مخلي: إبقاء الإشراف المالي والإداري بيد الوزارة يتعارض مع المبادئ الدولية الخضرواي: هناك مفارقة جعل القضاة مسؤولين عن إنتاج العدالة دون أن يشرفوا على تمويل هذا الهدف بعد أسابيع من المشاورات والنقاشات الماراطونية حول مسودة مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقة بالقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ كشفت وزارة العدل والحريات عن النسخة الجديدة المتضمنة للتعديلات التي اقتنعت بها الوزارة بعد جلسات الحوار الموسعة مع القضاة. المسودتان الجديدتان حملتا كثيرا من المستجدات التي سبق لوزير العدل والحريات أن بشر بها خلال يوم دراسي انعقد مؤخرا في الرباط، إلا أن وزارة العدل تمسّكت بحقّها في الإشراف ماليا وإداريا على محاكم المملكة، وتعيين مسيّر إداري لكل محكمة، يتولى تدبير هذه الجوانب، تحت إشراف المسؤول القضائي. مقتضى يتعارض مع ما كان ممثلو الودادية الحسية للقضاة، قد طالبوا به في اليوم الدراسي الأخير الذي نظمه المرصد المغربي لاستقلال السلطة القضائية؛ حيث طالب محمد الخضراوي، بمنح القضاة استقلالا ماليا وإداريا تاما عن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل. مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ينص على إحداث آلية للتنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل في مجمل شؤون منظومة العدالة، تعمل تحت إشراف كل من الرئيس المنتدب للمجلس والوزير المكلف بالعدل، يحدد تأليفها واختصاصاتها بقرار مشترك لهما. كما نص المشروع على أن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل تتولى الإشراف الإداري والمالي على المحاكم، "بما لا يتنافى ومبدأ استقلال السلطة القضائية ؛ وتعين مسيرا إداريا يتولى مهام التدبير والتسيير الإداري بالمحكمة تحت إشراف المسؤول القضائي". مقتضيات قال رئيس نادي قضاة المغرب، ياسين مخلي، إنها تنطوي على غموض كبير، مشددا على ضرورة توضيح كيفية التنسيق بين السلطتين في القانون التنظيمي وعدم ترك ذلك لقرار لاحق. "هذه الصيغة الجديدة لا تحمل أي تطوّر في الاستقلال الحقيقي للسطة القضائية، مع إبقاء الإشراف المالي والإداري بيد الوزارة، وهو ما يتعارض مع المبادئ الدولية في هذا الإطار" يقول مخلي، مضيفا أن مقتضى آخر ينصّ عليه الفصل 71 من مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يفرغ السلطة القضائية من استقلالها، وهو الذي ينص على العمل ب"التقارير التي تعدها السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حول مستوى أداء المسؤولين القضائيين بشأن الإشراف على التدبير والتسيير الإداري للمحاكم". من جانبه محمد الخضرواي عن الودادية الحسنية للقضاة، قال إن القول بأن القضاء سلطة مستقلة يفترض بأن هده السلطة لها القدرة على إدارة نفسها وتسيير عنصرها البشري والمالي. مضيفا أن هناك مفارقة تتمثل في كون القضاة مسؤولون عن إنتاج العدالة دون أن يتحملوا أية مسؤولية بخصوص تمويل هذا الهدف، والجهاز التنفيذي مسؤول عن التمويل دون أن تكون له أية كلمة بخصوص المنتوج من جانب آخر، كرس المشروع مبدأ وحدة القضاء، حيث يؤلف السلك القضائي بالمغرب، حسب المشروع الجديد، من هيئة واحدة تشمل قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة العاملين بمختلف المحاكم، كما حدد الوضعيات التي يمكن أن يوجد فيها القضاة؛ فيما يوضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة. وموازاة مع وضعية كل من الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها اللذين يعينهما الملك لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ويرتبان في الدرجة الفريدة، نظم المشروع توزيعا جديدا لمناصب العمل التي يتولاها القضاة من خلال إعادة تسمية أعضاء السلك القضائي، وحدد الدرجات التي يتطلبها كل منصب. وتضمن المشروع أحكاما انتقالية، تتعلق أساسا بتاريخ دخول القانون التنظيمي للمجلس حيز التنفيذ، حيث ميز بين المقتضيات الخاصة بانتخابات ممثلي القضاة والتي تسري ابتداء من تاريخ نشر القانون المذكور بالجريدة الرسمية، وبين باقي المقتضيات التي تدخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ تنصيب المجلس. كما نص المشروع على إجراء انتخابات جديدة، تحت إشراف الرئيس الأول لمحكمة النقض، من أجل انتخاب ممثلي القضاة، وذلك فور نشر القانون التنظيمي المذكور. وأحدث المشروع منصب نائب الرئيس الأول لمحكمة النقض وباقي المسؤولين القضائيين. في الجانب الخاص بتخليق القضاء، كلّف المشروع بوضع مدونة للسلوك بعد استشارة الجمعيات المهنية للقضاة، تتضمن القواعد الأخلاقية والمهنية الأساسية اعتبارا لسمو المهمة القضائية وثقل أمانتها وجسامة مسؤوليتها، والتي تلزم القضاة بالتقيد بها. كما عهد المشروع للرئيس المنتدب مهمة تتبع وتقدير ثروة القضاة بواسطة المفتشية العامة للشؤون القضائية "وللمجلس أن يتابع تأديبيا كل قاض ثبتت زيادة ممتلكاته، خلال فترة ممارسة مهامه، زيادة ملحوظة لا يستطيع تبريرها بصورة معقولة".