في عزّ مشاوراته العسيرة لتشكيل أغلبية حكومية جديدة، تلقى رئيس الحكومة المعيّن لولاية ثانية، عبد الاله ابن كيران، هدية ثمينة من البنك الدولي، تتمثل في تحسّن كبير وغير مسبوق لتصنيف مناخ الأعمال بالمغرب، حيث انتقل المغرب من المرتبة 75 إلى الصف 68 عالميا من أصل 190 دولة يشملها التصنيف. مؤشر "دوين بزنس" الذي تصدره المؤسسة المالية الأولى في العالم، والذي يعتبر المرجع الأهم لتحديد اختيارات وقرارات المستثمرين الدوليين، كشف مساء أمس عن ثمار ست سنوات من عمل اللجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال، التي تضم كل الفاعلين العموميين والخواص ويرأسها ابن كيران شخصيا، وعملت طيلة الولاية الحكومية السابقة على تحسين موقع المغرب ضمن مجالات الاستثمار الدولية. اللجنة التي أحدثت رسميا في 2010، في عهد حكومة عباس الفاسي، انتقلت إلى سرعتها القصوى في عهد ابن كيران، حيث باتت تعقد اجتماعين على الأقل كل سنة، وتخضع لتتبع دقيق ودائم. وربح المغرب منذ إحداث هذه اللجنة، 61 رتبة على الصعيد الدولي. كتابة اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، تعد سنويا تقريرا حول مجال مناخ الأعمال في المغرب، توافي به فريق العمل المشرف على صياغة التقرير الدولي « Doing Business » بمجموعة البنك الدولي بواشنطن، كما تجري مشاورات ومحادثات في الموضوع مع هذا الفريق. مؤشّر ترخيص البناء تصدّر ترتيب المؤشرات المغربية العشرة، حيث خوّل المغرب من احتلال المرتبة 18 عالميا، وساهم بشكل كبير في تحسين الترتيب العام للمغرب. أما ثاني أفضل المؤشرات التي ساهمت في تحسين صورة مناخ الأعمال في المغرب، فهو مسكرة إنشاء المقاولات، حيث احتل المغرب المرتبة 40 عالميا، بفضل تعميم قاعدة الشباك الوحيد، يليه مؤشر أداء الضرائب، حيث جاء المغرب في المرتبة 41 عالميا، بفضل الرقمنة والأداء الالكتروني. التقرير الذي صدر أمس بالعاصمة الأمريكيةواشنطن، وضع المغرب على رأس دول شمال إفريقيا متجاوزا بذلك دولا ضلت تعتبر أفضل من المغرب من حيث المناخ الاقتصادي والقانوني المحيط بالمقاولات الخاصة، مثل تونس. وقفز المغرب بصدور التصنيف العالمي الجديد، إلى المرتبة الثالثة إفريقيا والرابعة عربيا، حيث بات يفصله فارق صغير عن كل رواندا وجزر الموريس، واللتان احتلتا على التوالي المرتبة 56 و49 عالميا، فيما بات المغرب يتقدم على دول مثل جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا. فيما تجاوز المغرب عربيا دولا كانت تحتل مراتب متقدمة في السنوات الماضية مثل قطر والعربية السعودية والكويت ولبنان… المغرب بات يصنف حسب التقرير الجديد لمناخ الأعمال في العالم، ضمن الفئة الثانية من الدول، فيما تضم الفئة الأولى عددا محدودا من الدول، ينتمون أساسا إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE. تطوّر يندرج في إطار تحسّن مستمر لمؤشرات المغرب في هذا التقرير منذ العام 2012، حيث كان يختل الرتبة 97 عالميا ليحسن ترتيبه بقرابة 30 رتبة. تحسّن جعل المغرب يتجاوز 5 دول إفريقية خلال هذه الفترة، وهي كل من تونسوجنوب إفريقيا وبوتسوانا وغانا وزامبيا، وكلها كانت تحتل مراتب أفضل من المغرب. الدول المنافسة اقتصاديا للمغرب في القارة السمراء، جاءت في مراتب دنيا، مثل مصر التي احتلت الصف 122 والجزائر التي انحدرت إلى المرتبة 156 عالميا ونيجيريا التي جاءت 169 عالميا. أما دولة عربية مثل العربية السعودية التي كانت قد وصلت إلى المرتبة 12 عالميا، فباتت حاليا في الرتبة 94. التحسّن المستمر لتصنيف المغرب في التقرير الأكثر أهمية لأوساط المال والأعمال في العالم، جاء حسب مصادر "أخبار اليوم" من اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، بفضل خطوات أساسية مثل تبسيط المساطر الإدارية الخاصة بإحداث المقاولات وتدبير علاقاتها، ونزع الصفة المادية عن الوثائق الإدارية، وتعميم تجربة الشباك الوحيد، إضافة إلى تحيين المنظومة التشريعية. أبرز تلك الخطوات التي مكنت المغرب من تحسين صورته في مجال مناخ الأعمال، كانت فتح المجال أمام الأداء الالكتروني للرسوم الجمركية وتسهيل عملية نقل الملكية عبر حذف إلزامية الحصول القبلي على شهادة الإبراء الضريبي، ورقمنة بعض الوثائق مثل الشهادة السلبية (Certificat négatif) في مسطرة إنشاء المقاولة، وصدور قوانين ترفع من درجة حماية المستهلك وتحمي المساهمين الصغار في رأسمال المقاولات وفرض مزيد من الشفافية على الشركات المدرجة في البورصة. المؤشر العام الذي يفضي إلى تصنيف الدول، يتأسس على عشر مؤشرات أساسية، مازال بعضها في مراتب متأخرة بالنسبة للمغرب، من قبيل المؤشر المتعلق بصعوبة المقاولة، حيث