غذائية إلى الدوحة، وأصدرت بلاغا يوضح أنها حريصة على «عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاذ المواقف المتسرعة التي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات»، كما أن المملكة المغربية «تفضل حيادا بناء لا يمكن أن يضعها في خانة الملاحظ السلبي لمنزلق مقلق بين دول شقيقة». وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، توجه حينها إلى كل من الإماراتوقطر والسعودية والكويت، وأعلن دعمه هذه الأخيرة في عملية الوساطة التي تقوم بها. موقف لم يظهر له انعكاس صريح على علاقات المغرب بخصوم قطر، حيث حلّ العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، متم شهر يوليوز الماضي، بمدينة طنجة التي اعتاد أن يقضي بها عطلته السنوية. وصول الملك سلمان إلى المغرب بدّد حينها الشكوك التي حامت حول احتفاظه بهذا التقليد السنوي، بسبب الموقف المغربي من الأزمة الخليجية. الرباط نأت بنفسها عن الصراع بين قطر وجيرانها الخليجيين، في مقدمتهم السعودية والإمارات. فمكوث العاهل السعودي في مدينة طنجة، يحوّلها إلى واحدة من عواصم الدبلوماسية الدولية، حيث يحرص بعض قادة الدول على زيارته فيها، رغم تفويضه تسيير شؤون المملكة إلى ولي العهد. في المقابل، كشفت قناة «الجزيرة» القطرية تحوّلا ملحوظا في خطها التحريري تجاه المغرب، وتجلى ذلك بوضوح في كيفية تغطيتها، أو عدم تغطيتها، الحراك الشعبي الذي عرفته منطقة الريف. وفي نهاية الأسبوع الماضي، استأثر اللقاء الخاص الذي نظمه وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، باهتمام خاص خلال أشغال مؤتمر السياسة الدولية الذي احتضنته مراكش. الوزير ألقى كلمة تركّزت حول الأزمة القطرية الخليجية الحالية، تلاها نقاش مع المشاركين في المؤتمر، تركزت حول الموقف الأمريكي والتداعيات الممكنة للأزمة. وفي الوقت الذي غاب فيه عن المؤتمر المنظم من طرف مؤسسة فرنسية أي صوت إماراتي أو سعودي، حرص مصدر دبلوماسي مغربي رفيع على التوضيح، على هامش المؤتمر، أن المغرب لم يتخذ بعد أي موقف من الأزمة الخليجية، مضيفا أن «الموقف المغربي يرتبط دائما بوجود رؤية واضحة، وبضرورة الالتزام بهدف محدد، وهو ما لم يتوفر حتى الآن». مغرب يسع الجميع لعبة العزف على جميع الألحان الخليجية اتخذت أشكالا أخرى، حيث صادق المغرب أخيرا، وبشكل نهائي، على اتفاقية أمنية مع الإمارات العربية المتحدة، نشرت في الجريدة الرسمية. الاتفاقية تركز على التعاون في مجال محاربة الإرهاب، وتنص على فتح البلدين علبة أسرارهما الأمنية أمام بعضهما البعض. بنود هذه الاتفاقية تنص على «تبادل المعلومات حول الأوضاع العامة واتجاهات الجريمة في البلدين»، و«تبادل المعلومات حول المنظمات الإجرامية والجماعات التي تقوم بالإعداد والتخطيط والمشاركة في غرس أي سلوك هدام، بغرض التأثير على الأمن وعلى المصالح الاقتصادية لأي من البلدين»، و«تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية ومنظماتها، فضلا عن التشكيلات والأنشطة والعمليات والأساليب والأعضاء، واتصالاتهم، والتحقيقات الجارية التي تهم الطرفين»… في المقابل، يتوقع الحساب الخاص بمنح دول مجلس التعاون الخليجي، خلال السنة المقبلة، تلقي 8 ملايير من الدراهم فقط، مقابل أكثر من 18 مليارا وعد بها خلال سنة 2014، و17 مليارا في 2015، و24 مليارا في سنة 2016. هذه المساعدات تندرج في إطار الشراكة الاستراتيجية التي وقعها المغرب مع دول مجلس التعاون الخليجي، بدلا من دعوة الانضمام التي وجهت إليه في سياق أحداث الربيع العربي. ويتعلّق الأمر بخمسة ملايير من الدولارات، وعدت بها دول الخليج المغرب في الفترة ما بين 2012 و2016. صرف هذه المنح المالية شهد تعثرات متكررة بفعل