أعاد الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي, تكليف المهندس مهدي جمعة تشكيل حكومة مستقلين من المفترض ان تقود البلاد حتى اجراء انتخابات عامة, وذلك غداة فشله في تقديم تشكيلة حكومته إلى المرزوقي في الاجل القانوني الأقصى المحدد السبت. وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان ان المرزوقي "أعاد" الأحد تكليف مهدي جمعة بتشكيل الحكومة وأن الأخير سيقدم إليه تشكيلتها اليوم على الساعة 18.00. ومن المفترض ان تحل حكومة مستقلين محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية, وذلك وفقا لبنود "خارطة طريق" طرحتها المركزية النقابية القوية لاخراج البلاد من أزمة سياسية حادة. واندلعت الازمة اثر اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 يوليوز 2013 وقتل ثمانية جنود يوم 29 يوليوز 2013 في عمليتين نسبتهما وزارة الداخلية الى مجموعات "تكفيرية". وكان الرئيس التونسي كلف في 10 يناير 2014 , ووفقا لمقتضيات "التنظيم المؤقت للسلط العمومية" (الدستور الصغير), مهدي جمعة بتشكيل حكومة مستقلين بعدما رشحته أحزاب سياسية بينها حركة النهضة لرئاسة هذه الحكومة. وقانونيا, كان يتعين على جمعة ان يسلم تشكيلة الحكومة إلى المرزوقي في اجل اقصاه أمس السبت لكنه لم يفعل بسبب رفض المعارضة الابقاء على وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو (مستقل) ضمن الحكومة الجديدة. وكان رئيس الحكومة المستقيلة علي العريض (قيادي في حركة النهضة) عين في مارس 2013 لطفي بن جدو الذي ليست له انتماءات سياسية معلنة, وزيرا للداخلية بعدما طالبت المعارضة بتعيين "مستقل" على راس الوزارة وذلك إثر اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير 2013 في عملية نسبتها وزارة الداخلية الى "تكفيريين". ويحظى بن جدو بدعم نقابات الامن الرئيسية في البلاد التي طالبت بالابقاء عليه في منصبه ضمن الحكومة الجديدة. ويقول مراقبون ان الوضع الامني في تونس تحسن بشكل كبير منذ تولي بن جدو وزارة الداخلية, وأن جهاز الامن استعاد معه "عافيته" و"نجاعته" في مكافحة الارهاب. وترى نقابات الامن ان تغيير بن جدو سيكون "مجازفة خطرة" لان اي شخصية جديدة يتم تعيينها على راس وزارة الداخلية ستحتاج وقتا طويلا لفهم الملفات الامنية. وليل السبت قال رئيس الحكومة المكلف مهدي جمعة للصحافيين في مؤتمر صحافي ان الوضع الامني في تونس "تحسن لكنه يبقى هشا" لان "هناك تهديدات (أمنية) كبيرة" مضيفا انه "لا يريد أن يغامر بالاخلال بالمنظومة" الامنية الحالية. وتطالب المعارضة وخاصة "الجبهة الشعبية" (ائتلاف لاكثر من 10 احزاب علمانية) بتغيير بن جدو وتتهمه بالتقصير في حماية محمد البراهمي,النائب المعارض الذي اغتيل يوم يوليوز 2013. وفي سبتمبر 2013 سرب موظفون بوزارة الداخلية الى حقوقيين وثيقة أمنية سرية أظهرت ان وزارة الداخلية تلقت في 12 تموز/يوليو 2013 "مراس لة" من وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه) حذرت فيها من احتمال استهداف محمد البراهمي. ودفع وزير الداخلية لطفي بن جدو (مستقل) ,وقتئذ, بأنه لم يكن على علم بالمراسلة الامريكية وأن القيادات الامنية في وزارته وجهتها إليه بعد اغتيال محمد البراهمي. وفي نوفمبر 2013 اتهمت لجنة حقوقية وزارة الداخلية بإخفاء نتائج اختبار بالستي اجراه معهد الادلة الجنائية بهولندا على الرصاصات التي قتل بها المعارض اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير 2013. وتسلمت وزارة الداخلية تقريرا بنتائج البحث البالستي يوم 29 ماي 2013 بحسب "لجنة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد" التي قالت ان نتائج التقرير اظهرت ان بلعيد قتل برصاص مسدس من نوع "بيريتا" 9 مليمترات يستعمله موظفو ووزارة الداخلية. لكن الوزارة نفت بشدة هذه الاتهامات وقالت ان موظفيها لا يستعملون مسدسا من هذه النوعية منددة بما أسمته "حملة تشكيك ممنهجة وغير بريئة تستهدف المؤسسة الامنية". وتطالب المعارضة بتغيير القيادات الامنية الحالية في وزارة الداخلية وتقول ان هذه القيادات عينها علي العريض عندما كان وزيرا للداخلية وانها تدين بالولاء لحركة النهضة. إلى ذلك أعرب مهدي جمعه إثر لقائه الرئيس التونسي الاحد عن الامل في أن "يتجاوز" المجلسي الوطني التاسيسي "إشكالية سحب الثقة من اعضاء الحكومة (..) حتى يعمل اعضاء الحكومة في راحة تامة". وكانت "خارطة الطريق" التي وقعت عليها المعارضة وحركة النهضة الاسلامية الحاكمة في الخامس من اكتوبر/تشرين الاول 2013 نصت على وجوب رفع النصاب القانوني اللازم لسحب الثقة من الحكومة الجديدة الى ثلثي اعضاء المجلس التاسيسي الذي يعد 217 نائبا, بدلا عن النصف زائد واحد مثلما تنص عليه النسخة الاصلية من "الدستور الصغير". ومساء السبت أدخل المجلس التاسيسي الذي تحظى فيه حركة النهضة بأغلبية المقاعد (90 مقعدا) تعديلا على "الدستور الصغير" الذي اصبح يقول "يشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة أغلبية ثلاثة أخماس أعضاء المجلس" (وليس الثلثين). وقد اتهمت المعارضة حركة النهضة ب`"الانقلاب" على "خارطة الطريق" التي وقعتها فيما انتقد حسين العباسي الامن العام للمركزية النقابية ما اسماه "تنكر" الاحزاب لما وقعت عليه في خارطة الطريق.