يبدو أن محمد صالح التامك، المندوب السامي للسجون يسارع الزمن لكي يمحو صور سلفه حفيظ بنهاشم، وتخليص السجون المغربية من أثار عهده التي تميز بفرض القبضة الأمنية عليها لم ينتظر محمد صالح التامك، المندوب العام الجديد للسجون، طويلا كي يشرع في تخليص سجون المملكة من آثار القبضة الأمنية القوية التي فرضها سلفه حفيظ بنهاشم على سجون المملكة، محوّلا إياها إلى حصون منيعة ضد محاولات الفرار. مصادر موثوقة قالت إن التامك سارع بمجرّد تكليفه بإدارة المندوبية، إلى تقوية آلية التفتيش عبر تعزيزه لجنة التفتيش المركزية بقرابة 200 عنصر، وحوّلهم إلى كتيبة متنقلة تقوم بزيارات مباغتة قامت حتى الآن بزيارة كبريات المؤسسات السجنية بالمملكة، على رأسها السجن المركزي للقنيطرة، وسجون كل من سطات وآسفي وسوق أربعاء الغرب وسلا2 وسجن الأوداية بمراكش. وأوضحت المصادر نفسها أن التامك يستخدم شبكة علاقاته الكبيرة داخل وزارة الداخلية، لتغيير وجه المؤسسات السجنية المغربية، حيث استعان حتى الآن بمستشارين اثنين من الوزارة، يقومان بمرافقة لجان التفتيش في مهامها المباغثة للسجون. هذه الزيارات كشفت، حسب مصادر مقرّبة منها، كثيرا من الممارسات الفاسدة وغير القانونية، والتي قالت المصادر نفسها، إن المقاربة الأمنية السابقة كانت تحول دون محاربتها لتركيزها المطلق على الضبط ومنع حدوث انفلاتات ومحاولات للفرار من داخل السجون. مقاربة حصرت مهمة المؤسسة السجنية في التحفّظ على السجين إلى أن ينهي مدة عقوبته، ثم إطلاق سراحه. وهو ما انعكس خلال السنوات الأربع التي قضاها بنهاشم على رأس المندوبية، على علاقة الإدارة بالجمعيات الحقوقية وتلك المتخصصة في تأهيل وإدماج السجناء. وتوقّعت المصادر نفسها حدوث تحوّل مهم بهذا الخصوص في الأيام المقبلة، حيث يرتقب أن تنفتح المؤسسات السجنية على الفاعلين المدنيين المتخصصين، لإشراكهم في مرافقة السجناء خلال فترة عقوبتهم، ومحاولة مساعدتهم على التأهيل والإدماج. وفي ظل استمرار اشتغاله في الظل وابتعاده عن أضواء وسائل الإعلام، قالت مصادر مقرّبة من المندوب العام الجديد للسجون، إن مشروعا متكاملا للإصلاح يُنتظر أن يتطلّب رفع الاعتمادات المالية للمندوبية، بعدما شملها التخفيض في السنتين الماضيتين نتيجة لاقتطاعات الحكومة من ميزانية الاستثمار. ويقوم المشروع الإصلاحي المنتظر، على مواصلة بناء المؤسسات السجنية، وهو ما نجح فيه المندوب العام السابق حفيظ بنهاشم، بالإضافة إلى رفع الموارد البشرية من خلال الحصول على مناصب مالية جديدة. كما ينتظر أن يؤسس الإصلاح لتفعيل مقتضيات القانون 23/98 الخاص بالحياة داخل السجون، والذي يوازن بين البعد الأمني والأبعاد النفسية والاجتماعية. كما يُنتظر أن يستفيد موظفو المندوبية من دورات تكوينية مكثفة في الخارج، وتعزيز التعاون مع الشركاء الأجانب، وفي مقدمتهم التجربة الأمريكية الرائدة في هذا المجال.