بعد شهور من الحرب الكلامية بين الأمين العام لحزب الاستقلال وجمعية بلا هوادة للدفاع عن الثوابت، استقرت فصول المعركة أخيرا على طاولة القضاء. ولأول مرة في تاريخ الأحزاب السياسية، مثل أمين عام حزب رفقة وزير سابق ورئيس فريق برلماني أمام القضاء للإدلاء بإفاداتهم بشأن التهم التي يوجهها لهم خصومهم داخل الحزب، والمتعلقة أساسا ب»تزوير انتخابات المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، ثم الطعن في انتخاب الأمين العام». وفي حدود الساعة الثالثة إلا ربع، وصل الأمين العام حميد شباط إلى مقر محكمة الاستئناف بالرباط، رفقة وزير التعمير والسكنى السابق توفيق احجيرة، ومحمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، فضلا عن حشود من مناصري شباط، الذين طوقوا قاعة المحكمة، فيما ظل شباط يوزع الابتسامات رافعا علامات النصر. وحضر شباط بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال، واحجيرة بصفته رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر، فيما حضر الأنصاري، بصفته رئيسا للمؤتمر. وعن الجانب الآخر، حضر أنس بنسودة، وحمدون الحسني اللذان رفعا دعوة الطعن في انتخاب شباط على رأس الحزب. واستنادا إلى بعض المصادر، فإن القاضي افتتح الجلسة، التي تمت في مكتب مغلق، بالاستماع إلى توضيحات ممثلي تيار بلا هوادة، الذي رفع الدعوى. وفي هذا الصدد، قال أنس بنسودة «قدمنا عرضا مفصلا يوضح أساب تقديم الطعن في انتخابات الأمين العام حميد شباط، وتكلمنا بتفصيل عن كل الخروقات التي عايناها»، مضيفا «وتولى الطرف الآخر الرد على كل ما تقدمنا به». وزاد بنسودة، في اتصال مع « اليوم24» «الجلسة الأولى كانت جلسة بحث، لا غالب ولا مغلوب فيها، ومرت في جو من الاحترام المتبادل بين الطرفين». وقدم الطرف المدعي ملفا يتضمن مجموعة من الوثائق إلى القاضي، ضمن محتوياته مقال جريدة، وبعض التصريحات حول عدم استعمال البطائق الإلكترونية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن ممثلي بلا هوادة للدفاع عن التوابث استغرقا مدة ساعتين و35 دقيقة من أصل خمس ساعات خصصها القاضي للبحث الأولي، فيما لم يستغرق شباط وحلفاؤه سوى مدة 35 دقيقة للرد على كل التهم الموجهة لهم. وفي معرض ردهم على ادعاءات بلا هوادة، أشار شباط وأنصاره إلى معطيات تهم الطريقة التي تم بها انتخاب أعضاء المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، حيث تمت الإشارة إلى أنه تم تشكيل لجنة تدقيق في اللوائح الاسمية وقع عليها جميع الفرقاء، وتم نشرها أسبوعا قبل موعد التصويت بجرائد الحزب، ولم يتم الطعن فيها من قبل أي جهة كانت في تلك الفترة. ومن جهته، تساءل حميد شباط خلال كلمته عن أسباب الدعوى، قائلا «المفروض أن يطعن في الانتخابات منافسي عبد الواحد الفاسي أو أنا، بحكم أننا الوحيدين المعنيين بهذا الأمر»، مضيفا «والحال أنه لا عبد الواحد ولا أنا قمنا بهذا الإجراء»، أكثر من ذلك، يقول «عبد الواحد نوه بعد الانتخابات بنتائج التصويت والديمقراطية التي سادت، وبعد مضي أكثر من سنة ونصف تحضر أطراف أخرى للطعن». وزاد قائلا «وأنا هنا أتساءل من هم هؤلاء أصلا؟ !». وطالب ممثلو بلا هوادة بحضور مجموعة من الشهود للإدلاء بشهاداتهم في القضية، وفي مقدمتهم الأمين العام السابق عباس الفاسي، والمنسق الوطني لتيار بلا هوادة عبد الواحد الفاسي، المنافس الوحيد لشباط خلال فترة الانتخابات، فضلا عن لطيفة بناني سميرس، وهشام بوعبدلاوي، وعبد الحق التازي. وفي الأخير تم تحديد موعد 24 فبراير تاريخا للجلسة العلنية، ليحسم القاضي في دعوة الشهود المطلوبين.