دخلت المساعي المغربية لاستعادة مقعد المملكة في منظمة الاتحاد الإفريقي بعد 33 سنة من الغياب، مرحلتها الحاسمة، وباتت الدبلوماسية المغربية أمام الأيام الثلاثة الحاسمة في مصير هذا الهدف الاستراتيجي. اليوم الجمعة، ينهي وزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي أشغال اجتماعهم الذي انطلق، أول أمس الأربعاء، والذي ينتظر أن يكشف عن التوصيات التي اتفقت عليها الدول الإفريقية، لترفع إلى القمة التي ستجمع رؤساء الدول يوم الاثنين المقبل. الأيام الثلاثة المقبلة ستحسم مصير حملة دبلوماسية هي الأكبر والأقوى في عهد الملك محمد السادس، انطلقت قبل سنوات عبر تحضيرات أولية، وخرجت إلى العلن قبل أكثر من ستة أشهر، حيث كانت "أخبار اليوم" سبّاقة إلى كشف قرار المغرب بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي. ومنذ شهر يونيو الماضي، طافت بعثات مغربية أرجاء القارة الإفريقية، تتقدمها الجولات المكوكية التي قام بها الملك محمد السادس، في كل من غرب وشرق وجنوب القارة الإفريقية. وبعد إعلانه رسميا اعتزامه العودة في القمة الإفريقية الماضية برواندا، عبر رسالة ملكية، تقدّم المغرب رسميا بطلب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي يوم 22 شتنبر الماضي، والذي تلقى على إثره ردودا رسمية مرحبة من جانب أكثر من 40 دولة إفريقية، بينما ينص القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي على ضرورة الحصول على موافقة 29 دولة. وأمام العقبات المسطرية التي وضعتها رئيسة المفوضية الإفريقية دلاميني زوما في طريق المغرب، أنهى البرلمان الأسبوع الماضي مسطرة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وقام المغرب بإيداع وثائق هذه المصادقة بداية الأسبوع الحالي لدى الاتحاد الإفريقي. رئيسة المفوضية الإفريقية للاتحاد الإفريقي، الجنوب إفريقية دلاميني زوما، ستقدّم صبيحة يوم الاثنين المقبل، تقريرها حول ما آلت إليه مسطرة البت في طلب المغرب الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي. البرنامج النهائي والمفصل لأشغال القمة الإفريقية، جعل موضوع الطلب المغربي في الرتبة الثالثة ضمن أولى جلسات رؤساء الدول الإفريقية، وهي جلسة مغلقة سيصادق فيها على جدول الأعمال النهائي، الذي سيناقش في جلسة رسمية مفتوحة زوال الاثنين. جدول الأعمال النهائي يقول إن زوما سوف تطلع الرؤساء الأفارقة على الإجراءات المتعلقة بالعضوية "وفقا للأحكام ذات الصلة الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي. وأحالت رئيسة المفوضية، أيضا، طلب المغرب على جميع الدول الأعضاء للنظر فيه". زوما، وقبيل تقديمها تقريرا حول مسطرة انضمام المغرب، وجهت مدفعيتها نحو المغرب في آخر تقرير سنوي تقدمه قبل انتخاب خلف لها. زوما أثارت موضوع الأزمة الأخيرة التي شهدتها النقطة الحدودية "الكركارات"، بين المغرب وموريتانيا، حيث تحركت ميليشيات البوليساريو ضد أشغال تهيئة وتأمين قام بها المغرب في محيط هذا المعبر الحدودي. زوما قالت في تقريرها السنوي الذي قدمته أمام وزراء خارجية الاتحاد الإفريقي أول أمس، إن المغرب قام باختراقات في غشت 2016، معتبرة ذلك انتهاكا لاتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين المغرب والبوليساريو عام 1991. كما هاجم تقرير زوما الجديد قرار المغرب تقليص للمكونين السياسي والمدني في بعثة المينورسو، والذي كان المغرب قد اتخذه شهر مارس الماضي ردا على زيارة استفزازية للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء. كل من الدبلوماسية المغربية وخصومها، خاصة منها الدبلوماسية الجزائرية والجنوب إفريقية وتلك المعتمدة باسم جبهة البوليساريو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، دخلت في معركة اللحظات الأخيرة. الجانبان معا يتطرقان للموضوع باعتبار عضوية المغرب في الاتحاد الإفريقي باتت تحصيل حاصل، لكن الرهان الأخير يدور حول جلسة الاثنين، حيث يسعى خصوم المغرب إلى فتح نقاش سياسي حول الطلب المغربي، فيما تعبئ المملكة أصدقاءها للدفاع عن سلامة الطلب المغربي وعدم ارتباطه بأي تنازل سياسي أو اعتراف بجبهة البوليساريو. مصادر متطابقة أكدت ل"أخبار اليوم" احتمال وصول الملك محمد السادس إلى العاصمة الإثيوبية مساء اليوم الجمعة. ورغم أن المغرب لا يشارك في القمة الإفريقية باعتباره لم يحصل بعد على العضوية، فإن الدبلوماسية المغربية مطالبة بتحركات مكثفة في كواليس القمة مع القادة والرؤساء الأفارقة، دفاعا عن الملف المغربي. الرؤساء الأفارقة سيعقدون يوم الأحد خلوة غير رسمية عشية يوم القمة، بهدف التوافق حول أبرز المواضيع المطروحة في جدول الأعمال. من بين أهم هذه النقاط والتي تعني المغرب بشكل مباشر، يوجد تجديد هياكل الاتحاد الإفريقي، وانتخاب مسؤولين جدد على رأس هيئاته. وفي الوقت الذي لا يطرح فيه انتخاب رئيس جديد للاتحاد رهانات كبيرة، بالنظر إلى اعتماد التناوب بين جهات القارة ووصول دور غرب إفريقيا إلى خلافة الرئيس التشادي إدريس ديبي؛ يدور صراع كبير حول منصب رئيس المفوضية الإفريقية، وخلافة الجنوب إفريقية دلاميني زوما، صاحبة المتاعب الكبيرة التي واجهها المغرب في السنوات الأخيرة. وقبل دخوله الرسمي لائحة الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، سيكون المغرب معنيا بهذا الانتخاب من خلال تكتل أصدقائه داخل المنظمة. وفيما يدخل خمسة مرشحين سباق خلافة زوما، بعد فشل قمة كيغالي الأخيرة في انتخاب رئيس المفوضية، تشير جل المصادر إلى أن كلا من المرشحين الكيني والسنغالي يعتبران الأقوى في هذا الرهان. ورغم عدم إعلان أي موقف رسمي، يعتبر وزير الخارجية السنغالي عبدالله باتيلي الأقرب لمصالح المغرب، فيما يتنافس الأخير، أساسا، مع نظيرته الكينية أمينة محمد.