يبدو أن الجدل حول منظومة التربية والتعليم في المغرب بدأ ينحو مناحي جديدة، حيث أعلن مجموعة من المثقفين والسياسيين وقادة الحركة الوطنية اليوم تقديمهم لوثيقة بمثابة "رؤية وطنية من أجل إصلاح شامل لمنظومة التربية والتكوين." تقديم المبادرة الذي تم صباح اليوم بالرباط، عرف مشاركة مجموعة من الأسماء الوازنة من الموقعين عليها، كعبد الكريم غلاب، محمد سبيلا، وزير الثقافة السابق بنسالم حميش، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية اسماعيل العلوي، ووزير الاتصال السابق خالد الناصري، إلى جانب عمدة الرباط فتح والعلو، والقيادي الاستقلالي امحمد خليفة، وعبد الإله بلقزيز وغيرهم.
الوثيقة هي مبادرة جاءت حسب ما صرح به محمد سبيلا، منسق المبادرة الوطنية من أجل إصلاح التعليم من "المهمومين بالمبادرة الى إصلاح منظومة التعليم المغربية،" حيث تشكلت هذه اللجنة وحررت بيانا يتناول بالتدقيق كل مشاكل التعليم التنظيمية والبنيوية، محاولة التفكير في النقائص ومظاهر الخلل وأشكال التعثر التي تعاني منها المنظومة التعليمية وذلك من منظور وطني خالص بعيد عن أي تحيزات حزبية أو فئوية حسب سبيلا دائما.
وشدد سبيلا على كون الموقعين على الوثيقة يتداعون إلى " التفكير الجدي في إصلاح المنظومة التعليمية التي بدأت بعض الجوانب السلبية تطغى فيها على مشهدها العام،" قائلا أن هذه المبادرة لقيت استجابة كبيرة من طرف الشخصيات الوطنية والاكاديمية والمثقفين، الذين أبدوا اهتماما بهذا الموضوع. متأملا في نفس الوقت أن تكون مبادرة طويلة المدى حيث أنها ستكون مصحوبة بندوات ولقاءات مع المسؤولين لشرح مواقفها، مشيرا إلى أن المبادرة ستعمل على إثراء موقعها الالكتروني بمجموعة من الدراسات والاحصائيات حتى" لا تظل المبادرة فقط شكلا فارغا" وذلك " في اتجاه تجييش عدد أكبر من الفاعلين الثقافيين والسياسيين من أجل إصلاح التعليم."
من جهته، عبر محمد لخصاصي، الناطق الرسمي باسم لجنة المبادرة ، أن مذكرة عيوش هي "جزئية" وأن "المبادرة الوطنية لإصلاح التعليم" لا تأتي للرد عليها بل " انطلاقا من انشغال الرأي العام الوطني بتعثرات النظام التربوي وخاصة في ما يتعلق بالمدرسة العمومية، " قائلا في نفس الوقت أنه لا بد من " ذوي الاختصاص لأن التعليم لا يمكن أن يقرر فيه ناس خارج الاختصاص لكون التعليم نظاما دقيقا."
وأضاف بوخصاص عن مبادرة عيوش دائما "لا نعتبر هذه المبادرة ذات موضوع، فهو يتكلم عن الدارجة، وهذه جزئية في مجموع النظام التربوي ثم أن أي نظام تربوي لا يمكن أن يكون إلا باللغة الوطنية وهي الحاملة لتاريخ ولثقافة البلد،" معتبرا أن الجدل حول الدارجة والعربية هو "جدل عقيم ولا يقدم شيئا." وقال بوخصاص ان اعلان المبادرة يتوجه إلى الرأي العام والسلطات الحكومية ولكل المهتمين بموضوع التعليم من مجلس أعلى للتعليم ووزارة التربية الوطنية والأسر .
واعتبرت المبادرة من خلال الوثيقة التي قدمتها وجود إولويات تربوية تعليمية ذات طابع استعجالي منها توسيع قاعدة التمدرس في مرحلة التعليم الأساسي وتنفيذ إلزاميته، اضافة الى النهوض بأوضاع رجال التعليم من خلال إقرار سياسة التكوين المستمر لهم، مع الحد التدريجي من التعليم الخصوصي في مرحلة التعليم الثانوي. كما ركزت الوثيقة على ضرورة تحسين وتطوير التنوع اللغوي في النظام التربوي انطلاقا من المرجعية الدستورية. و طالب الموقعون على الوثيقة بتأطير السياسة التعليمية المقررة بقانون إطار يمكن من الالتزام الصارم والتطبيق الحازم للتوجهات التربوية المقررة استنادا إلى ما اسموه بدروس الماضي فيما يتعلق بمحدودية التطبيق الفعلي للإجراءات الإصلاحية المقررة.