مأساة صحية جديدة هذه المرة مدينة إمزورن بقلب الريف (14 كلم جنوبالحسيمة)، حيث لفظت مولودة أنفاسها الأخيرة مؤخرا أمام المركز الصحي الوحيد بالمدينة، بعدما فشلت الأم وباقي أفراد العائلة من ولوج المركز الصحي وتلقي الإسعافات الضرورية للأم وجنينها. الأم القاصر (16 سنة) مازالت، إلى حدود السبت 31 غشت ، ترقد في المركز الصحي بالمدينة إثر مضاعفات أصيبت بها نتيجة الطريقة التي وضعت بها مولودتها في الشارع العام. وخلف الحادث حالة من الغضب الشديد وسط أفراد عائلة القاصر الذين اتهموا مصالح وزارة الصحة بالتقصير والإهمال الذي أفضى إلى وفاة المولودة الأولى للقاصر. في هذا السياق، كشف أحمد الغلبزوري، شقيق زوج القاصر، أن زوجة شقيقه بعدما أحست بمخاض الوضع انتقلت رفقة أفراد من العائلة على وجه السرعة من جماعة تماسينت بنواحي إمزورن إلى مركز المدينة قصد الوضع، وعند وصولهم إلى المركز وجدوا أبوابه موصدة إلا من حارس وراء الباب طلبوا منه الاتصال العاجل ب«المولدة» التي لم تحضر إلى عين المكان إلا بعد فوات الأوان، بعد أن فارقت المولودة الحياة. وكشف الغلبزوري ل« اليوم 24 » أن العائلة وصلت إلى المركز المذكور في تمام الساعة التاسعة صباحا، فيما لم تحضر المولدة إلى عين المكان إلا بعد ساعتين من الزمن، «بالرغم من أننا حاولنا استجداء الحارس أن يمنحنا مقصا طبيا لقطع الحبل السري إلا أن الضحية لفظت أنفاسها لعدم تمكننا من نجدتها». وكشف المتحدث نفسه أن الطبيبة المداومة حضرت إلى عين المكان بعد أكثر من ساعتين، وقامت بفصح المولودة وتبين لها أنها فارقت الحياة، قبل أن تمنح الزوج ورقة بغرض دفنها، لكن الظروف التي توفيت فيها المولودة دفع العائلة إلى رفض دفنها والمطالبة بفتح تحقيق نزيه في الموضوع لتحديد المسؤولية، مشيرا إلى أن التصريح الذي منحته الطبيبة قصد الدفن يشير إلى أن المولودة هلكت بجماعة تماسينت في الحين أنها توفيت أمام المركز الصحي بإمزورن! وتصر العائلة على رفض تسلم الجثة إلى غاية إجراء التشريح الطبي، وتحديد سبب الوفاة بدقة، ومتابعة كل من ثبت تقصيره في الموضوع، هو المطلب نفسه الذي عبر عنه أشرف بقاضي عن منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان، مؤكدا، في تصريح ل«أخبار اليوم»، أن المنتدى سيدخل على خط هده القضية وسيطالب بإجراء تحقيق نزيه في الحادث، مشيرا إلى أن الوضع الصحي بمدينة إمزورن أصبح لا يطاق، وأن المركز الصحي بالمدينة لا يستجيب لمتطلبات السكان. من جانبه، نفى عبد السلام ادرديك، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، نفيا قاطعا وجود أي تقصير من طرف الكادر الطبي بمدينة إمزورن، مضيفا، في تصريح ل« اليوم 24»، أن وفاة المولودة ناتجة عن عدة أسباب تتحمل العائلة المسؤولية عنها، وقال في هذا السياق إن الخطأ الأول الذي ارتكب، هو نقل الحامل من جماعة تماسينت إلى إمزورن في الوقت الذي توجد بالجماعة التي تقطنها دار للولادة، كما أن عملية النقل تمت في سيارة عادية لا تتوفر على التجهيزات الطبية الخاصة بالإسعافات الأولية، مع العلم بأن القاصر شرعت في الولادة في الطريق. وعن مزاعم العائلة بغياب الطاقم الطبي المداوم عن المركز، نفى ادرديك ذلك، وأضاف: «حتى وإن كان باب المركز مغلقا، فالمعروف أن إمزورن هي المدينة الوحيدة في المنطقة التي لا يمكن الجدال فيها بخصوص المداومة، فهناك العديد من المولدات والطبيبات اللائي يقطن بعين المكان، ويتم الاتصال بهن في منازلهن ويحضرن في الوقت المناسب»، وأضاف ادرديك أن تواري الكادر الطبي وراء الأبواب بالمركز ناجم في كثير من الأحيان عن الوضعية الأمنية، وتوالي الاعتداءات على الطاقم الطبي من قبل المواطنين، وهو ما يدفعهم إلى إقفال الأبواب لحماية أنفسهم من الاعتداءات.