في رسالة مشفرة إلى فرنسا قال إن إفريقيا لم تعد مستعمرة ولا مجال لاعتبارها مكاسب ثابتة أو معاقل حصينة في المحطة الثانية من الجولة الملكية في غرب إفريقيا، وفي مقابل الضربات المباشرة وغير المباشرة التي تلقاها المغرب منذ انطلاق هذه الجولة من جانب كل من الجزائر وال"حليف" فرنسا؛ صدر تصريح رسمي للإدارة الأمريكية، يعلن دعم واشنطن وإشادتها بما يقوم به المغرب في الفترة الأخيرة في هذه المنطقة الحساسة من العالم. فقد أعلن الناطق باسم مكتب الشؤون الإفريقية بالخارجية الأمريكية، "ويل ستيفنس"، أن الولاياتالمتحدة "تشيد بالجهود التي يبذلها المغرب من أجل إيجاد حل للأزمة المالية. ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن المسؤول الأمريكي، قوله إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تشيد بالجهود التي تبذلها المملكة المغربية لدعم مسلسل المفاوضات بين دولة مالي والجماعات الناشطة شمال البلاد". وكالة الأنباء الرسمية، حرصت على ربط تصريحات المسؤول الأمريكي، بما دار بين الملك والرئيس الأمريكي باراكا أوباما خلال لقائهما الأخير بالبيت الأبيض، حيث اتفق البلدان على استكشاف مبادرات مشتركة للنهوض بالتنمية البشرية والاستقرار من خلال ضمان الأمن الغذائي والولوج للطاقة ودعم التجارة على أساس اتفاقية التبادل الحر، واعترف أوباما ب"الدور الريادي" الذي يضطلع به صاحب الجلالة وبالمبادرات التي تقوم بها المملكة المغربية في مجالات حفظ السلم والوقاية من النزاعات والتنمية البشرية والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية. موقف أمريكي عكسته بعض المنابر الإعلامية، صحيفة "هافينغتون بوست"، قالت إن الالتزام الملكي بقضايا إفريقيا نابع من المكانة الروحية للملك محمد السادس، "بصفته أميرا للمؤمنين، وسبط النبي، إضافة إلى كثير من الفضائل التي تعطي مكانة خاصة لجلالة الملك في قلوب سكان المنطقة". فيما ذهبت صحيفة "دو هيل"، التي يصدرها الكونغرس الأمريكي، إلى أن المملكة "مستعدة للاضطلاع بدور طلائعي على صعيد القارة الإفريقية"، معتبرة أن الأمر يتعلق ب"إشارة قوية" خاصة وأن واشنطن وباريس وباقي العواصم الغربية الكبرى في حاجة ماسة إلى "شريك يمكن الاعتماد عليه لتعزيز الأمن الإقليمي، ودعم الشراكة من أجل التقدم الذي ترنو إليه شعوب القارة". المحطة الإيفوارية ضمن الجولة الإفريقية للملك، تميّزت بالخطاب الرسمي الذي ألقاه خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري. خطاب اعتبر أن إفريقيا لم تعد قارة مستعمرة، "بل قارة حية، ليست في حاجة لمساعدات إنسانية، بقدر حاجتها لشراكات ذات نفع متبادل ولمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية". وبعدما كان القرن الماضي مخصصا للانعتاق من نير الاستعمار، اعتبر الملك محمد السادس أن القرن الحادي والعشرين "ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف والفقر والإقصاء، ومواجهة العديد من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي في إفريقيا، وتعيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بها، و ذلك من خلال التعاون والتضامن بين الشعوب الإفريقية، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية". الرسائل المشفرة للخطاب الملكي الذي طبع جولته المتمتعة باهتمام دولي كبير، تواصلت بقوله إنه إذا كانت إفريقيا ستواصل، في إطار انفتاحها، تطوير علاقاتها المثمرة مع الدول التي تربطها بها أواصر تاريخية عميقة، وتجمعها بها الكثير من عناصر التقارب والانسجام، "فإنه من الضروري، أن تتم، في الوقت الراهن، مواكبة هذه العلاقات، بعمل يتسم بالمصداقية وبالالتزام القوي. ذلك أنه لا مجال للحديث عن المكاسب الثابتة، أو عن المعاقل الحصينة، التي هي حكر على أحد دون غيره. فقد أصبح من الوهم الاعتقاد بعكس ذلك".