بعد أن أسدل الستار على كأس العالم للأندية 2013 الذي سيبقى عالقا في أذهان جميع المغاربة بفضل وصول الرجاء البيضاوي إلى النهائي، في إنجاز وطني وعربي غير مسبوق، جاء الوقت من أجل تقديم الحصيلة حول ما تم تحقيقه من وراء هذه الدورة، وما هي النقط القوية لدى المغرب على الصعيد التنظيمي؟ وما هي مكامن الضعف التي يجب تطوريها؟ كريم العكاري، الكاتب العام لوزارة الشباب والرياضة، ورئيس لجنة التتبع باللجنة المحلية المنظمة، قال ل» اليوم24» بأن هذه الدورة كانت «ناجحة جدا، على الرغم من أن هناك العديد من النقاط التي يجب تحسينها، وبأن المغرب قدم نفسه كدولة قادرة على احتضان أكبر التظاهرات الرياضية» { بداية، كيف تم التنسيق بينكم وبين «فيفا» من أجل تنظيم كأس العالم للأندية؟ كانت هناك اجتماعات وزيارات للوفود من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم للمغرب بصفة دورية، ثم بعد ذلك اجتماعات في مقر «فيفا» التي بعثت لنا العديد من الخبراء من أجل التحضير للبطولة، خاصة من أجل الحصول على إجابة على عدة نقط يشملها دفتر التحملات، وهي النقاط التي تتعلق بالتنظيم والاستقبال والملاعب والنقل والأمن والإشهار وبيع التذاكر. واستمرت عملية التحضير للبطولة سنة، ما بين الاتحاد الدولي لكرة القدم وبين الجامعة المغربية لكرة القدم. وفي الشهور الأخيرة ارتفعت الوتيرة، إذ أجرى الوفد المغربي أربع زيارات إلى زيوريخ، خلال الأشهر القليلة التي سبقت بداية البطولة، وقدم للاتحاد الدولي آخر الترتيبات قبل البداية.
{ أثناء التحضير للبطولة، ما هي النقاط التي كانت خلافية مع «فيفا»؟ لا أسميها نقاطا خلافية، لكن «فيفا» كان حريصا على تطبيق دفتر التحملات، وبالفعل كانت هناك العديد من النقاط التي يجب أن نحسنها، وأن نجعلها في مستوى البطولة التي سنستقبلها، مثلا بخصوص ملاعب التداريب، لم نكن نتوفر على أي ملعب يخصها، وكان علينا إنشاء ملاعب جديدة بهذا الخصوص، كما أنه كانت العديد من الإصلاحات التي وجب علينا أن ندخلها على الملاعب التي ستستقبل المباريات، خاصة ملعب أكادير الذي كان في طور الإنجاز، وكان علينا أن نغير فيه أشياء حتى نستجيب للمعايير التي وضعها «فيفا»، لذلك فعلاقتنا مع الاتحاد الدولي كان يحكمها دفتر التحملات، ونحن حرصنا على احترامه.
{ بخصوص أثمنة التذاكر، والتي أثير حولها الكثير من الجدل، من كان المسؤول عن تحديدها؟ الأثمنة تم تحديدها من طرف لجنة مشتركة بين الجامعة المغربية لكرة القدم و»فيفا»، أما بخصوص ارتفاع أثمنة التذاكر في مباريات الرجاء فهنا يجب أن أوضح بأن الذي حصل هو أن جميع التذاكر التي كان ثمنها 150 درهم، وعددها 18 ألف تذكرة، قد بيعت كلها، بعدما قمنا ببيع التذاكر التي يبلغ ثمنها 450 درهم ب 250 درهم حتى نمكن الجمهور من متابعة المباراة، ويجب الإشارة إلى أنه في السابق كنا نحقق مداخيل 2 مليون درهم في كل مباراة كحد أقصى، لكن خلال هذه الدورة فقد تضاعف هذا الرقم 5 مرات، وهذا إنجاز حقيقي.
{ النتائج التي حققها الرجاء أدت إلى إقبال كبير على التذاكر، كيف تحكمتم في عملية بيع التذاكر؟ أولا، حددنا منذ البداية ثلاثة أصناف من التذاكر، وكانت تباع عبر الانترنت وفي نقاط البيع 16 في المدن المغربية، وأكدنا بأن لكل شخص الحق في شراء أربع تذاكر، وبعد الإقبال الكبير قلصنا هذا العدد، وأصبح من حق كل شخص أن يشتري تذكرتين حتى يتمكن أكبر عدد من المشجعين من شراء التذاكر.