جاء المغرب في الرتبة 131 عالميا، ومؤشر ولوج المقاولات إلى التمويل، حيث مازال المغرب في الصف 101 عالميا. نقط سوداء قالت مصادر خاصة ب"أخبار اليوم" إن خطوات تشريعية تم إطلاقها و ينتظر المصادقة عليها قبل شهر ماي المقبل، لتجاوزها وتمكين المغرب من قفزة جديدة في الترتيب العالمي في العام المقبل. خطوات تتمثل في المصادقة على الإطار القانوني المتعلق بالضمانات المنقولة، والذي سيسمح بتسهيل ولوج المقاولات المغربية إلى التمويلات البنكية، وإصلاح الكتاب الخامس لمدونة التجارة المتعلق بالمقاولات في وضعية صعبة… الوثيقة المرجعية على الصعيد الدولي، تصدرها مجموعة البنك الدولي منذ 2003، أي أنها بلغت نسختها 14. ويتعلّق الأمر بتقرير حول ممارسة أنشطة الأعمال على المستوى الدولي والجهوي، من خلال قياس أداء 190 دولة في مجال تسهيل ممارسة الأعمال، وإجراء تقييم شامل للتشريعات والإجراءات الإدارية المعتمدة في عشر مجالات مختلفة تدخل في إطار دورة حياة المقاولة. وتتمثل هذه المؤشرات في كل من إجراءات ومساطر إنشاء المقاولة، ومساطر تراخيص البناء، والربط بالشبكة الكهربائية، ونقل الملكية، والتجارة الخارجية، ودفع الضرائب، والحصول على التمويل، وفض النزاعات التجارية، وحماية المستثمرين، بالإضافة إلى تدبير ملفات المقاولات التي توجد في وضعية صعبة. وتعتمد قاعدة المعطيات الخاصة بمختلف مؤشرات التقرير لاحتساب مؤشرات أزيد من 25 تقريرا دوليا آخر، من بينها تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. ما تحقّق: 1: بعد 20 سنة من الانتظار، صدر المرسوم الخاص بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها. 2: صدر القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز توفير مرفق عمومية وبنيات تحتية إدارية واقتصادية واجتماعية ذات جودة تمكن من تجاوز إكراهات الموارد المالية العمومية، وتزايد حاجيات وضروريات التنمية المحلية. 3: صدر القانون المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء مما مكن من تحسين الترسانة القانونية المتعلقة بتحصيل الديون في سياق النزاعات التجارية من خلال تبسيط الإجراءات وتخفيض التكاليف لاسترداد ديون الشركاء في وضعية صعبة. 4: في إطار تبسيط مساطر التصدير، تم حذف وثيقة الالتزام بالصرف التي كانت ضرورية لتصدير المنتجات والسلع وذلك بموجب دورية لمكتب الصرف ورأي استشاري لوزارة التجارة الخارجية. 5: في إطار المجهودات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال وتبسيط المساطر الإدارية لفائدة المقاولات، عملت الحكومة على إخراج نظام التعريف الموحد للمقاولة. وقد تم تفعيل هذا النظام ابتداء من 30 أكتوبر 2014 لفائدة المقاولات القائمة حاليا ومارس 2015 بالنسبة للمقاولات في طور الإحداث، وأصبح هذا التعريف إلزاميا لكل المقاولات ابتداء من يونيو 2016. ما لم يتحقق بعد: 1: تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بصعوبات المقاولة، ويهدف هذا التعديل إلى تغيير الإجراءات الخاصة بإنقاذ وتصفية المقاولات المتوقفة عن الأداء مع ما يرومه من معالجة نقائص وأوجه قصور النص الحالي على مستوى التطبيق، وكذا ملاءمته مع المعايير الدولية في هذا المجال. 2: إصلاح ميثاق المقاولة الصغرى والمتوسطة الذي أصبح متجاوزا ولا يرقى لتطلعات المقاولة المغربية التي تصبو إلى الانفتاح على الأسواق الدولية. ويهدف هذا الأجراء إلى اقتراح مشروع ميثاق جديد يأخذ بعين الاعتبار التدابير والإجراءات المصاحبة الحالية وكذا الممارسات الفضلى على الصعيد الدولي في هذا المجال، مع توسيع الإطار ليشمل المقاولات الصغيرة جدا. 3: اعتماد القانون المتعلق بالضمانات المنقولة من أجل تسهيل حصول الشركات على التمويل وتعديل الإطار التشريعي الذي ينظم الضمانات المنقولة وفق الممارسات الفضلى على المستوى الدولي. المشروع تم الانتهاء من صياغته مع مختلف الشركاء وتمت إحالته على الأمانة العامة للحكومة لتتبع مراحل المصادقة عليه. 4: إعداد والمصادقة على إطار قانوني يتعلق بتوطين المقاولات، وهو إجراء ذو أهمية كبيرة لتأثيره على تسهيل مسطرة إنشاء المقاولات. ويهدف هذا المشروع إلى تنظيم توطين المقاولات من خلال تحديد مقتضيات ممارسة نشاط التوطين وإحداث مرونة أكثر بين الأطراف المتعاقدة. 5: مراجعة المرسوم حول لجنة الصفقات، والذي يندرج في إطار التزام السلطات العمومية بتفعيل مقتضيات الدستور ولاسيما الفصلين 35 و36 منه، من خلال إدراج عملية إبرام الطلبيات العمومية، بشكل لا رجعة فيه، في إطار احترام مبدأ حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية والتعامل المبني على المساواة وشفافية المساطر.