أعاد قرار المجلس الأعلى للقضاء بعزل قاضيين كانا قد اتهما بالفساد وتلقي مبالغ مالية كبيرة كرشاوى من أجل التأثير في مسار ملفات معروضة على القضاء؛ ملفي القاضيين المتهمين إلى الواجهة حيث باتت الأنظار موجّهة إلى ما ستؤول إليه ملفاتهما المحالة على أنظار القضاء بعد انتهاء المجلس من سلوك المسطرة التأديبية الإدارية. ويواجه القاضيان المعزولان شبح عقوبات سالبة للحرية مترتبة عن تهمة الارتشاء واستغلال النفوذ، كما يواجهان الحرمان من تولّي أي وظيفة عمومية أو مهنة من المهن القضائية مثل المحاماة والتوثيق. القاضي المتهم بابتزاز مستثمر تونسي بادر إلى تقديم شكاية ضد نجيب البقاش، أصيب بانهيار حالته الصحية بعد تلقيه خبر صدور قرار عزله من السلك القضائي، وأصبح حسب مصادر مقربة منه، ملازما للفراش. وضعية دفع بها دفاعه أمام الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف بالرباط، والتي كانت على موعد مع جلسة جديدة للنظر في ملف صباح أمس الاثنين، مطالبا بتأخير الملف، وهو ما استجابت له هيئة المحكمة، حيث تم تحديد تاريخ 7 أبريل المقبل كموعد جديد للنظر في القضية. مصدر قضائي أوضح ل»أخبار اليوم» أن البقاش يغيب عن الجلسة للمرة الثالثة وبالعذر نفسه، أي تدهور حالته الصحية، مضيفا أن المحكمة قد تلجأ إلى إحضاره بالقوة في حال تغيّبه مجددا عن الجلسة. مصادر من هيئة دفاع القاضي المتهم، قالت إن قرار المجلس الأعلى للقضاء قد يؤثّر على مسار القضية، رغم تأكيد النقيب محمد أقديم، على أن «المدعي يتناقض في حديثه ويقول الشيء وعكسه، علما أنه كان يرتبط بعلاقة صداقة مع القاضي المتهم، فهل بات القاضي اليوم مطالبا بالعزلة التامة عن الناس باستثناء نفسه وأولاده في حدود ضيّقة؟». وأضاف أقديم أن ما تنتظره هيئة الدفاع هو صدور القانون التنظيمي الجديد الخاص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي سيسمح بالطعن في قرارات التأديب. «سنقوم بالتظلّم أمامه في حال صدر حكم قضائي في صالح المتهم، رغم أن تطبيق القوانين بأثر رجعي يبقى أمرا صعبا». بدوره، النائب السابق للوكيل العام بمدينة الجديدة، مصطفى السايح، يواجه شبح المحاكمة أمام القضاء في ملفين اثنين، أحدهما لمواطن مغربي مقيم في الديار البلجيكية، كان قد بلّغ عن تعرّضه لابتزاز من طرفه، وأدى إلى ضبطه في حالة تلبّس بتلقي مبلغ مليوني سنتيم يفترض أنها رشوة. كما ينتظر أن يحال ملف آخر بالارتشاء في مواجهة السايح، على الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، والذي من المنتظر أن يحيله بدوره على قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، في القضية التي يتهمه فيها أحد المدانين في الاتجار الدولي في المخدرات بتسليمه رشوة قدرها 78 مليون سنتيم مقابل إلغاء مذكرة بحث وطني صادرة في حقه. وكان وزير العدل والحريات قد وجّه رسالة إلى الوكيل العام، يأمره فيها بإحالة الملف على الغرفة المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، والتي يمتد اختصاصها ليشمل كافة مناطق الجنوب، حيث قام يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال، بالاستماع إلى تاجر وقريبه والوسيط المفترض، قبل أن تتم إحالتهم في حالة اعتقال على غرفة الجنايات الابتدائية، التي قررت إرجاء المحاكمة استجابة لمتلمس من أجل إعداد الدفاع تقدم به دفاعهم. هيئة دفاع قاضي طنجة التي كانت تنتظر أن يتم تأجيل النظر في هذا الملف إلى حين أن يصدر حكم الغرفة الجنائية باستئنافية الرباط، صُدمت بالقرار التأديبي الذي سبق الحكم الجنائي، وعزل القاضي محمد نجيب البقاش. «الملف استعملت فيه السياسة أكثر من القانون، وقلنا إن أي قرار تأديبي سيصدر قبل الحكم الجنائي سوف يؤثر بدون شك على هذا الأخير»، يقول لحبيب حاجي، عضو هيئة الدفاع عن قاضي طنجة في تصريح ل» اليوم24».