{ في السياق نفسه، كم بلغت كلفة تنظيم كأس العالم للأندية؟ أولا، الذي وضع ميزانية تنظيم كأس العالم هي وزارة المالية. هذه الميزانية التي تنقسم لقسمين؛ الأول يتعلق بالاستثمار، حيث قمنا ببناء ثمانية ملاعب للتدريب، لأن قانون «فيفا» يفرض بضرورة وجود خمسة ملاعب للتدريب مع كل ملعب رئيسي، ثم إصلاح الملاعب الرئيسية، ثم شراء المعدات الرياضية من أجل الفرق المشاركة، كما أننا قمنا بتجهيز مكاتب للصحافيين الذين قدموا لتغطية الحدث. وقيمة كل هذه الاستثمارات هي 70 مليون درهم. ثم هناك الجانب المتعلق بالتسيير؛ أي التغذية، حيث أننا قمنا بتوفير التغذية لأكثر من 1300 شخص في كل مباراة، كما أن هناك الإيواء والنقل، إذ خصصنا له غلافا ماليا بقيمة 60 مليون درهم؛ أي أن الغلاف المالي الأولي لتنظيم الدورة بلغ 130 مليون درهم.
{ فيما يخص حقوق البث التلفزي، من كان المسؤول عنه؟ «فيفا» هو من يملك حقوق البث التلفزي، وهو من باع جميع حقوق البث لشبكة الجزيرة الرياضية، ونحن لم نتدخل في هذا الأمر، لكننا توسطنا للتلفزة المغربية من أجل الحصول على حقوق بث المباريات بأثمنة تفضيلية، وبالتالي فالمغرب لم يتدخل في بيع حقوق البث.
{ فكم بلغت عائدات الإشهار؟ ظx عملية تنظيم الإشهار تمت ما بين الاتحاد الدولي وبين اللجنة المنظمة وبين الشركات التي تريد الإشهار، وكان لدينا 5 شركات رئيسية ظلت علاماتها تحيط بالمعلب، وكان الثمن الذي دفعته كل شركة هو 5 ملايين درهم، أي أن المداخيل الأولية للإشهار بلغت 25 مليون درهم، إضافة إلى الإشهار غير المباشر. هذا وأشير إلى أننا لم نجمع بعد كل مداخيل الإشهار.
{ الآن، وبعد نهاية الدورة، ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف بالنسبة للمغرب في مجال التنظيم؟ أولا، يجب الإشارة إلى الإشادة التي حظي بها المغرب على لسان رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر، الذي قال بأن هذه الدورة كانت من أحسن الدورات، وبأن المغرب قادر على استضافة كأس العالم 2026، كما أن المغرب لم تكن لديه الخبرة في مجال تنظيم مثل هذه التظاهرات. الآن نحن نتوفر على هذه الخبرة، وبخصوص النقاط التي يجب الحفاظ عليها هي الملاعب وملاعب التداريب التي أصبحت جاهزة، كما أننا نتوفر على بنية تحتية قوية، ثم هناك التنسيق بين جميع مؤسسات الدولة الذي كان قويا. أما بخصوص النقاط التي يجب تحسينها فهي طريقة الدخول للملاعب، مثلا في أوروبا فالملاعب تفتح أبوابها ساعة قبل المباراة، ويدخل أكثر من 50 ألف متفرج. نحن لا يمكننا أن نفتح الملاعب قبل ساعة، ولكن نحتاج لمدة أطول، وهذه نقطة تحتاج لتطوير. النقطة الثانية وهي الإشارات في الملاعب وحول الملعب، كما أنه علينا أن نخلق عادات جديدة من أجل الدخول للملاعب، لأنه خلال هذه الدورة استعملنا التذاكر التي تحمل إشارة إلكترونية والعديد من الناس لم يتعودوا بعد على استعمال هذه التذاكر ووضعها بشكل جيد أمام آلة فحص التذاكر؛ الأمر الذي يفضي إلى أنه في كل ساعة يدخل حوالي 200 شخص، في حين أن المعدل في أوروبا هو 500 شخص في كل ساعة. وهذا أمر يجب الاشتغال عليه في البطولة الوطنية، حتى يتعود عليه المتشجعون. وأخيرا، هناك أرقام المقاعد في الملعب، حيث يجب تجهيز مقاعد الملعب بأرقام، ثم يجب أن نشتغل على توجيه المشجعين حتى يعرفوا أماكنهم بسهولة.
