وجه الملك محمد السادس لسفرائه المجتمعين في الرباط، في إطار «ندوة السفراء»، رسالة حدد فيها الأهداف الكبرى التي يجب على الديبلوماسية المغربية الدفاع عنها. في تجمّع غير مسبوق لسفراء الدبلوماسية المغربية، التأم صباح أمس بمقرّ وزارة الخارجية والتعاون، عشرات من «ممثلي صاحب الجلالة» في مختلف العواصم العالمية، لتدارس أعطاب الآلة الدبلوماسية المغربية، ومحاولة ربط وتنسيق العمل اليومي الذي يقوم به السفراء في دول إقامتهم، بالتوجهات والاستراتيجيات الكبرى للمملكة، خاصة منها تلك المتعلّقة بالاقتصاد وجلب الاستثمارات الأجنبية. مصدر دبلوماسي حضر اللقاء، قال ل»أخبار اليوم» إن السفارات المغربية في جلّ دول العالم، مازالت مقيّدة بنمط اشتغال متجاوز، «يجعلها حبيسة الفكرة التقليدية للسفارة، باعتبارها مجرّد مكتب لتمثيل البلد ورفع علمه، وإقامة حفلات الاستقبال بمناسبة الأعياد الوطنية». فيما أوضح وزير الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، في تصريحات صحافية على هامش الاجتماع، أن اللقاء جاء لربط السفراء بالاختيارات العامة لبلاد، باعتبارهم ينتمون إلى بلد واحد «ولا يشتغلون في جُزر معزولة». رسالة ملكية تلاها العثماني في افتتاح الاجتماع، كشفت إحدى الأهداف الرئيسية لاستدعاء سفراء المملكة من مختلف أنحاء العالم. «يجب على حكومتنا إعطاء الأولوية لدبلوماسية اقتصادية مقدامة، قادرة على تعبئة الطاقات، بغية تطوير الشراكات وجلب الاستثمارات وتنمية المبادلات». دبلوماسية اقتصادية، تجلّى الطموح إليها من خلال الحضور الوازن للمسؤولين والفاعلين الاقتصاديين أطوار هذا الاجتماع، حيث لوحظت مشاركة جل المسؤولين الكبار لوزارة المالية، كما حضر كل من الوزيرين عبد القادر اعمارة ومحمد نجيب بوليف، المسؤولَيْن على كل من قطاع التجارة الخارجية والشؤون الاقتصادية والعامة. كما حضر اللقاء الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية. «الهدف من مثل هذه المبادرات، هو جعل السفير ليس مجرّد ممثل للمغرب ومشرف على مظاهر بروتوكولية، بل جعله حاملا للملف الاقتصادي، وقادرا على جذب المستثمرين وإقناعهم بجدوى الدخول إلى السوق المغربية»، يقول مصدر دبلوماسي. طموح يبدو أن الآلة الدبلوماسية للمملكة لا تتوفر حتى الآن على وسائله المادية، حيث تفتقد جلّ سفارات المملكة إلى الموارد المالية الكافية، والخبرات البشرية القادرة على تحريك الأداء الاقتصادي للدبلوماسية. خصاص لم تغفله الرسالة الملكية الموجّهة للمشاركين في هذا الاجتماع، حيث قال الملك محمد السادس إنه «وإدراكا منا لمحدودية الإمكانات المتاحة، فإننا ندعو إلى اعتماد مختلف أنواع التعاون والشراكة، من جميع الفاعلين المعنيين، لتحقيق ما نتوخاه من نتائج في هذا الشأن». الملك دعا الدبلوماسية إلى التنسيق والتشاور مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين، في القطاعين العام والخاص، «للتعريف بالمؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها بلادنا، وخاصة في القطاعات الإنتاجية الواعدة، بهدف المساهمة في تنميتها ولإرساء تعاون مؤسسي بين القطاعات الوزارية التي لها نشاط دولي في المجال الاقتصادي». وحرص الخطاب الملكي، على حث السفراء على مواكبة ودعم التوجّه الاستراتيجي للمملكة في السنوات الأخيرة، والمتمثل في المراهنة على الحضور الديني والاقتصادي للمغرب في القارة الإفريقية، خدمة لمصالحها الاستراتيجية، حيث «وضعناها في صلب أجندة الدبلوماسية المغربية، وذلك ما جسّدناه من خلال الزيارات التي قمنا بها منذ سنة 2000 لعدد من الدول الإفريقية الشقيقة». ودعا الملك الحكومة إلى استثمار الآليات الموجودة والتي تضمن للمغرب حضورا قويا في إفريقيا، على رأسها الوكالة المغربية للتعاون الدولي. تحقيق الأهداف المنتظرة من هذا الاجتماع الذي يدوم يومين، رهين، كما أكدت الرسالة الملكية، بإيلاء العنصر البشري التأهيل الملائم، وترشيد الموارد المادية. ومن بين الأدوات التي دعا الملك سفراءه إلى استعمالها، ترويج «النموذج المغربي». نموذج وصفه الملك بالقوي والغني، «بفضل الإصلاحات العميقة التي أقدمنا عليها. وكذا الأوراش التنموية الكبرى التي نقودها في جميع المجالات، سواء للنهوض بالتنمية البشرية أو في مجال السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة...».