كشفت بيانات إحصائية جديدة تتعلق بالأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية تزايد وتيرة إفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة ليصل مجموعها إلى 2484 مقاولة. الأرقام غير المشجعة التي كشفت عنها دراسة أخيرة لمكتب الدراسات "أنفوريسك"، قالت إن شهر مارس شهد انضمام 570 مقاولة جديدة إلى صفوف المقاولات التي اختارت الحل الأسوأ، مقابل 813 حالة إفلاس معلنة في فبراير و1001 حالة في شهر يناير. مؤسسة "أنفوريسك" المتخصصة في تتبع وضعية المقاولات المغربية، أشارت أيضا في بياناتها الأخيرة إلى أن حجم المقاولات التي أعلنت إفلاسها في الأشهر ال12 الماضية بلغ 8 آلاف و17 شركة، وهو ما يجد تبريرا في غياب فرص في سياق نمو غير مشجع، وضعف أداء الاقتصاد الوطني الذي سجل نسبة نمو ضعيفة السنة الماضية، فضلا عن تبعات تأخر تشكيل الحكومة الذي أرخى بضلاله على الاقتصاد بشكل عام. وفضلا عن الصعوبات الاقتصادية، يأتي عامل آخر ليزيد متاعب المقاولات المفلسة، ويتعلق الأمر على الخصوص بسوء التدبير الذي يميز أداءها التي تصنف في جزئها الأكبر ضمن المقاولات الصغرى والمتوسطة، دون إغفال تأثير عامل آخر هو طول آجال الأداء، ما يزيد من صعوبات المقاولة، خاصة المقاولة صغيرة الحجم، علما أن معدل أجل الأداء يصل إلى 279 يوما بالنسبة إلى المقاولات الصغرى، وإلى 144 يوما بالنسبة إلى المقاولات المتوسطة. "أنفوريسك" تشير إلى أن المنحى التصاعدي لإفلاس المقاولات بدأ قبل 10 سنوات، إذ بلغ عددها في 2007 ما مجموعه 1730 مقاولة، ثم 2343 مقاولة في 2008، ف 2463 مقاولة في 2009. قبل أن يعرف الرقم زيادة مهمة في 2010، إذ بلغت المقاولات المفلسة ما مجموعه 2766 مقاولة، وارتفع سنة 2011 إلى 3096 مقاولة، ثم 3730 مقاولة في سنة 2012، قبل أن يقفز سنة 2013 إلى 4395 مقاولة، ثم إلى 5036 سنة 2014، ثم 5955 مقاولة في 2015 و7454 مقاولة في سنة 2016. وكانت إحصائيات المؤسسة للسنة الماضية أوضحت أن الجزء الأكبر من المقاولات التي أعلنت إفلاسها، سجل في قطاع التجارة ما يدفع إلى طرح التساؤلات حول فعالية عدد من البرامج التي أطلقت لدعم القطاع في أفق الرفع من نسبة مساهمته في الناتج الوطني الخام إلى 15 في المائة في أفق 2020، علما أن هذه النسبة لم تتجاوز بين 2008 و2015 نسبة 8 في المائة. أرقام أخرى كشفت عنها "أنفوريسك" تشير إلى أن رقم معاملات المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تمثل 96 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، عرف تدهورا منذ 2012، ليبلغ ناقص 15 في المائة في سنتي 2014 و2015، ويشير تحليل تطور رقم معاملات هذه الفئة من المقاولات إلى أن قطاع الصيد البحري كان الأكثر تضررا، إذ فقد ما نسبته ناقص 49 في المائة، متبوعا بقطاع إنتاج وتوزيع الماء والكهرباء الذي فقد نسبة ناقص 39 في المائة، ومقاولات قطاع العقار بناقص 34 في المائة، ثم مقاولات البناء والأشغال العمومية الذي فقد ما نسبته ناقص 32 في المائة. ويشكل ملف تراجع القروض الممنوحة من طرف البنوك للمقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل مساعدتها على مقاومة الوضعية وعدم سلك مخرج الإفلاس، موضوع عدد من الاجتماعات التي أشرف عليها بداية السنة الماضية، والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، وضمت ممثلين عن اتحاد رجال الأعمال وجمعية البنوك، وهي الاجتماعات التي توجت بإرسال مذكرة إلى رئيس الحكومة ترتكز على خمسة إجراءات رئيسية، ترى المؤسسات الثلاث التي ساهمت في بلورتها بأنها كفيلة بتجاوز حالة الجمود المسجلة، وهي الاجتماعات التي نظمت موازاة مع عدد من الإجراءات التي اعتمدت من طرف بنك المغرب، خاصة تخفيض معدل الفائدة الرئيسي للقروض الممنوحة للبنوك، بهدف حثها على تيسير ولوج المقاولات إلى القروض. وأبدى البنك المركزي مرونة أكبر تجاه البنوك، في محاولة لحثها على تسهيل منح القروض البنكية، إذ عمد إلى تخفيض جديد لسعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى 2,25 في المائة، بهدف دعم النشاط الاقتصادي، بعد تخفيض سابق نزل بالسعر من 3 إلى 2.5 في المائة. مشكل آجال الأداء كان ضمن الملفات التي ناقشها الجواهري في أكثر من مناسبة مع ممثلي رجال الأعمال وممثلي المجموعة المهنية للبنوك، خاصة مع ارتفاع أصوات أرباب المقاولات المتضررين من تأخير استخلاص الفواتير، ما يؤدي بالعديد منها إلى الإفلاس. وتبنت الحكومة تعديلات على مشروع القانون تنص على توحيد آجال الأداء بالنسبة للقطاعين الخاص والعام، على أن تقلص مدة الاستخلاص إلى 60 يوما بدل 90 يوما المعمول بها سابقا، لكن يظهر أن أثر هذا التغيير لم يظهر بعد على حياة المقاولات، على اعتبار أن ثلث المقاولات التي أنشأت في 2016، أي 21.825 مقاولة، انتهت إلى الإفلاس.