يبدو أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران انتبه إلى أن إصلاح التقاعد ورش أكثر تعقيدا مما كان يتوقع، ولم يجد بدا من الإقرار بأن هذا الإصلاح لن يتم في عهد حكومته التي ستكتفي بإبعاد الأزمة إلى حين معركة حامية بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين حول إصلاح أنظمة التقاعد ستدور خلال السنة الحالية. ففي مقابل الترقّب والتوجّس السائدين في أوساط الأجراء وصناديق التقاعد والنقابات؛ أكد رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران في تصريحات ل»اليوم24»، إصراره على تنفيذ الخطة التي استعرضها وزيره المنتدب في الميزانية، إدريس الأزمي الإدريسي، أمام الاجتماع الأخير للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية. الخطة تقوم على أربعة إجراءات، وهي الرفع من مساهمات الأجراء في صناديق التقاعد، وهو ما يعني انخفاض ما يتلقونه نهاية كل شهر كأجور، ثم الرفع من سن التقاعد، ليصل إلى 62 سنة في مرحلة أولى، ثم رفعه تدريجيا ليصل إلى 65 سنة، ثم تخفيض قيمة معاشات التقاعد، ومراجعة طريقة احتساب هذه المعاشات، ليصبح معدل السنوات الأخيرة من العمل هو الأساس عوض آخر أجر المعتمد حاليا. «من يطرح علي سؤال هل سننفّذ هذه الإجراءات، أسأله بدوري، هل يعتقد أننا نملك الاختيار؟»، يقول رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. هذا الأخير شدّد على أن الحكومة لا تنوي فرض أي قرار، «وإلا ما الداعي إلى عقد اللجنة الوطنية حول هذا الموضوع إن لم يكن هو التشاور والأخذ بآراء الآخرين. قبل أن يعود رئيس الحكومة ليؤكد عدم إمكانية التراجع عن أي من الإجراءات الأربعة، «لأنها مجتمعة لن تمكّننا إلا من ربح ثماني سنوات إضافية قبل العودة إلى حالة الخطر والشروع في استهلاك احتياطيات صناديق التقاعد، أي أننا لسنا بصدد إصلاح أنظمة التقاعد، بل فقط، محاولة تأجيل الأزمة سنوات أخرى، أما الإصلاح فهو أمر آخر يتمثل في جمع هذه الصناديق كلها في صندوق واحد ومراجعة شاملة لكيفية تدبيرها». وعما إن كانت حكومته ستمرّ إلى مرحلة الإصلاح الشامل بعد اتخاذ إجراءات «تأجيل الأزمة»، قال بنكيران إن ذلك مستبعد، «لا يمكن أن نفعل كل شيء في ولايتنا هذه، إذا استطعنا فقط، تنفيذ هذه الإجراءات الضرورية لتجنّب الأزمة فسيكون ذلك جيدا لأننا سنمنع إفلاس صناديق التقاعد». إفلاس قال عبد الإله بنكيران إنه يتجسّد في الشروع ابتداء من السنة الحالية، في المساس بالاحتياطات المالية للتقاعد، معترفا بكون حكومته تأخرت في إطلاق الإصلاح لأسباب سياسية قال إنها خارجة عن إرادته. «لكننا إذا استمرينا على النهج الحالي، ففي هذه السنة وحدها سنستهلك 1.4 مليار درهم من الاحتياطي، و3.6 مليارا في 2015 إذا تأخر الإصلاح، و6.2 مليارا في 2016، لكنني لن أؤخر الإصلاح» يقول بنكيران.