تصوير: عبد المجيد رزقو – عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، يقول في هذا الحوار كل شيء عن الخلايا الإرهابية المفككة منذ توليه رئاسة المكتب لمركزي للأبحاث القضائية، وتفاصيل مثيرة عن استهدافه من طرف خلايا إرهابية، وعن أقوال المتهمين أثناء التحقيق معهم. ما درجة الخطر الإرهابي الذي يهدد المغرب؟ يمكن أن نقول إنها درجة متوسطة، فالموقع الاستراتيجي الذي يقع فيه المغرب يجعله معرضا للخطر الإرهابي. المغرب كما تعلمون يقع في منطقة مغاربية تعرف مشاكل سياسية استغلتها بعض التنظيمات الإرهابية، منها ما يسمى بدولة الخلافة الموجودة بليبيا، والتي تأسست بعد سقوط نظام القذافي، والتي تقوم بتسريب الأسلحة إلى منطقة الساحل، فضلا على المشكل المفتعل من طرف الجزائر في تندوف، ورفضها التعاون معانا في تبادل المعلومات والعمل معا لتحصين المنطقة ككل من الجريمة المنظمة. هذا من جهة، من جهة أخرى هناك التزام المغرب بالانخراط في محاربة الإرهاب منذ سنة 2001، ما جعل جميع التنظيمات الإرهابية تضع المغرب هدفا لها، وأنا كأمني أعتقد أن حالة التأهب هي التي توضح لنا درجة الخطر الإرهابي الذي يلاحق الوطن. فالأجهزة الأمنية المغربية في حالة تأهب دائمة، لكن المغرب ليس في خطر دائم، وليس مطلوبا من والمواطن المغربي أن يعيش في خوف دائم.
عند تفكيك أي خلية تقولون إن منشآت حساسة كانت مستهدفة، ما هي هذه المنشآت؟ جميع التنظيمات الإرهابية لها الأهداف نفسها، أولا زعزعة استقرار الوطن، وإشاعة الفوضى والخوف وسط المواطنين، وتحطيم اقتصاد البلد، عن طريق التخطيط لتفجير منشآت سياحية واستهداف فنادق سياحية وسياح أجانب.
في الندوة الصحافية ليوم الأحد الماضي، قلتم إن الخلية المفككة في الجديدة خططت لاغتيال شخصيات عمومية وسياسية، من هي هذه الشخصيات؟
لا يمكن أن نكشف أسماء الشخصيات، حتى لا نشعر الشخصيات المستهدفة بالخوف. الفكر الظلامي ينبني على فكر وحيد، هو نفي الآخر إذا خالف الرأي فيصبح مستهدفا. ونحن مستهدفون بالدرجة الأولى. فأنا أعرف أنني مستهدف ولا أشعر بالخوف، لأنني أمني، ومن المفروض أن أوفر الحماية للناس، واستهدافي من طرف الخلايا الإرهابية لا يقلقني، وهذه ليست المرة الأولى التي أكون فيها مستهدفا، وإن قدر الله لي الموت، فهذا قضاء الله وقدره.
كيف اكتشفت أنك من الشخصيات المستهدفة من التنظيمات الإرهابية؟
كنت مستهدفا ومازالت، فعندما كنت أعمل في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كنت مستهدفا من طرف خلية السلفية الجهادية التي قامت بعمليات قتل، وبالضبط من طرف يوسف فكري.
ما هو دليلكم على أن الأسلحة التي ضبطت لدى خلية الجديدة دخلت من الجزائر، كما أشرتم في ندوة سابقة؟ هذه معلومات لا يمكن الكشف عنها، لأن البحث لايزال جاريا، لكنني متأكد ولدي أدلة تكشف أن الأسلحة دخلت فعلا من الجزائر، وإذا كشفت عن الدليل الآن يمكن لهذه المعلومة أن تُستغل من طرف الخلايا الإرهابية، ثم إن هذه ليست الحالة الأولى التي يتم فيها ضبط أسلحة دخلت عن طريق الجزائر، بل هي المرة الرابعة. وكما تعلمون، فإن الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر لا يمكن ضبطه بأكمله، وبالرغم من أن القوات الملكية المسلحة وجميع القوات الأمنية تقوم بدورها على أكمل وجه في حراسة الحدود المغربية، لكن الشريط الحدودي طويل جدا، ويتم استغلال جزء منه لتهريب الأسلحة من طرف الخلايا الإرهابية.
