على عكس الصورة السوداوية التي ترسمها ملاحظات المتتبعين، وتقارير الهيئات الحكومية والقطاع الوزاري المعني، عن الواقع التعليمي على الصعيد الوطني، ابتعد تربويين تحدثوا في ندوة "التعبئة المجتمعية من أجل مدرسة المواطنة"، عن خطاب الأزمة الذي صار سمفونية ملازمة لكل المتحدثين عن وضعية المدرسة العمومية. في هذا الصدد، قال عبد العالي مستور، رئيس منتدى المواطنة، إن المدرسة العمومية تظل مصنع الإنسان المغربي بمختلف أطيافه وتوجهاته، وأنها بالرغم من الأعطاب والمشاكل التي لا يسلم منها أي مجال وقطاع في الدولة، تتوفر على كثير من عناصر الامكانات والقدرات، ما يجعلها تساهم في النهوض بالدولة والمجتمع وتعزز مسار الإصلاح. وأكد الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة والإعلام، في الندوة التي نظمتها المديرية الإقليمية بطنجة أصيلة، مساء اليوم الأربعاء، على أن تفعيل الاصلاح وتبنيه في مؤسسات التعليم، يقتضي التزام الدولة بمختلف مؤسساتها، وانخراط المجتمع بكل مكوناته، من أجل التوافق على الحد الأدنى من القيم والمعارف والمهارات التي يجب أن يتملكها التلميذ في المدرسة، كشرط أساسي لتحقيق الأمن الإنساني. من جانبه، شكك محمد الدريج، الخبير التربوي، وصاحب مؤلفات كثيرة في تخصص "علم النفس التربوي"، في مضمون وخلاصات التقرير الأخير عن القيم في المدرسة العمومية، الذي أصدره المجلس الأعلى للتعليم، معتبر أن التقرير الذي أصدره مجاس عزيمان بخصوص التربية على القيم "لا يستند على أية بحث ميداني أو دراسة علمية". وأضاف الدريج، أنه ليس هناك ازمة في القيم بالمدرسة المغربية، معتبرا أن ظواهر الغش واستهلاك المخدرات والعنف الرمزي والمادي، التي تحدث عنها التقرير، تبقى معطيات نسبية لأن هناك تفاوت كبير بين مدن ومناطق التراب الوطني، وأيضا هنالك فوارق في انتشار هذه الظواهر بين مؤسسات التعليم الخصوصي والعمومي، حسب قوله. وانتقد الخبير التربوي، منطق "كلما جاء وزير لعن أخاه"، في إشارة إلى تغيير مقاربات الإصلاح من وزير لآخر. وأشار في هذا الصدد إلى "مشروع المؤسسة" الذي جاءت به البعثة الفرنسية في أوائل التسعينات، من أجل زرع الفرنسية، ثم التخلي عنه لما يقارب العقدين، ثم مخطط رشيد بلمختار، الذي عاد لإحيائه بصيغة كندية، وقبل ذلك كان محمد الوفا قد أوقف العمل ببرنامج "بيداغوجية الإدماج"، مما يعكس "أسلوب الارتجال وانعدام الترابط وضعف المتابعة وتقويم البرامج السابقة"، يضيف المتحدث. وكان المحامي منير السباعي، المتعاقد مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، قد تحدث في مداخلته عن القانون المقارن، منتقدا تغييب إشراك الأطر التربوي في صياغة القوانين والتشريعات المتعلقة بالمدرسة.