تصوير: عبد المجيد رزقو في هذا الجزء من الحوار مع عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، يتطرق الأخير لعدد الخليا النائمة التي توجد في المغرب، كما يكشف أسباب غياب التنسيق الاستخبارتي مع الجزائر، ومكاسب المغرب من مساعدة ومد دول أخرى بمعلومات وتقارير عن العناصر التي تنشط داخل الجماعات والخليا المتطرف. كم عدد ساعات التحقيق مع المتهمين؟
عدد الساعات يبقى رهينا بالقضية، إذ أحيانا نكون أمام خطر يستدعي منا أن نحقق مع المتهمين ساعات طويلة، لكن المحققين يراعون نفسية المتهم، وحقه في الراحة، واستجماع قوته الذهنية والجسدية للإجابة عن أسئلة أخرى.
عند التحقيق مع المتهمين، ألا تشعرون بأنهم نادمون على انخراطهم في هذه الخلايا؟
أغلبية الحالات مقتنعة بما تقول وفخورة بما كانت تخطط له، ويقولون بجرأة كنا سنفجر هذا المكان وننال من الأعداء. فمثلا، أحد المتهمين في خلية الجديدة قال لنا إنه كان يرغب في القيام بعملية استشهادية في ليبيا، غير أن زعماء الخلية في داعش أمروه بالقيام بالعملية الاستشهادية في المغرب، وأكد أنه ليس نادما، ولو أتيحت له فرصة أخرى لقام بالعملية. وحتى في خلية القاصرات، كلهن أكدن أنهن فخورات بانتمائهن إلى داعش وبالعمليات الإرهابية التي كن سيقمن بها. من الصعب محو الأفكار الظلامية لدى المتهم بعد غسيل الدماغ الذي يتعرض له. يوسف فكري إلى حدود الساعة مقتنع بأفكاره، رغم أن مشايخ السلفية الذي كان يستشهد بهم قاموا بتصحيحات في أفكارهم الدينية.
منذ توليك رئاسة المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ألم تقف على حالات لمتهمين أبرياء لا علاقة لهم بالإرهاب؟
كانت هناك العديد من الحالات لأشخاص تم إيقافهم أثناء مداهمة وكر الخلايا الإرهابية، لكن بعد التحقيق معهم اكتشفنا أن لا علاقة لهم بالفكر الداعشي، وتم إخلاء سبيلهم، بعدما تبين للمحققين أن الشخص لا علاقة له بالمشروع الإرهابي، وإنما تربطه علاقة قرابة أو صداقة بالمتهمين.
ألا يوجد رقم تقديري حول الخلايا الإرهابية النائمة في المغرب؟
هناك حالات للتطرف مرصودة، والتحقيقات الميدانية هي التي تؤدي إلى اعتقالهم، فمثلا من بين الخلايا النائمة التي تم اعتقالها منذ تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، هناك 27 شخصا كانوا يرغبون في الهجرة إلى سوريا أو ليبيا من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش، هؤلاء يتم اعتقالهم قبل السفر، وتصل عقوبتهم السجنية إلى 15 سنة. هل يمكن أن نقول إن المغرب في منأى عن الهجمات الإرهابية؟ المغرب في منأى عن الهجمات الإرهابية وسيظل كذلك، مدام المواطن المغربي يخاف على وطنه ويشعر بقيمة الاستقرار في بلده، ومادامت مديرية الاستخبارات متلاحمة، وتعمل بأطر متمرسة وتقوم بعمل جبار.
لماذا يسعى المغرب دائما إلى عرض خدمات استخباراتية على الدول الأخرى؟ ماذا يربح من هذه المساعدات؟ وماذا سيخسر المغرب إذا قدم معلومات ستجنب دولا أخرى هجمات إرهابية وسقوط أرواح بريئة؟ الخطر الإرهابي يهدد العالم كله، ويجب على الكل مد يد العون لمحاربته. نحن نتعاون مع أي دولة، بما فيها الدول التي تعتبرنا أعداء. المغرب منح معلومات استخبارية مهمة للولايات المتحدةالأمريكية، فرنسا، إيطاليا، الدنمارك، إسبانيا، ومجموعة من الدول العربية والإفريقية.
سبق أن منحتم معلومات استخباراتية للجزائر؟ نحن دائما نمد يد العون، لكن الجزائر لا ترغب في التعاون الاستخباراتي، ولا يرقى التعاون الموجود حاليا إلى المستوى المطلوب. نحن دائما نوجه لهم الدعوة من أجل التعاون، غير أن الجزائر ترفض.
لماذا الشباب المغربي يعد من بين أكثر الشباب استقطابا من طرف داعش؟
هذه فكرة خاطئة، الشباب المغربي لا يعد من أكثر الشباب استقطابا من طرف داعش، فالرقم الذي منحته قبل شهور يوضح أن العديد من المغاربة هاجروا نحو بؤر التوتر، لكن هذا لا يعني أنهم أكثر الشباب هجرة. ما يحصل هو أن الدول الأخرى، مثل مصر وتونسوالجزائر، لا تقدم أرقاما عن عدد الشباب الذين هاجروا إلى التنظيمات الإرهابية، أو تقدم أرقاما غير صحيحة، فمثلا في فرع داعش في ليبيا لا يوجد سوى 10 مغاربة، أما الآخرون فهم جزائريون وتونسيون ومصريون، مع العلم أن الإحصائيات التي تكشفها المخابرات الدولية تؤكد أن النسبة الكبيرة للملتحقين بداعش هم من تونس ومصر.
ما السبب الرئيس لاختيار هؤلاء الهجرة إلى بؤر التوتر؟ اقتناعهم بإيديولوجيا خاطئة، ثانيا وسائل التكنولوجيا المتطورة التي لعبت دورا في تطرف الشباب، فمثلا، حالة القاصر الذي جهزوه من أجل القيام بعملية انتحارية، عندما سألته عن الدافع وراء فعله ذلك، أجاب: «كنت أتواصل مع أحد الأعضاء المنتمين إلى داعش عبر حسابه الفايسبوكي، وكانوا يقولون لي إنني سأذهب إلى الجنة إن قمت بهذه العملية الاستشهادية»، هذا فضلا عن الفراغ الروحي والثقافي والفقر والهشاشة. وهنا أدعو المثقف المغربي إلى أن يعود إلى رسالته، وأن يقوم بواجبه في تأطير المجتمع، إذ إن جميع المتورطين في الخلايا الإرهابية لهم تكوين دراسي بسيط، وبعض الأشخاص يعانون فراغا في التأطير الديني والأسري، وبالتالي، المشكل ليس فقط مشكلا أمنيا.