تراجع أسعار النفط، وانعكاسه على ميزانيات دول الخليج. منعرج الربيع العربي دعوة الانضمام هذه التي صدرت عن مجلس التعاون الخليجي عام 2011، أي في مرحلة الربيع العربي، تشكّل نقطة تحوّل في العلاقات المغربية الخليجية. ففي القمة التي عقدتها دول الخليج في تلك السنة، فاجأت المملكة العربية السعودية حلفاءها وجيرانها الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بإعلانها دعوة كل من مملكة الأردن ومملكة المغرب إلى أن تلتحقا بالمجلس، رغم المفارقات السياسية والجغرافية التي تحملها هذه الدعوة. تلك الدعوة حملت في طياتها مؤشرات على تحوّلات كبرى تقع في المنطقة وفي العالم، تجعل أصحاب السلطة في مملكة آل سعود يستبقون الأمور، ويبحثون عن سند عسكري وديمغرافي واستراتيجي لدى الدولتين المدعوّتين، استعدادا لتهديدات غير مسبوقة لكُبرى دول المنطقة العربية الإسلامية. المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي قرّر أن يفوّض إلى المجلس الوزاري مهمة الاتصال بالمغرب، وطلب انضمامه إلى المنظمة الخليجية. خطوة تعني، من بين ما تعنيه، انضمامه المحتمل إلى الجناح العسكري للمنظمة، والمتمثّل في ما يُعرف ب«ذرع الجزيرة»، أي الجيش الموحّد بين دول المنطقة، والذي تأسس بالدرجة الأولى من أجل مواجهة إيران، العدو الاستراتيجي في المنطقة. لكن تحفظات متبادلة حوّلت فكرة الانضمام إلى «شراكة استراتيجية» عنوانها 5 ملايير دولار من الدعم الخليجي للمغرب، واصطفاف فعلي وواضح من جانب المملكة إلى جانب شركائها الخليجيين في معاركهم الدبلوماسية والعسكرية. الوجهة الخليجية تحوّلت إلى اختيار استراتيجي في دبلوماسية محمد السادس، من خلال توالي الزيارات المتبادلة والمواقف شبه المتطابقة، والدخول المشترك في الحرب اليمنية ضد ميليشيات الحوثيين. وعند أول محنة دبلوماسية كبيرة واجهها المغرب بعد إبرام تلك الشراكة، أي عندما أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على اقتراح مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يعاكس المصالح المغربية، تأكدت مؤشرات الدور الدبلوماسي المهم الذي لعبته دول خليجية كبرى لتمكين المغرب من إقناع البيت الأبيض بسحب مقترح مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. أخذ وعطاء مصالح استراتيجية متبادلة حوّلت منطقة الخليج إلى وجهة ثابتة في الجولات الدبلوماسية المكوكية للملك محمد السادس في السنوات الأخيرة. بل إن الرباط حوّلت لحظات التحوّل الكبيرة التي عرفها القطبان الرئيسان للمنطقة، أي السعودية وقطر، إلى فرصة لرفع مستوى العلاقات إلى مستويات أعلى. فبعد التغيير الذي طرأ في قمة الهرم السياسي لقطر، أي تنحي الأمير حمد بن خليفة، وتعويضه بابنه تميم بن حمد، بدت العلاقات المغربية القطرية مُقبلة على أيام سعيدة تُنهي شهورا من الغموض والضبابية التي طبعتها لبعض الوقت. تحوّل انطلق فعليا باستقبال الملك محمد السادس، في صيف 2013، سفيرا قطريا جديدا بالرباط، فيما كانت البرقية الملكية لتهنئة الأمير الجديد قد عبّرت عن استعداد فوري لتعميق التشاور الودي مع الأمير الجديد لقطر، وعزم ملك المغرب على تسخير كافة الإمكانيات التي يمكنها الارتقاء بعلاقات البلدين. في السنة الموالية، كان المغرب مدعوا بشكل استثنائي إلى حضور أشغال القمة الخليجية التي احتضنتها الدوحة في 2014. خطوة كانت قد جاءت مباشرة بعد الأزمة الخانقة التي مرّت منها العلاقات الداخلية بين دول المجلس، والتي بلغت درجة سحب جلّ دوله سفراءها من العاصمة القطريةالدوحة. في المقابل، حرصت الرباط لأول مرة على الحديث العلني عن دعمها الأمني والعسكري للإمارات العربية المتحدة، حيث صدر بلاغ يعلن تموقع المملكة في الخندق الخليجي ضد «داعش». التموقع المغربي في مسار التحولات الداخلية للمملكة العربية السعودية انطلق منذ إعلان وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد بالمملكة العربية السعودية الذي كان يفترض أن يخلف الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز. فذلك النبأ لم يكن مجرّد خبر حزين يُعلن رحيل أحد أفراد العائلة الحاكمة لأهم دولة عربية إسلامية، من حيث مكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية والتاريخية، بل إن بين طيّات الخبر توجد الحسابات السياسية الأكثر تعقيدا داخل البيت السعودي، والتوازنات الإقليمية المهددة بالانفجار في أي لحظة، والاعتبارات الدولية في سياق التحولات المخيفة التي يشهدها العالم في المرحلة الحالية من تاريخه. توقيت هذا الرحيل جاء بدوره خاصا ودقيقا، وتزامن مع تلاطم أمواج «الربيع العربي»، وارتطامه المتكرّر مع جدران المملكة، وتهديده بإغراقها في كلّ وقت وحين. تأقلم حذر مع التحولات المغرب حرص على الحفاظ على قنوات اتصاله المباشر برجالات قصور آل سعود، حيث إن التغييرات الكبيرة التي أحدثها الملك سلمان في بنية النظام السياسي بعد توليه العرش عام 2015، تمت عقب اتصالات مباشرة قام بها مبعوثون إلى القصر الملكي بالمغرب باعتباره شريكا مقربا. وشهورا قليلة بعد تولي الملك سلمان عرش آل سعود، حل الملك محمد السادس ضيفا كبيرا على الرياض، وشارك في قمة خليجية مغربية، انعقدت عشية قمة خليجية أمريكية شارك فيها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. «لماذا هذه القمة الأولى من نوعها؟ ولماذا اليوم؟»، هكذا تساءل الملك محمد السادس في خطابه أمام تلك القمة، قبل أن يجيب: «لقد تمكنا من وضع الأسس المتينة لشراكة استراتيجية، هي نتاج مسار مثمر من التعاون، على المستوى الثنائي، بفضل إرادتنا المشتركة. فالشراكة المغربية الخليجية ليست وليدة مصالح ظرفية أو حسابات عابرة، وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير، ومن تطابق وجهات النظر بخصوص قضايانا المشتركة. لذا، نجتمع اليوم لإعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة، التي بلغت درجة من النضج أصبحت تفرض علينا تطوير إطارها المؤسسي وآلياتها العملية». على العكس من ذلك، جرت التغييرات الأخيرة التي عرفها البيت الداخلي لآل سعود في سياق يتّسم بشروع المغرب في أخذ مسافة إزاء بعض السياسات الخليجية للعربية السعودية، حيث رفضت الرباط المشاركة في الحصار الذي فرض على قطر، كما امتنع الملك محمد السادس عن المشاركة في القمة الأمريكيةالإسلامية الأخيرة في الرياض بمشاركة الرئيس الحالي دونالد ترامب، والقمة العربية التي سبقتها في الأردن. فالمملكة العربية السعودية، الدولة الوصية على أكثر المناطق قداسة لدى المسلمين، عرفت، أواخر يونيو الماضي، تغييرا هو الأكبر في نظامها السياسي منذ عقود. المملكة استفاقت على خبر تعيين ابن العاهل سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع محمد بن سلمان، وليا للعهد بدلا من ابن أخيه، محمد بن نايف. «في السياق الحالي، كان هذا انتصارا للتيار المتشدد تجاه قطر، والرافض لسياستها الخارجية. فهو من الأشخاص الذين يقفون خلف عملية الحصار المفروض حاليا على قطر لعدة أسباب»، يقول الخبير المغربي إبراهيم اسعيدي، موضحا أن تلك الأسباب تتمثل في أن محمد بن سلمان أصبح هو الشخصية المهمة التي تشرف على جميع الأمور المهمة والاستراتيجية في البلاد منذ تولي الملك سلمان الحكم، «ففي وزارة الدفاع، كان وراء التحكم في السياسة الدفاعية والعسكرية والأمنية، إلى جانب المشروعات الاقتصادية التي كان وراءها، وبالتالي، كان الهدف جعله شخصية بارزة وطموحة أمام الشعب السعودي، وإعداده ليكون وليا للعهد».