تحول ملف إعفاء العشرات من أطر جماعة العدل والإحسان من مسؤولياتهم داخل بعض الإدارات العمومية، إلى محور لمواجهة مباشرة هي الأولى من نوعها بين وزير التربية الوطنية في الحكومة الجديدة، محمد حصاد، وفريقي حزب العدالة والتنمية بغرفتي البرلمان. جلستا الأسئلة الشفوية للمجلسين التي انعقدت بعد زوال أول أمس الثلاثاء، عرفت طرح الموضوع على الوزير، في أول تساؤل رسمي لهذا الموضوع داخل المؤسسات، عبر سؤال شفوي بمجلس المستشارين وخلال التعقيبات في مجلس النواب. ففي أول رد فعل رسمي من جانب السلطات الحكومية على اتهامات جماعة العدل والإحسان باستهداف العشرات من أطرها بقرارات تعسفية عزلتهم من مسؤوليات كانوا يتقلدونها في بعض الإدارات العمومية بسبب انتماءاتهم السياسية؛ خرج وزير الداخلية السابق، وزير التربية الوطنية الحالي محمد حصاد، بجواب عن سؤال شفوي وجهه إليه فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين. حصاد نفى أن يكون هناك أي استهداف لأعضاء العدل والإحسان، مؤكدا أن من حق الإدارة اتخاذ قرارات الإعفاء من المسؤولية. حصاد قال إن الأطر الذين تم إعفاؤهم "لم تعد لهم مؤهلات في مجالاتهم، وما وقع هو أن المهمات التي كانوا مكلفين بها لم يعودوا مسؤولين عنها"، مشددا على أن القضية تم تهويلها وأن الإدارة لم تفصل أي شخص عن العمل في سلك الوظيفة العمومية. وزير التربية الوطنية في حكومة سعد الدين العثماني، قال إن مسألة الإعفاء من المسؤوليات جاري بها العمل، وحتى في السنوات السابقة، 2014 و2015 و2016 وقع الشيء نفسه مع أكثر من 250 شخصا، ولم تتحدث حينها أي جهة حتى تعلق الأمر بمجموعة معينة". مجموعة أشار إليها حصاد بالقول: "اللي عندو توجهات ولا بيداغوجيا ولا هذاك اللي ما هياش داخلة يعني في المنظومة العادية، ما خاصوش يبقى في هذا". الكاتب العام للقطاع نقابي جماعة العدل والإحسان، محمد بنمسعود، قال إن الوزير حصاد "عاد ليتحدث بلغة الخشب، يشتم منها رائحة سلطوية وزارة الداخلية، خاصة عندما قال إذا لم يبق لنا الحق في إعفاء مدير أو حارس عام غير نحطو السلاح، وكأن الأمر يتعلق بمعركة عنيفة ضد عدو". بنمسعود أوضح أن من حق الإدارة أن تعفي أطرها من المهام المسندة إليها إداريا، "لكن الإعفاء ينظمه القانون، وليس سلطة مطلقة بيد الإدارة تعبث بها، وعلى رأس الضوابط المنظمة تعليل القرارات، وهذا غائب عن رسائل الإعفاء. ثم إن الإعفاء لا يكون في المهام الأساسية التي ينص عليها القانون الأساسي للوظيفة، وهنا أتحدث عن المفتشين ومستشاري التوجيه والتخطيط، وهذه الفئة تحاشى ذكرها السيد الوزير تهربا. كما أن إدعاء الإدارة أن المعفيين لم يعودوا مؤهلين يتطلب إثباتا، تجنبا للشطط في استعمال السلطة والانتقام، كما هو واقع في هذا الملف. والحال أن ضحايا الإعفاء يتوفرون على شواهد تثبت أهليتهم للقيام بالمهام، ومنها شواهد التقدير التي سلمت لهم أياما قبل الإعفاء! ومنهم من لا يفصل بين تكليفهم وإعفائهم إلا أياما". من جانبه، محمد سلمي، رئيس الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، قال إن ما جاء على لسان حصاد مناقض للواقع، "فالمسؤولون المباشرون والزملاء والمستفيدون من خدمات هؤلاء الأطر كلهم يشهدون على كفاءاتهم العالية، وجديتهم في القيام بالواجب بكل إخلاص واحترافية، ولم يسجل ضدهم قبل صدور هذه القرارات التعسفية ما يؤكد قول الوزير في مسألة الكفاءة أو الإخلال بالواجب. ثانيا، لو تعلق الأمر بإجراء إداري يراعي المصلحة العامة وحاجيات الإدارة ما التفت الناس لهذا الإجراء. لكنه استهداف مباشر لمواطنين بسبب مواقفهم السياسية وانتمائهم، وهو تمييز داخل الإدارة بين المواطنين على أساس الانتماء السياسي. وفي هذا مخالفة للدستور والقوانين المغربية ولالتزامات المغرب أمام المنتظم الدولي في مجال حقوق الإنسان".