في الوقت الذي أقرّ المجلس الأعلى للتربية والتكوين فرض رسوم على التلاميذ، أعلنت جبهة وطنية للدفاع عن التعليم العمومي، تشكلت من 40 هيئة حزبية ونقابية وحقوقية وتربوية إضافة إلى كتاب وباحثين، عن رفضها لهذا التوجه، وأطلقت حملة للتوقيع على عريضة وطنية في أفق تنظيم محاكمة رمزية ومسيرة وطنية قبل التوجه إلى الأممالمتحدة. الهيئات التي انضمت إلى الجبهة، التي أعلنت عن نفسها أمس في ندوة صحفية بالرباط، تتكون من أحزاب مثل الاتحاد الاشتراكي والنهج الديمقراطي وأحزاب فيدرالية اليسار، والتقدم والاشتراكية وحزب الأصالة والمعاصرة وجماعة العدل والإحسان، بينما غابت أحزاب أخرى مثل حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال. وسجلت الملاحظة نفسها على النقابات، حيث تضمنت لائحة المنخرطين نقابات تعليمية محسوبة على الاتحاد المغربي للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، لكن غابت باقي النقابات. وبرّرت سكرتارية الجبهة ذلك بالقول إن "اللائحة لا زالت مفتوحة في وجه كل الهيئات الوطنية الراغبة في الالتحاق بالجبهة". وأثار وجود أحزاب شاركت في الحكومات المتتالية، مثل الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، والأصالة والمعاصرة، جدلا خلال الندوة الصحفية، خصوصا وأن هذه الأحزاب الثلاثة تولت حقيبة التعليم وكانت طرفا أساسيا في وضع كل مخططات الإصلاح بدء من الميثاق الوطني للتربية والتكوين مرورا بالمخطط الاستعجالي ووصولا إلى استراتيجية المجلس الأعلى للتربية والتكوين 2015-2030، ثم هي اليوم عضو في جبهة وطنية شعارها الرئيسي: "لا لخوصصة التعليم"، و"لا لضرب مجانية التعليم العمومي". غير أن محمد كنوش، منسق السكرتارية الوطنية للجبهة، قلّل من وجود قوى سياسية لها تصورات مختلفة لقضية التعليم داخل الجبهة، وقال فيما يخص قضية دعم وتشجيع القطاع الخاص في التعليم مثلا، إن "الجبهة ليست ضد القطاع الخصوصي، ولكنها ضد تشجيعه على حساب التعليم العمومي"، مؤكدا أن الجبهة مثلا "ترفض تفويت المؤسسات التعليمية العمومية لصالح الخواص، كما ترفض أن يمارس الريع في هذا القطاع". وعدّدت الجبهة المبررات التي دفعت عددا من الهيئات السياسية والمدنية تأتلف في جبهة واسعة لمناهضة التوجهات التي ترمي إلى المسّ بمجانية التعليم العمومي، وتتمثل حسب محمد كنوش، منسق السكرتارية الوطنية للجبهة، في "السعي إلى تمرير مسودة القانون الإطار" والقاضي "بإلغاء ما تبقى من مجانية التعليم الثانوي التأهيلي والعالي من خلال محاولة إلزام الأسر المغربية بأداء رسوم مقابل استفادة أبنائهم وبناتهم من حقهم في التعليم كخدمة عمومية"، و"فرض رسوم التسجيل بالتعليم العالي بسلكي الماستر والدكتوراه بالنسبة للطلبة الموظفين"، إضافة إلى "فصل التكوين عن التشغيل بالنسبة لخريجي المدارس العليا للأساتذة"، ثم "اللجوء إلى التشغيل الهش بالعقدة في قطاع التربية الوطنية". واعتبرت الجبهة أن هذه المؤشرات تعد "تطورات خطيرة"، هي التي دفعت أطراف قوى سياسية ونقابية وجمعوية منذ 3 دجنبر 2016 "لبحث سبل التكتل والنضال المشترك لتنظيم مقاومة هكذا مخطط، وطرح البدائل الممكنة". وانتقدت الجبهة خلال الندوة التوجه نحو "تفويت المؤسسات التعليمية العمومية للمستثمرين الخواص، محليين ودوليين"، في إطار الشراكة بين القطاع الخاص والعام، وقال إن عدد المؤسسات التعليمية التي أغلقت إلى حدود دجنبر 2015 تجاوز 488 مؤسسة، في إشارة إلى أن بعضها سبق تفويته إلى خواص، خصوصا في المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء. وأطلقت الجبهة حملة توقيع على عريضة ورقية وإلكترونية خلال فبراير ثم مارس وأبريل، في أفق تنظيم محاكمة رمزية خلال الأسبوع الأول من أبريل، على أن يتوج هذا المسار، بعد ندوات ولقاءات محلية، بتنظيم مسيرة وطنية يوم 16 أبريل المقبل، وهي دينامية التي ينتظر ان توثق في تقرير سيوجه إلى المقرر الأممي الخاص بالتربية، وإلى مجلس الأممالمتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.