بعد السقوط السياسي والانتخابي المدوّي لرجل الظل والكواليس، إلياس العماري، واعترافه بذلك رسميا عبر إعلانه الاستقالة من زعامة حزب الأصالة والمعاصرة، باتت الأنظار متجهة نحو شبكة واسعة ومتشعبة من العلاقات التي نسجها العماري من حوله. تعيينات بالعشرات تخترق مختلف المستويات الإدارية والسياسية، وجمعيات مدنية ومراكز ل"الأبحاث" وغيرها من المواقع التي "بث" فيها إلياس العماري أتباعه ومقرّبيه، باتت اليوم تحت الأضواء الكاشفة. "باستثناء شخصين أو ثلاثة، كل المرتبطين به يفعلون ذلك بدافع المصالح، فهو من طينة لا تؤمن إلا بالمال حتى في السياسة، لكنه في الوقت نفسه صاحب قلب أبيض وخدوم خصوصا مع أبناء الريف، ويمكنك أن تسال العشرات إن لم يكن المئات ممن استفادوا من خدماته في لحظات الضعف والمرض"، يقول مصدر عرف إلياس العماري عن قرب، موضحا أن شبكة علاقاته تجمع بين أبناء الريف ورجال المال والأعمال وعدد من كبار رجالات الدولة. "يمكنني أن أسرد لك لائحة مفصلة بأسماء المسؤولين الكبار في مواقع حساسة المرتبطين بشبكته، لولا أن ذلك غير قابل للنشر". المحلل السياسي المخضرم، مصطفى السحيمي، قال ل"أخبار اليوم" إن وضعية إلياس العماري لم تعد جيدة وأن ذلك سيؤثر على وضعية أتباعه ومقربيه داخل البام، وحتى خارج الحزب. "مثلا حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين منذ 13 أكتوبر 2015، يعتبر من أوفياء إلياس. مهمته على رأس الغرفة الثانية تستمر إلى أكتوبر 2018 لكن لا شيء يوحي بأنه سيعاد انتخابه مرة أخرى على رأس الغرفة الثانية، ليستمر ما بين 2018 و2021". وشدّد السحيمي في حواره مع "أخبار اليوم"، على أن هناك تحولات أخرى قادمة تخص أتباع إلياس بعد رحيله، سواء داخل هياكل البام، أو داخل البرلمان بغرفتيه، "سيظهر هذاعند الدخول البرلماني المقبل. فمن المعروف أن الفريقين البرلمانيين غير منضبطين، وسيتضح هذا خلال الدخول البرلماني. لكن التساؤلات لا تطرح فقط بخصوص المقربين من إلياس داخل مؤسسات الحزب، إنما تهم أيضا ‘شبكته الشخصية'، داخل الإدارة، وأيضا في عالم الأعمال". صورة الرجل أخذت مسارا مستقيما من البروز والصعود إلى الواجهة منذ تأسيس حزب الجرار. "كان في البداية يكتفي بالكواليس وتحضير القرارات واللوائح وتدبير مالية الحزب، لكن خلافاته وصراعه مع الأمناء العامين السابقين، خاصة الشيخ بيد الله، سرّعت وتيرة خروجه إلى العلن"، يقول أحد المصادر من داخل قمرة قيادة الجرار. خروج كان له مفعول حارق، حيث ألقى رجل الريف القوي آخر أوراقه بمناسبة الانتخابات التشريعية الماضية، حيث راهن عليه جزء من الدولة للإطاحة بالآلة الانتخابية القوية لحزب العدالة والتنمية وزعيمه واسع الشعبية عبد الاله بنكيران. احتراق لا يبدو أنه سيقتصر على الرجل الذي ألف الظل والكواليس، بل إن أولى انعكاسات استقالته المعلنة من الأمانة العامة، كانت استهداف "رؤوس الحربة" ضمن التيار المحسوب عليه داخل الحزب، يتقدمهم حكيم بنشماس والعربي المحرشي. استهداف يوحي بانتهاء صلاحية تجربة كاملة راهن فيها البعض على وصفة "الرجل الخارق"، قبل أن يتبيّن أن مفعولها يتبدّد بسرعة.