حققت شركة "أوبر" المتخصصة في خدمات النقل ثورة تقنية في هذا القطاع، وذلك بتطويرها له من خلال وضع سيارات ذاتية القيادة رهن إشارة زبائنها في مدينة بيتسبرغ. وكانت شركة في سنغافورة أطلقت نفس الخدمة لكن في منطقة صغيرة، تختلف كثيرا عن المدينةالأمريكية المعروفة بتشابك طرقها واكتظاظها. تخطو شركة "أوبر" المتخصصة في خدمات الأجرة خطوة مهمة على صعيد تطوير قطاع النقل عبر إتاحتها الأربعاء لزبائنها في مدينة بيتسبرغ الأمريكية التنقل بواسطة مركبات ذاتية القيادة. وستوفر أربع سيارات مزودة بتقنيات ليزر وآلات تصوير وأجهزة استشعار فرصة التنقل من دون الاستعانة بسائق لزبائن "أوبر" في هذه المدينة التي تضم أكثر من 2,6 مليون نسمة، والتي تحولت إلى مركز للتكنولوجيا المتطورة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وفي مرحلة أولى، لن يكون الركاب وحيدين في السيارة إذ سيتنقلون بصحبة تقني جالس عند مقعد السائق من دون لمس المقود، في حين يتولى تقني ثان مراقبة المنحى الذي تسلكه المركبة. غير أن الشركة تأمل في التمكن سريعا من الانتقال إلى مرحلة التنقل بصحبة تقني واحد. تجربة واقعية وخلال تجربة أمام الصحافيين الثلاثاء، لاحظ مراسل وكالة الأنباء الفرنسية أن المركبات كانت تتنقل من دون مشكلات في مدينة يمثل التجول بالسيارة في شوارعها مهمة ليست ببسيطة. وتجري "أوبر" اختبارات ميدانية على هذه المركبات منذ سنتين. وقد سجلت شركة ناشئة في سنغافورة الشهر الماضي تقدما على "أوبر" عبر إطلاقها خدمة مشابهة على نطاق ضيق تشمل منطقة صغيرة يسهل التنقل فيها في الجزيرة. غير أن مدينة بيتسبرغ تمثل مع طرقها المتعرجة ومساراتها القديمة الضيقة وطرقها السريعة الفوضوية اختبارا من نوع آخر لهذه الخدمة يتسم بواقعية أكبر. ومن المتوقع انضمام أكثر من عشر سيارات من نوع "فورد"، يمكن التعرف اليها بفضل التجهيزات الآلية الكثيرة المعلقة على سقفها، سريعا إلى السيارات الأربع التي سيتم تسييرها أولا في إطار هذه الخدمة. وفي المستقبل القريب، تعتزم "أوبر" ايضا الاستعانة بسيارات مصنعة من شركة "فولفو" السويدية التي تجسد أفضل من أي شركة فكرة المركبات الآمنة. وتتعاون الشركتان بشكل وثيق لتطوير هذه الخدمة للنقل بسيارات ذاتية القيادة في بيتسبرغ، العاصمة العالمية السابقة للفولاذ. قطاع متطور وتمثل المركبات الذاتية القيادة أحد القطاعات الأكثر تقدما حاليا في مجال البحوث المتعلقة بعالم السيارات، إذ تتنافس الشركات المصنعة على الإعلان عن مشاريع جديدة لآليات قادرة على التنقل من دون الاستعانة بسائق. وقد حددت شركتا "فورد" الأمريكية و"بي إم دبليو" الألمانية أخيرا هدفا لهما بالبدء بإنتاج شامل لهذه السيارات سنة 2021. أما شركة "تيسلا" االأمريكية فقد بدأت بتسويق نوع من السيارات الصغيرة الذاتية القيادة يحمل اسم "موديل إس"، ويتميز بتجهيزات متطورة على هذا الصعيد، غير أن سلامة هذه المركبات باتت محط تشكيك بعد حادث قاتل في فلوريدا. وتطمح الشركة أيضا على المدى الطويل إلى تأسيس شبكة سيارات ذاتية القيادة يمكن استخدامها عند الطلب. وبالإضافة إلى المصنعين التقليديين، أعلنت مجموعات عملاقة في مجال التكنولوجيا بينها "الفابت" (غوغل) عن طموحات لها في هذا المجال. غير أن ما سمح ل"أوبر" بالتغلب على منافسيها يكمن في قدرتها على جمع بيانات هائلة عن الطرقات وحركة السير بفضل معطيات من سائقي خدمتها "التقليدية" على طول مليارات الكيلومترات التي يتم اجتيازها. وأوضح مؤسس "أوبر" ترافيس كالانيك في تدوينة الأربعاء "لدينا واحدة من أقوى المجموعات في العالم على صعيد هندسة السيارات الذاتية القيادة، كذلك الأمر بالنسبة للخبرة التي تم استخلاصها من إدارة شبكة للنقل التشاركي وعمليات التوصيل في مئات المدن". تقليص عدد الضحايا وقد تدفع التجربة المقامة حاليا في بيتسبرغ إلى الاعتقاد بأن الهدف النهائي ل"أوبر" يكمن في تطوير أسطول من سيارات الأجرة الذاتية القيادة. غير أن هذا الأمر لا يزال بعيد المنال وفق مسؤولي الشركة الذين يعتزمون الإبقاء لفترة طويلة مقبلة على الاستخدام المتزامن السيارات التقليدية والمركبات ذاتية القيادة. وأكد ترافيس كالانيك أن الهدف الأساسي يكمن في الحد من عدد الضحايا على الطرقات. وقال "نعلم أن سيارات 'أوبر‘ المستقلة لها قدرة هائلة على إنجاز مهمتنا مع تقليص عدد حوادث المرور التي تقضي على 1,3 مليون شخص سنويا وتحرير 20 % من المساحة الحضرية التي تقضمها مواقف ركن السيارات والحد من الازدحام المروري الذي يؤدي إلى خسارة مليارات الساعات سنويا".