بعد الترهل التنظيمي الذي أصاب عددا من الأحزاب الوطنية العريقة، في مقدمتها حزب الاتحاد الاشتراكي، وبعد المواجهات العنيفة باستعمال الكراسي والصحون، التي شهدها ليلة أمس مؤتمر حزب الاستقلال، لا تتردد قيادات من العدالة والتنمية من التحذير، في مختلف المحطات التنظيمية، من أن يصيب حزبهم ما أصاب هذه الأحزاب. ولا تتردد قيادات البيجيدي في إبداء تخوفها من أن تطغى لغة المصالح والغنائم وحب الزعامات والكراسي، على لغة وخطاب وسلوك قيادات البيجيدي بعدما بدأت تظهر بقوة مع قيادة هذا الحزب للحكومة، لأ ل مرة في تاريخه السياسي. وفي هذا السياق، اعتبر عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حسن حمورو، أن العراك بالكراسي والصحون الذي شهده مؤتمر الاستقلال ليلة أمس يطرح أسئلة حول ما إذا كانت قيادة "البيجيدي" قادة على "مواصلة السير على طريق غير التي سلكه الاستقلاليون، أم أن مصير البيجيدي سيكون هو مصيرهم"، بتعبير المتحدث وقال حمورو "إذا كانت قيادة البيجيدي غير قادرة على مواصلة السير على غير طريق الاستقلاليين، كما ظهر ليلة أمس، فإن مغادرة الحزب من الآن هي الحل؟!!". من جانبه، نبه عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، لخطورة تسرب منطق الطائفة إلى التنظيمات ولغة المصالح الخاصة. وقال في مقال تحليلي سبق أن نشره "اليوم24" "حينما يتسرب منطق الطائفة إلى التنظيم، يجد صعوبة كبيرة في التفاعل مع مطالب المجتمع، ولا يشعر بالتحولات التي تعتمل داخله، لأن هذا المنطق يعيش نوعا من التعالي على المجتمع، وهذا التعالي يدفعه إلى إنكار الواقع في كثير من الأحيان". وأضاف حامي الدين أنه "حينما يتسرب منطق الطائفة إلى التنظيم، يصبح عاجزا عن الاعتراف حتى بالتحولات التي تجري داخله، أو بالاختلافات الطبيعية التي يمكن أن تحصل داخله أو بين بعض قياداته، ويبحث لها دائما عن تفسير خارجي، وينسى أن التنظيم في أصله هو تعبير عن فكرة إصلاحية يحتضنها المجتمع، وليس فئة طائفية أو مجموعة مصالح منشغلة بتدبير منافعها الذاتية". وشدد على أنه عندما يتسرب منطق الطائفة إلى التنظيم، "تنتعش نظرية المؤامرة، ويصبح أسلوب «تصدير الأزمة» منهجا للهروب من مواجهة الإشكاليات الحقيقية والانتقادات الموضوعية التي من الطبيعي أن توجه إلى التنظيمات باعتبارها اجتهادات بشرية، وهذا هو أكبر عنوان للإفلاس الفكري والهبوط الأخلاقي".