يبدو أن عمليات شد الحبل بين أنصار الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط وتيار «بلاهوادة» بزعامة عبد الواحد الفاسي، لن تنتهي في المستقبل القريب حيث باتت معركتهما مقبلة على فصول جديدة من المواجهة والتي تنبئ بأن الآتي أصعب ومثير في مسار حزب علال الفاسي، حيث عاشت مدينة فاس، أول أمس الأحد، حالة استنفار قصوى لقوات الأمن ومختلف الأجهزة الاستخباراتية بالمدينة، للحيلولة دون حدوث احتكاك ومواجهات بين أنصاري عبد الواحد الفاسي وغريمه السياسي وعدوه اللدود حميد شباط. وقد اختارت «جمعية بلاهوادة»، أن تطلق من مدينة فاس، قلعة شباط، حملة تأسيس فروع لها بكبريات المدن المغربية، حيث حضر إلى الحاضرة الإدريسية، أول أمس الأحد، وفد عن الجمعية يرأسه عبد الواحد الفاسي ولطيفة اسميرس، واللذان أشرفا على عقد الجمع العام التأسيسي لفرع جمعيتهم بالمدينة العتيقة، حضره عدد من الغاضبين على شباط بصفرو وبولمان وأتباع رئيس مقاطعة فاسالمدينة القديمة والبرلماني الاستقلالي بالغرفة الثانية، عبد العزيز الفيلالي، والذي عينته الجمعية منسقا جهويا لها بجهة فاس بولمان. وهاجمت لطيفة اسميرس في خطاب ناري، الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، معلنة بأن عقد جمعية «بلا هوادة» لجمعها العام بمدينة فاس لتأسيس فرعها، على بعد أمتار قليلة من ساحة البطحاء التي تحتضن نصبا تذكاريا لوثيقة المطالبة بالاستقلال، له دلالة كبيرة ورمزية قوية، مشددة على رفضها وصف الصحافة لمدينة فاس بأنها «قلعة شباط»، مؤكدة أن فاس كانت وما تزال قلعة الاستقلاليين الشرفاء، ولا يمكنها أن تكون قلعة ل «الرداءة» و «الانتهازية»، بحسب تعبيرها. واحتشد أنصار شباط بساحة البطحاء أمام منزل المجاهد أحمد مكوار، والذي احتضن حدث تحرير وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، بعد علمهم بتوجه عبد الواحد الفاسي وأنصاره لزيارة المنزل وتجسيد وقفة رمزية هناك، مما دفع مؤيدي شباط وأغلبهم من الشبيبة ومنظمة المرأة الاستقلالية ونقابة الاتحاد العام للشغالين ومسؤولي الفروع والمفتشيات والكتابات الإقليمية إلى تنفيذ إنزال حاشد، ودخلوا في احتكاك مع «كومة» صغيرة لأنصار «آل الفاسي»، والذين آثروا الانسحاب من الساحة تحت حماية وحراسة أمنية مشددة، ليتم منعهم بنفس الطريقة من قبل أنصار شباط من زيارة مقبرة الشهداء بالمدينة العتيقة، حيث اكتفوا بجولة قصيرة بوسط المدينة العتيقة مرورا بضريح المولى إدريس الأزهر وجامع القرويين، قبل أن يعودوا إلى ساحة باب بوجلود ويغادرون المدينة. وقال عبد الواحد الفاسي، رئيس جمعية «بلا هوادة» في تصريح للصحافة: «نحن حضرنا إلى فاس لأغراض تنظيمية محضة، تسعى إلى تأسيس فرع جهوي لجمعيتنا بجهة فاس- بولمان، لنفاجأ بإنزال ضخم من قبل أشخاص جرى تجييشهم لمنعنا من أي اتصال مباشر بساكنة فاس، حيث بدا هؤلاء مستعدون لفعل أي شيء ضدنا، وهم يصرون على منعنا من زيارة الشهداء، الذين حرروا ووقعوا على وثيقة المطالبة بالاستقلال، بل منعونا حتى من الصلاة بمسجد القرويين لولا تدخل الأمن.» وأضاف الفاسي، أن «أنصار شباط والذي لم يذكره بالاسم، وفضل أن يصفه بالشخص المعروف بوقوفه وراء مثل هذه التحركات اللاقانونية واللاأخلاقية، بحسب قوله، قاموا برفع صور شباط في الشارع العام بدلا عن صور الملك والتي ينبغي أن ترفع بصفته ملك البلاد وحاميها، مؤكدا أن مناضلي «بلا هوادة» فضلوا الانسحاب لأن من أهداف جمعيتنا الدفاع عن الثوابت، وليس ممارسة الشغب وأعمال البلطجة لمنع الرأي الآخر من الحركة والنشاط. من جهته، قال محمد الملوكي، المفتش الإقليمي لحزب الاستقلال بالمدينة العتيقة التي عاشت حدث الاحتكاك بين أنصاري شباط والفاسي، إن «حضورنا إلى ساحة البطحاء جاء ردا على لجوء أنصار عبد الواحد الفاسي لتنفيذ وقفة أمام النصب التذكاري لوثيقة المطالبة بالاستقلال، وتغليط الناس بادعاءاتهم المسمومة ضد حميد شباط، لذلك تحرك عدد من المناضلين الاستقلاليين بغرض الدفاع عن الشرعية الديمقراطية الداخلية، والتي أقرها مؤتمرنا الوطني السادس عشر بانتخاب شباط أمينا عاما لحزب الاستقلال، وإنهاء عمليات التعيين وتوريث قيادة الحزب بين أفراد عائلة الفاسي وأصهارهم».