صادقت كولومبيا مساء الاربعاء الماضي، على اتفاق السلام الجديد مع متمردي "القوات المسلحة لثورية الكولومبية" (فارك) الذي يطوي صفحة نزاع دام استمر اكثر من نصف قرن، واعيد التفاوض حوله لادراج مقترحات للمعارضة على اثر رفضه في استفتاء اكتوبر. واعلن مجلس النواب، وسط تصفيق الحضور وهتافاتهم انه "تمت الموافقة على اقتراح المصادقة على اتفاق السلام"، مشيرا الى ان النص اقر ب130 صوتا مقابل صفر. ومن اصل 166 نائبا يتألف منهم المجلس، صوت النواب ال130 الذين حضروا الجلسة بالاجماع على الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع الحركة الماركسية المتمردة في 24 نوفمبر بهدف انهاء نزاع مسلح مستمر منذ اكثر من نصف قرن. وتم ذلك بعد تعديل النص للاخذ باقتراحات المعارضة بعد رفض النص الاصلي في استفتاء اكتوبر. ورحب الرئيس خوان مانويل سانتوس باقرار الاتفاق، مؤكدا انه "ممتن للكونغرس على هذا الدعم التاريخي لأمل الكولومبيين بالسلام". وكانت نسخة اولى من هذا الاتفاق الذي يقع في 300 صفحة، وقعت في 26 سبتمبر ورفضت في استفتاء الثاني من اكتوبر بنسبة متناع قياسية بلغت 62 بالمئة وتقدم رافضي الاتفاق بحوالى خمسين الف صوت. وضع هش لحظة التصويت على النص غادر القاعة جميع نواب "الوسط الديموقراطي" الحزب اليميني المعارض بقيادة الرئيس السابق الفارو اوريبي، في تكرار للخطوة التي اقدم عليها زملاؤهم في مجلس الشيوخ مساء الثلاثاء لحظة التصويت على الاتفاق. واكد هؤلاء البرلمانيون انه "لا يمكنهم ان يحلوا محل" الرأي الذي عبر عنه الاستفتاء. ووافق مجلس الشيوخ ب75 صوتا مقابل صفر على الاتفاق الذي راجعه ووقعه الرئيس سانتوس والقائد الاعلى "لفارك" رودريغو لوندونو المعروف باسمه الحركي "تيموشنكو". وقال كبير مفاوضي الحكومة لاتفاق السلام اومبرتو ديلا كالي ان "الوضع الحالي لوقف اطلاق النار وقبل اعادة تجميع المقاتلين هش"، داعيا الى المصادقة على الاتفاق لتجنب اعمال عنف جديدة بعد مقتل اثنين من عناصر الحركة واغتيال قادة مجموعات اجتماعية منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 29 آب/اغسطس. وترفض المعارضة التي تطالب باستفتاء جديد ولا تريد تصويتا في البرلمان، خصوصا "الافلات التام من العقاب" الذي سيحظى به المتمردون بموجب هذا الاتفاق وامكانية مشاركة بعض الذين ارتكبوا جرائم خطيرة في الحياة السياسية قبل انتهاء عقوباتهم. بدء تحول مقاتلي الحركة وتجمع امام البرلمان متظاهرون يرفعون لافتات ويرددون شعارات مع الاتفاق او ضده، مما يدل على الاستقطاب حول هذه القضية في البلاد. واضطر شرطيون للتدخل الاربعاء لتجنب صدامات بين المعسكرين. وبعد مصادقة البرلمان على الاتفاق، بات عليه اصدار القوانين المتعلقة بتطبيقه بدأ بعفو عن المتمردين ليتاح لهم الانتقال الى المناطق التي سيسلمون فيها اسلحتهم باشراف الاممالمتحدة. وقال سانتوس ان الخميس "هو يوم البداية اي انه خلال خمسة ايام سيبدأ نقل كل اعضاء فارك الى المناطق الانتقالية"، مؤكدا انه يأمل في التوصل الى "سلام كامل" عبر التفاوض مع "جيش التحرير الوطني" حركة التمرد التي ما زالت ناشطة وتضم نحو 1500 مقاتل. وحول هذه القضية، اعلنت الحكومة الكولومبية الاربعاء ان المفاوضات مع هؤلاء المتمردين لتحديد بدء المحادثات الرسمية ستستأنف في العاشر من يناير. واسفر النزاع المسلح بين الجيش ومتمردي "فارك" منذ اكثر من نصف قرن عن اكثر من 260 الف قتيل واكثر من 60 الف مفقود و6،9 ملايين مهجر. وقد تورطت فيه حوالى ثلاثين مجموعة يسارية وقوات يمينية متطرفة والجيش. وتقديرا لجهوده في التوصل الى الاتفاق، منح الرئيس سانتوس جائزة نوبل للسلام هذه السنة التي اهداها الى "كل الكولومبيين وخصوصا الملايين من ضحايا" النزاع.