تطرّق المفكر المغربي عبد الله العروي، في الجزء الثاني من حواره مع قناة "سكاي نيوز" العربية، إلى علاقة الدين بالدولة في حالة المغرب. العروي قال في البرنامج الذي تم بثه زوال أمس، إن هناك وضعية خاصة للمغرب، "استنتجت منها أن هناك ملكا اعتُرف له بالإمامة منذ زمن، وله نسب شريف إلى آخر ذلك، وبما أن هذا واقع وإرث من الماضي، فعلينا نحن أنصار الأفكار الحديثة أن نستثمر ذلك". هذا الاستثمار يتمثل حسب العروي في القول، "بما أن هذا حدث، فالأفضل أن نعترف به ونقول إن الأمور الدينية كلها موكولة إلى الملك بصفته أمير المؤمنين، ومعنى ذلك أنه كل ما هو ليس دينيا أي دنيويا من اقتصاد ومال وغيره، يخرج من بين يديه ويكون بين يدي البرلمان المنتخب، وهنا أتحدث عن حالة المغرب ولا أتكلم عن أي حالة أخرى لأن هذا واقع عندنا، وهو نتيجة التجربة المغربية وتجربة سياسة الحسن الثاني ومحمد السادس، فعلينا أن نستثمره ولكن دون تعميم هذه المقولة". العروي الذي دعا في الحلقة الأولى من هذا البرنامج في الأسبوع الماضي، إلى التمييز بين إسلام المغرب وإسلام المشرق العربي، عاد مرة أخرى ليذكر بما قاله مونتسكيو بهذا الخصوص، "ولهذا ترجمت كتابه بإتقان إلى العربية، وهو أنه كلما اختلطت الأمور الدينية والسياسية إلا وتخربت الدولة". العروي شدّد على أنه مصرّ على فكرة تحرير الدين من السياسة "دفاعا عن الدين وليس عن رجال الدين". ودعا من جديد إلى تأسيس هيئة خاصة بالإفتاء الديني "تقوم بهذا الواجب المتعلق بالطقوس والتربية الوطنية الدينية، بل ببعض الأمور الاقتصادية وبعض المشاريع، لا بأس أن تستشار هذه الهيئة في الجوانب التي تمس العقيدة في هذه المشاريع، وما عدا ذلك، كل المشاريع الدنيوية من اقتصاد وتجهيز ومال، لا دخل للدين فيها". المفكر المغربي قال إنه سئل مرة في إسبانيا عن البنوك الإسلامية "فكان جوابي واضحا، قلت إن هذه البنوك تستعمل آليات وتقنيات معروفة منذ زمن عند جميع رجال المال، فكون أنها تسمى إسلامية لأنها مأخوذة من التاريخ لا يزيد ولا ينقص شيئا. هل كان من المصلحة أن تسمى إسلامية؟ المهم أنه عنوان فقط، أما التقنية فمعروفة منذ القدم. معنى ذلك أنه عندما تقول هذه البنوك إسلامية فهي بنوك فقط". وعندما سأل مقدم البرنامج عبد الله العروي عن مشاريعه المقبلة في الكتابة، قال إن الكتب الأساسية التي يصدرها "غالبا ما تكون برنامجية منطقية إشكالية، لأن هدفي منها ليس أن أقول عليك أن تقول كذا وكذا، هذا منطق الدعوة، بل أقول إذا أردت أن تصل إلى حصيلة، فعليك أن تتبع هذا الطريق وهذا البرنامج". وكشف العروي أنه حرص على قول رأيه في السياسة "وكتبت ديوان السياسة، هذا رأيي الشخصي. أما رأيي المتعلق بالدين فهو ما سميته "سنة وإصلاح"، أي المشاكل المتعلقة بالإيمان الفردي وتمييزه عن المواقف السياسية العامة. أنا أقول ما استخلصته من تجربتي الفكرية على المستوى الخاص، لكن على المستوى العام فلا أدري هل ما قلته له تأثير، ربما يكون هناك تأثير على المدى البعيد وقد لا أكون هنا لأراه". حديث عن الموت دفع العروي إلى القول إنه يفكر في كتاب "ولن أكتبه بدون شك، وهو رسالة وداع لزوجتي أقول فيها إننا اقتربنا بعد خمسين سنة من الزواج من الوداع، وأقولها إنه الوداع الأخير. هل سنلتقي؟ لا أدري".