البعض يقول إن تفكيك الخلايا ليس إلا سيناريوهات مفبركة، الهدف منها أن تظهروا للمجتمع الدولي أن المغرب في حرب دائمة على الإرهاب، ما رأيك؟
المغرب دولة ديمقراطية، تحترم الفصل بين السلط. هناك سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية، وسلطة قضائية، إذا أراد أي شخص أن يعرف الحقيقة فليلجأ إلى السلطة القضائية، ويقرأ أقوال المتهمين في المحاضر أمام قضاة التحقيق. هذا من جهة، من جهة أخرى نحن لا ندين أي شخص دون وسائل الإثبات المكتوبة والملموسة. الضربات الاستباقية للمغرب جنبت البلاد هجمات عديدة، إذ إننا نحرص على تجميع المعلومات حول هذه الخلايا الإرهابية، وبمجرد ما تقترب من تنفيذ مخططها نقوم بإجهاضه واعتقال أفرادها، ويحالون على المكتب المركزي للأبحاث القضائية لتثبيت التهم والتأكد منها، وبعد التحقيق معهم يتم تقديمهم إلى القضاء. وكل هذه العملية تتم تحت مراقبة النيابة العامة. وأكثر من ذلك، أقوم بتصوير جميع التدخلات التي يقوم بها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وأوثقها لكي تبقى دليلا وحجة. أدعو المشككين إلى ملاحظة الأسلحة التي يتم حجزها، يجب أن يعرف الكل أن هناك فكرا جهاديا يتبناه مجموعة من المغاربة يتم استغلالهم من طرف داعش، والدليل على ذلك وجود أكثر من 1600 مغربي في بؤر التوتر، يمارسون مهام قيادية في هذه التنظيمات الإرهابية. هذا فضلا عن البلاغات التي تنشرها داعش عن طريق آلتها الإعلامية، والتي تشير من خلالها إلى حربها على المغرب.
أثناء التحقيق مع المتهمين، هل تفيدكم المعلومات التي يدلون بها لإجهاض مخططات إرهابية أخرى؟ نعم، من خلال استجواب المتهمين في غالب الأحيان يمنحوننا معلومات عن خلايا نائمة أخرى، والتي نقوم بتجميع معلومات عنها ومراقبتها حتى يحين وقت اعتقالها.
هل تستخدمون العنف إذا رفض المتهمون الاعتراف أثناء التحقيق؟ لا يسمح لنا القانون باستخدام العنف من أجل الحصول على معلومات من المتهم، الأكثر من ذلك، في المكتب المركزي للأبحاث القضائية جميع الأشخاص المتورطين قبل خضوعهم للتحقيق يمرون من الخبرة الطبية التي تعاين حالتهم الجسدية والنفسية، وبعد الانتهاء من التحقيق الطبيب نفسه يعاين حالتهم من جديد للتأكد من أن المتهم لم يمارس عليه أي تعنيف. وأي متهم له الحق في التزام الصمت إلى حين حضور محاميه الخاص، ويتم إخباره وعائلته بالتهم الموجهة إليه. أتذكر أن أحد الأشخاص المتورطين في إحدى الخلايا، التقى محاميه، وخرج المحامي عند والدي المتهم، وقال لهما جملة بقيت عالقة بذاكرتي: «سيري أميمتي راه ولدك في فندق أربع نجوم»، وهذا دليل على العناية والظروف الإنسانية التي يحظى بها المتهمون. فهم يتمتعون بكل الحقوق، حيث لهم الحق في النوم، في الصلاة، في الأكل والشرب، أنا كمحقق أحيانا لا أتناول العشاء، وهو كمتهم يتناول وجبات الفطور والغداء والعشاء.