قبيل انعقاد المجلس الحكومي للدراسة والمصادقة على مشروع القانون المالي لسنة 2018، تم أمس، تمهيدا لإحالته على البرلمان، التقى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على مدى اليومين الماضيين بالأمناء العامين للمركزيات النقابية، في محاولة لتبديد مخاوفهم بشأن مصير الحوار الاجتماعي، ومن أجل التشاور حول أرضية للحوار في الجلسات المقبلة. وقال عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطني لموظفي التعليم، إن اللقاء بين العثماني والنقابات كان محكوما بثلاثة هواجس، "أولا، تبديد مخاوف وهواجس النقابات حول مآل الحوار الاجتماعي، وثانيا ضبط جدول أعمال قابل للتفاوض حوله بين الحكومة والنقابات، ثم ثالثا محاولة تجاوز الشرط الواقف للنقابات المتمثل في انتزاع الموافقة المبدئية للحكومة بالرفع من الأجور قبل أي حوار أو تفاوض". واستقبل العثماني مرفوقا بمستشاريه الأمناء العامين للمركزيات النقابية يومي الاثنين والثلاثاء، كل واحد منهم على انفراد، بدءا بالكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل، ثم الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ثم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وذلك في غياب باقي وزرائه بمن فيهم وزير الاقتصاد والمالية. وطرح العثماني نقطتين في لقاءاته تلك: الأولى تتعلق بمنهجية الحوار، واقترح أن يتم الاشتغال بين رئاسة الحكومة والنقابات على قضايا ومطالب المركزيات النقابية من أجل حصر المطالب ذات الأولوية، وعبّر عن أمله في الوصول إلى اتفاق جديد يشكل خارطة طريق تنظم العلاقة بين النقابات والحكومة. وفيما تتعلق النقطة الثانية بمستجدات مشروع قانون المالية، تبين من خلالها أنها لا تجيب بشكل مباشر على مطالب النقابات، سواء تعلق الأمر بالزيادة في الأجور أو غيرها من المطالب العشرة التي سلّمتها النقابات للعثماني في شتنبر الماضي. ويبدو أن بعض النقايات حضرت اللقاء مع العثماني، بينما كانت تأمل أن تستمع إلى شيء جديد، دون أن تحصل على ذلك، وقال عبد القادر الزاير، الآمين العام بالنيابة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ل"اليوم 24″ إن الاجتماع "مرّ وكأنه لم يكن"، مؤكدا "كنا نتوقع أن يخبرنا السيد رئيس الحكومة بمقترحات تستجيب لمطالبنا، فإذا به يعود بنا إلى مقترح سابق حول منهجية الاشتغال، لقد كان اللقاء بدون نتيجة، لأننا أكدنا له موقفنا مجددا، لن نقبل بالتفاوض من خلال اللجان، نريد تفاوض ثلاثي الأطراف، وقد منحنا له فرصة أخرى لكي يعد أرضية للحوار على ضوء ما نطالب به". لكن على خلاف ما خرج به الزاير من اللقاء، خرج عبد الإله الحلوطي، الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بخلاصة مختلفة، مؤكدا أن "خطوة اللقاء بالمركزيات النقابية من جانب رئيس الحكومة من أجل الاستماع والإنصات شيء جيد، لكن يجب أن نمر من مرحلة الإنصات إلى مرحلة الحوار والتفاوض"، مشيرا إلى أن هناك مطالب معلقة مطروحة فوق الطاولة. وطرحت النقابات ضرورة الاستجابة لمطالبها، واعتبرت أن موافقة المبدئية للحكومة على الرفع من الأجور شرط رئيسي قبل خوض أي حوار اجتماعي، هذا إلى جانب مطالب أخرى مشتركة سبق رفعها إلى رئيس الحكومة، من بينها الرفع من التعويضات الضريبة لتصل إلى 400 درهم عن الإبن الواحد، وإحداث تعويض عن الأبناء المتمدرسين وفق الأسلاك التعليمية، والرفع من الإعفاء الضريبي عن الدخل إلى 6 آلاف درهم، والرفع من نسبة حصيص الترقي من 33 في المائة حاليا إلى 36 في المائة، وإقرار الدرجة الجديدة تفعيلا لاتفاق 26 أبريل 2011. وعاب العثماني على النقابات التي التقى معها أنها "تريد كل شيء دفعة واحدة"، وقال خلال ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء إن المركزيات النقابية التي االتقى مع قادتها "خاصهم كلشي بسرعة، إذ بمجرد أن جلسنا، طرح اتفاق 21 أبريل 2011″، وأردف "لا بد من حوار وتفاهم أولا".