{ كيف تعاملتم مع وصول الرجاء البيضاوي إلى نصف النهائي والإقبال الجماهيري الكبير على مدينة مراكش؟ بعد تأهل فريق الرجاء البيضاوي إلى نصف النهائي عقدنا اجتماعا مع السيد والي مدينة مراكش وجميع المصالح الأمنية في المدينة، من أجل تنظيم المرور واستقبال الجمهور القادم من مدينة الدارالبيضاء. هناك، من سيدخل المدينة قبل التوجه إلى المعلب ومن سيتوجه مباشرة، وبالنسبة للأوائل خصصنا حافلات تقلهم إلى المعلب، ثم تعيدهم للمدينة. ويجب ألا ننسى بأنه خلال آخر يوم كان لدينا أربعة جماهير، وحرصنا على سلامة الجميع. وفي مسألة الأمن والتنظيم يجب أن أشيد بجمهور الرجاء الذي أعطى درسا في التشجيع، وساهم في إنجاح هذه التظاهرة.
{ ماذا لو لم يتأهل الرجاء البيضاوي إلى الأدوار النهائية؟ هل كانت ستنجح الدورة بنفس الحجم؟ أكيد أن النتيجة الرياضية هي التي ساعدت بشكل مهم في إنجاح هذه التظاهرة الكروية، وفي هذه الدورة كانت النتيجة الرياضية حاضرة، إضافة إلى الجانب التنظيمي الذي كان في المستوى، والجانب الأمني أيضا كان قويا. كل هذه العوامل ساهمت في إنجاح الدورة، لكن أكيد أن وصول الرجاء للنهائي هو الذي أعطى زخما كبيرا لهذه الدورة.
{ هل ساهمت هذه الدورة في إنعاش السياحة؟ نحن الآن نشتغل مع المكاتب الجهوية لوزارة السياحة لمعرفة أعداد السياح الذين قدموا لمتابعة نهائي كأس العالم، لكن مبدئيا خلال أيام المباريات كانت جميع الفنادق مملوءة، خاصة في مراكش، وكان هناك رواج اقتصادي حقيقي، لكن التوقعات التي وضعناها حول عدد السياح لم نصل إليها، وذلك لأننا لا نتوفر على الخبرة الكافية في مجال تنظيم هذه التظاهرات الرياضية، لأننا كنا نعول على الجمهور المصري بأن يحج بكثرة، لكنه لم يحضر بقوة، والجمهور الصيني أيضا لم يحضر بقوة، ونفس الأمر بالنسبة للجمهور الألماني الذي لم يحضر للمغرب بالشكل المطلوب.
{ هل يمكننا القول بأن الرجاء هو من أنقذ هذه الدورة؟ المهم بالنسبة لنا هو الرواج الاقتصادي، وهذا ما تحقق في مدينة مراكش عندما حج عدد كبير من المغاربة إلى المدينة واستهلكوا، مما ساهم في خلق حركة اقتصادية كبيرة، كما أن السياح القادمين قاموا بالاستهلاك، أي أن المدينة استفادت من هذه الدورة على الصعيد الاقتصادي. وهذا هو المهم.
{ بعد نهاية الدورة ماذا كان تعليق «فيفا» على التنظيم؟ الاتحاد الدولي هنأ المغرب على التنظيم، وقال لنا بأن الدورة كانت ناجحة، وهذا ما عكسه تصريح جوزيف بلاتر، حيث أن البطولة أظهرت الإمكانيات التنظيمية للمغرب، ودعني أقول لك بأنه بسبب حسن التنظيم حزنا على تأكيد «فيفا» بأننا سنقوم بتنظيم دورة 2014 التي لم تكن مضمونة للمغرب، ولو لم نوفق في التنظيم كان بإمكان «فيفا» أن تسحب الدورة القادمة من المغرب. قدمنا صورة تفيد بأن المغرب قادر على أن يستضيف تظاهرات دولية، فهناك العديد من الاتحادات الكروية القارية تطلب من المغرب بأن ينظم العديد من الدورات الكروية، وستفتح لنا الباب أمام تنظيم تظاهرات ثقافية وفنية عالمية. والآن، سنتقدم باقتراح بأن يتم تنظيم الدورة القادمة لكأس العالم للأندية 2014 في كل من الرباط وطنجة، ونحن ندرس هذا المقترح مع «فيفا».