تزامنا مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة العربية السعودية، تسود في الولاياتالمتحدةالأمريكية حالة من الجدل الواسع حول تقرير سري يزعم ضلوع السعودية في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. أثار تقرير أعدته لجنة حكومية أمريكية حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر ردود فعل متباينة داخل الولاياتالمتحدة، حيث يشير إلى احتمال تورط السعودية في الاعتداءات التي ضربت الولاياتالمتحدة عام 2001 ، والتي غيرت الكثير من المعطيات على الساحة السياسية الدولية. فالتقرير الذي صدر في 28 صفحة وقدم لأعضاء الكونغرس الأمريكي طرح فرضية حصول منفذي الهجمات على دعم من مسؤولين في المملكة السعودية. وإن كانت الإدارة الأمريكية لم توجه أي اتهام رسمي لمسؤولين سعوديين بالضلوع في الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة، فإن الصورة السائدة عن الرياض في الأوساط الغربية تتهم المملكة بتمويل الجماعات المتطرفة وبدعم ونشر الفكر السلفي في العالم العربي. وبدأت الأمور تتصاعد بعد إذاعة قناة "سي بي أس" الأمريكية مقابلة مع السيناتور السابق بوب غراهام الذي شارك في كتابة التقرير، حيث ألمح السيناتور إلى احتمال تورط أطراف سعودية في الهجمات. وحينما سأله المذيع عن مقصده من "أطراف سعودية"، وهل المقصود الحكومة السعودية أم بعض رجال الأعمال أم مؤسسات خيرية، أجاب: "هو مزيج بين كل هذا"، دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وبعد هذه التصريحات المثيرة للجدل، أعرب عدد من أهالي ضحايا الهجمات عن استياءهم مما اعتبروه محاولة الحكومة الأمريكية طمس الحقائق حفاظا على العلاقات الخارجية للولايات المتحدة، وتساءلوا عن سبب عدم نشر التقرير حتى الآن، مرجعين ذلك إلى وجود "صفقة ما". وأمام ضغط الأهالي وعدد من النواب الديمقراطيين، أعلن الرئيس أوباما أن إدارته تعكف على مراجعة ذلك التقرير بجدية. مشروع قانون يقاضي السعودية وتصاعد التوتر الناجم عن تصريحات السيناتور السابق بوب غراهام داخل الكونغرس الأمريكي الذي وجد نفسه متهما بإخفاء الحقيقة عن أسر ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولمحاولة امتصاص غضب الأهالي، قدم النائبان جون كورنين وشاك شومر مشروع قانون يقضي بمقاضاة الدول الأجنبية الضالعة في هجمات 11 سبتمبر والسماح للمحاكم الأمريكية بقبول دعاوى تعويضات ضد تلك الدول، دون الإشارة صراحة إلى المملكة العربية السعودية. غضب سعودي وبالرغم من أن مشروع القانون لم يذكر دولا بالاسم، فإن السعودية استشعرت أنها المقصودة من ورائه. وردا على "التجاوز الأمريكي بحق المملكة" حذر وزير الخارجية السعودية عادل الجبير من مغبة تمرير مثل هذا القانون، مهددا ببيع الأصول والاستثمارات السعودية في أمريكا والتي تقدر بنحو 750 مليار دولار. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس أوباما بزيارة للسعودية يناقش خلالها مع قادة دول الخليج أهم قضايا المنطقة. الإدارة الأمريكية بين إعلان " الحقيقة" و "علاقاتها الاستراتيجية" وبين ضغط الرأي العام الأمريكي لمعرفة "الحقيقة" وسعي الإدارة الأمريكية "لاحتواء" الدول الكبرى في الشرق الأوسط وعلى رأسها السعودية، يجد الرئيس الامريكي نفسه أمام خيار صعب بين التزامه باحترام رغبة شعبه في معرفة حقيقة ما جرى في الأحداث الأكثر دموية في تاريخ بلاده، وسعيه إلى عدم الإضرار بالعلاقات الأمريكية السعودية.